نشر بتاريخ: 07/12/2017 ( آخر تحديث: 07/12/2017 الساعة: 13:16 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
- مرة اخرى يتوهم الأمن الاسرائيلي أن لديه القدرة على ضبط وفهم تحركات الشارع الفلسطيني، ومرة اخرى يقنع نفسه بأن ادوات قياسه هي الصحيحة، مع العلم ان الشارع الفلسطيني صاحب تجربة وخبرة في مقارعة الاحتلال، وهو الذي يختار طريقة التعبير عن نفسه من دون ان يحتاج لأية سلطة او حكومة. والأيام والأشهر القادمة ستثبت للامن الاسرائيلي انه واهم، وان الغضب الشعبي الفلسطيني والعربي ضد ترامب وضد نتانياهو وحكومته لن يتم التنفيس عنه بثلاثة أيام غضب تنتهي صباح السبت، وانما يجب التعامل مع الشارع الفلسطيني أنه حي وذكي وناشط ومخاتل، يعرف متى يتقدم ومتى ينسحب، متى يدافع ومتى يهجم، وان الأحداث التاريخية الابرز التي وقعت في البلدان العربية خلال السنوات السبع الماضية لم يتوقعها أي جهاز مخابرات، وحتى التنظيمات الفلسطينية التي ابتعدت عن الشارع الفلسطيني تخطئ أحيانا في قراءة المشهد، لأن الشارع الفلسطيني ليس ريموت كونترول يضغطون عليه فيخرج تظاهرات، ويضغطون عليه مرة أخرى فيوافق على التنسيق الأمني والسكون، هذه مثالية ذاتية تعكس ابتعاد القيادات عن الشارع وعدم فهمها لحركة الجماهير.
- ان الاضراب الشامل يوم الخميس، خلق صورة تعبيرية سيميائية تساوي ألف تظاهرة، ويكفي للمراقب أن يرى الاضراب في القدس حتى يعرف بالانطباع البسيط أن القدس ليست لليهود، ولو كتبوا عهودا ووثائق بنخاع عظام بلفور واجداد ترامب، فان هذا لن ينفعهم ولا صلة له على الارض.
- ان فتح المستوطنين اليهود لزجاجات الشمبانيا، والاحتفال بوعد ترامب الجديد، لا تعدو عن كونها احتفالات سخيفة لا تعني شيئا، انها تشبه فرحة شخص مغفل حصل على شهادة ذكر من وزارة الصحة، وخرج للاحتفال أمام العالم أنه من فصيلة الذكور، اليهود لن يشكّلوا دولة لانهم لا يمكن أن يشكلوا دولة، وهم مجرد أقلية "خبيثة" و"باطنية" لا تملك القدرة على قبول الاّخر، ولا تملك مقومات الدولة حتى وان امتلكوا سلاح العالم، فالدولة مفهوم حضاري انساني ثقافي اقتصادي وسيكولوجي وليست مخازن سلاح، ومن ناحية تاريخية سنجد أن الدروز في هذه البلاد لديهم فرصة أفضل من اليهود على اقامة دولة، والمسيحين في هذه البلاد، والطوارق، والبربر، والاكراد والأقباط وكل الاقليات العربية لديها فرصة أفضل من اليهود.
- واضح من خطاب ترامب يوم الاربعاء 6 ديسمبر أن اليهود نجحوا في احتلال الولايات المتحدة الامريكية، وأن لديهم فرصة ليحكموا تلك البلاد أكثر من فرصتهم لحكم فلسطين، ويبدو أن الشعب الامريكي مبسوط ومستباح ومستعد وغير مستاء من حكم اليهود لهم، ونحن غير مستاءون أيضا من احتلالهم لامريكا، مبروك على الشعب الامريكي الانتداب اليهودي الجديد على البيت الابيض، ومبروك للحركة الصهيونية حكمها لواشنطن، لكن هذا لن يعطيهم أي شرعية هنا، فلسطين مقلى يغلي بالزيت واذا أراد اليهود ان يناموا في مقلى الزيت فليجربوا ذلك و "ما نيل الخلود بمستطاع".
- يشعر اليهود والمستوطنون بضرورة الاسراع في الاحتفال والفرح، تماما مثل لص حصل على وثيقة مزورة بالملكية.. فيما لا يشعر الفلسطينيون والعرب أنهم في عجلة من أمرهم لاثبات ملكيتهم، وهذا يفسر ارتباك الاسرائيليين وهدوء أعصاب العرب، فالعربي في فلسطين لا يعاني من عقدة الفناء، اما اليهودي فينام وبندقية الام 16 تحت مخدته.
- وزراء اسرائيل ومكتب نتانياهو انشغلوا طوال أمس في محاولة اقناع المشاهدين أن العرب يتآمرون على القضية الفلسطينية، وان ما قاله ترامب كان بالتنسيق مع العواصم العربية وزعماء السنة، وهذا غير صحيح بتاتا، حتى ان التلفزيون الاسرائيلي يطلق على الامير ولي العهد السعودي اسم M B S اي محمد بن سلمان، وقد حاول وزراء ومكتب نتانياهو الايقاع بين مصر والاردن والسعودية وباقي الدول وانهم خانوا الفلسطينيين الذين بقوا ضائعين لوحدهم الان بعد الصفعة التي وجهها لهم ترامب، الاشهر القادمة ستثبت لنتانياهو وزبانيته انه لا يكون اي حل عربي من دون البوابة الفلسطينية، وان كل هذا الجهد الاعلامي والسيكولوجي الصهيوني ينتهي بصيحة ( الله أكبر ) في اول تظاهرة في المسجد الاقصى.
- لا تزال القيادة الفلسطينية تعاني من سوء التنسيق وخلل الاداء. الرئيس دعا لاجتماع تشاوري. حماس سارعت لاطلاق انتفاضة واعطتها اسم. الجهاد دعا لكفاح مسلح.. فتح دعت لهبة شعبية... على القيادات ان تضبط نفسها أكثر وتتعلم كيف تعمل كفريق موحد.. فالارتجالية لن تقودنا الى النصر.. وممنوع على أي قائد أن يفقد اعصابه.. لان الشعار واضح وبسيط:
سيبكون ونبقى.