الكاتب: جميل السلحوت
معروف أنّ الرّئيس الأمريكيّ ترامب لم يكن سياسيّا فيما مضى من حياته قبل استلامه الرّئاسة الأمريكيّة في الانتخابات الرّئاسيّة الأمريكية الأخيرة، لكنّه معروف كرجل اقتصاد يملك مليارات الدّولارات، ووصوله إلى الرّئاسة الأمريكيّة يؤكّد من جديد أنّ رأس المال هو من يحكم أمريكا، وقد عرف قبل وصوله للرّئاسة بعجرفته في التّعامل مع العاملين في شركاته، وبمقولته الشّهيرة: "أنت مفصول من العمل" التي تتصدّر إحدى برامجه التّلفزيونيّة" you are fired"، ولجهله في السّياسة وتبعاتها، فقد أراد دخول التّاريخ من بوّابة اسرائيل ربيبة أمريكا، فإذا كان الرّئيس ترومان أوّل من اعترف بقيام دولة اسرائيل فور إعلانها في 15-5 1948، فإنّ ترامب يطمح أن يكون أوّل رئيس أمريكيّ يريد أن يحقّق الأطماع الصّهيونيّة التّوسّعيّة من خلال اعترافه يوم 6-12-2017 بالقدس عاصمة لاسرائيل، دون تقدير لعواقب ذلك القرار على أمريكا وحليفتها اسرائيل قبل غيرهما. ولجهله في التّاريخ والسّياسة ولإيمانه هو وغالبيّة أصحاب القرار في إدارته بالفكر الصّهيونيّ، والغيبيّات التي يرتكزون عليها، رغم وجود مراكز أبحاث تخطّط للسّياسة الأمريكيّة، فقد ارتضوا أن يقفزوا على القانون والشّرعيّة الدّوليّة؛ ليقفوا في مواجهة العالم جميعه بخصوص القدس، على غير ما كان يتوقّعه ترامب وإدارته. معتمدين على قوّة الهيمنة الأمريكيّة على العالم، يشجّعهم في ذلك موقف وكلائهم من العرب المتصهينين، الذين لم يجرؤوا يوما أن يقولوا لأمريكا "لا" بالفم الملآن. لكن ترامب وأتباعه لم يفكّروا يوما بما تعنيه "القدس" في وجدان مسلمي ومسيحيّي العالم، ولا ما تعنيه في الوجدان العربيّ. وهذا ما ظهر في مواقف غالبيّة دول العالم وفي مقدّمتها الدّول الأوروبّيّة من قرار ترامب بخصوص القدس. فحتّى الدّول الحليفة لأمريكا، والتي لا تتعارض سياساتها مع السّياسات الأمريكيّة وقفت ضدّ قرار ترامب بوضوح تامّ، وذلك حرصا منها على القانون الدّوليّ والسّلم العالميّ.