نشر بتاريخ: 18/12/2017 ( آخر تحديث: 18/12/2017 الساعة: 16:27 )
الكاتب: عوني المشني
ما هي افضل السبل لانجاح الانتفاضة وكيف سنزيل اي عوائق من امامها ؟؟؟ . ما يحدث يجعل من الانتفاضة حدثا يشكل فيه الشعب الفلسطيني في الوطن الصاعق الذي سيفجر كل الغضب والرفض والتمرد على الهيمنة الامريكية في العالم اجمع ، ما يحصل في اليابان وامريكيا وفرنسا والجزائر والأردن والباكستان وإيران ومختلف عواصم العالم لا يعبر عن تضامن مع الفلسطينيين ورفض لقرار ترامب بشأن القدس فقط بل هو ايضا تعبير عن رفض الهيمنة الامريكية والتمرد عليها ، لهذا فان مواصفات ما يحدث تعكس نفسها على قيادة هذا الفعل الذي هو اكبر من انتفاضة فلسطينية وان كان لفلسطين شرف تفجيره وإعطاء صفة الديمومة والاستمرارية .
لعل أسوأ ما يمكن ان يكون هو اقتصار قيادة هذا الفعل الاممي على الفلسطينيين سواء فصائل او حتى مؤسسات ، فالحدث وان بدا فلسطينيا من حيث أسباب الانفجار فان البعد الدولي قد اصبح ذو أهمية قصوى ، وهناك اكثر من سبب لهذا الموقف ، وليس اهم تلك الأسباب ان ترامب بسياسته قد فتح معارك مختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي مع جهات متعددة ، المرأة ، المسلمين ، السود ، القطاعات الفقيرة ، هذا على صعيد الداخل ، اما خارجيا فهناك تناقض حاد بين سياسته والاتحاد الاوروبي والمكسيك وأستراليا ، والعالمين العربي والإسلامي ، وروسيا والصين ، وعديد من الدول الاخرى ، اضافة لكل هذا فان سياسته التوتيرية وجعل العلاقات الدولية على حافة الهاوية كما هو مع ايران وكوريا الشمالية يضيف سببا جوهريا لجعل جبهة عالمية ضد سياساته المتهورة .
ان أسباب وجود جبهة عالمية ضد سياسات امريكيا متوفرة وقوية وتقاس قدرة الفلسطينيين على النجاح في خلق التفاف من هذه الجبهة حول موقفها الرافض لسياسات ترامب بشأن فلسطين . ليس هذا فحسب بل ان تحول قضية فلسطين الى قضية رمزية للكفاح من الحرية والاستقلال على مستوى العالم اصبح أمرا يفرض نفسه على كل المستويات وهذا مصدر قوة للفلسطينيين ويعزز كفاحهم ويخلق جبهة عالمية لصالحهم ، ولكن هذا يضيف عليهم مسئولية اكبر من حيث كيفية الحفاظ وتطوير تلك الجبهة العالمية ، وأول تلك المسئوليات هو إيجاد إلية تقود هذا الفعل الاممي ، ان تشكيل قيادة لا مركزية وموزعة على قارات العالم يجعل من هذا التمرد العالمي على الهيمنة الامريكية مسئولية عالمية ومصلحة عالمية ، وعندما تصبح لكل المجاميع الكفاحية في العالم مصلحة في إنجاح هذا التحرك سيضاعف هذا فرص النجاح ، سبب اخر هو اخراج القيادة من تأثير الجغرافيا السياسية ، هذا الجغرافية التي تضع للقيادات سقوف تهبط بارتفاع وتيرة التهديدات او بزيادة الامتيازات ، ان قيادة عالمية متحررة من هذا التأثير ستعطي افضل وستبقي على السقف عاليا وغير متأثر بسلطة الجغرافيا السياسية ، وهناك سبب ثالث وهو ان قيادة لا مركزية مطلة على الواقع كل في موقعة تعطي المجال واسعا لتنويع وتوسيع وتعميق دائرة الفعل ، ويجعل إمكانية حصار تلك القيادة أمرا مستعصيا بل مستحيلا .
لتعزيز هذا الوضع من المفيد ان يكون لكل من مجاميع التحرك شعارته الخاصة الى جانب شعار إسقاط قرارات ترامب ، اي ان يكون شعار إسقاط قرارا ترامب بشأن القدس شعارا مركزيا لحركة الاحتجاج في كل العالم وبجانبه كل مجموعة تضع الشعارات الخاصة بها ، مسألة اخرى وهي دمج الحراك الشعبي والسياسي والدولي والمحلي ، باستخدام اليات متنوعة ومنظمة ، الاعتصام والمظاهرة والتحرك في المؤسسات الدولية ، وتوجه المدن لعمل توأمة بين القدس والمدن الاخرى في العالم وعبر محافظ القدس فلسطينيا ، المقاطعة وتوسيع دائرتها ليشمل المقاطعة للبضائع الامريكية ، والآلاف الأشكال الاخرى ، ان الاستمرار وبفعالية وقوة وعدم اليأس هو كلمة سر النجاح ، ليس المطلوب عمل قوي لمرة واحدة المطلوب التدرج والارتقاء والتواصل والتنوع كل هذا في إطار التنظيم الاممي الدائم والعالي المستوى .
ان شكل التنسيق العالمي الشعبي هو الشكل الأرقى والاهم لقيادة هذا العمل وعدم رهن القيادة على فصائل سياسية ، ان مشاركة مؤسسات المجتمع المدني وفِي جهات الارض الأربعة من نقابات واتحادات طلبة وجمعيات ونوادي وبلديات ومجالس نيابية وأحزاب سياسية وحركات اجتماعية ، كل تلك يمكن عبو اطر متنوعة ومستويات مختلفة ان تكون قيادة الفعل ، ان تعويم الاطر القيادية عبر مجاميع قطرية وقارية واقليمية ومؤسساتية وبرلمانية وحزبية يجعل من غير الممكن استيعاب هذه الانتفاضة الثورة او إجهاضها او التلاعب بمسيرتها ، ان تحول الكون الى قرية كونية يجعل من هذا الشكل القيادي ممكنا بل وملائما وعصيا على الحصار او القمع او التصفية ، انه الشكل البديل للعمل الفردي العفوي او الشكل المركزي القابل للقمع او الاستيعاب ، ان العالم مهيأ ليتوحد على قضية فلسطين كرمز كبير لحالة الظلم والاضطهاد ، وتكاد قضية فلسطين تكاد تشكل القاسم المشترك بين مختلف الأيدلوجيات والأديان والقارات والأقاليم والدول والمؤسسات ، وهي الواجهة الحية والفاعلة لتحدي هذا الظلم والتمرد عليه ، وترامب بقراره هذا قد أضاء الطريق لكل هذه المجاميع وأشعل شرارة التمرد .
ليس بكثير ان تتحول فلسطين الى أيقونة الحرية لكل عاشقي العدالة والحريّة ، وهذا ما يمكن ان نساهم به بالإبقاء على جذوة الدور الفلسطيني كمحرك للأحداث وبدون فوقية قيادية فلسطينية ، والعالم كل العالم مهيأ وكل له اسبابه .
ان امريكيا لم تكن في يوم من الايام في عزلة كما هي الان ، وهذه العزلة حطت من قدرة امريكيا على التأثير عالميا واكثر من ذلك أصبحت هيبة امريكيا كدولة عظمى في الحضيض . ان الدولة العميقة في امريكيا هي اول من سيتكفل بردع ترامب عن سياسته المجنونة وذلك للحفاظ على مصالح امريكيا ، لهذا فان مزيدا من الضغوط ستعطي ثمارها وان تأخر ذلك قليلا ، ولا يوجد لدى الفلسطينيين افضل من تلك المناسبة لتحقيق ذلك ، فتعارض القرار الذي اتخذه ترامب مع مصالح امريكيا والإجماع العالمي ضده فرصة يفترض ان لا تمر للإطاحة بسياسة الانحياز الامريكية او الإطاحة بالدور الامريكي في المنطقة او وبما في العالم .