الكاتب: محمد حجازي
سألنا أستاذنا الكبير غازي الصوراني أبو جمال " مفكر فلسطيني " , سؤالا مهما برفقة أحد الأصدقاء , ماهي خيارات السلطة الفلسطينية في الوقت الحاضر بعد قرار الرئيس ترامب , بإعتبار القدس عاصمة " لدولة " إسرائيل , ونقل السفارة الأمريكية إليها , سؤال يبدو سهل لبعض السياسيين الذين يسقطون رغباتهم في السياسية , ولكن في جوهر الأمر سؤال صعب وحساس , لأن الإجابة عليه تتطلب جرأة غير عادية . حسابات السياسة و المصالح في الإقليم باتت تتحكم بالحالة الفلسطينية , فالإدارة الأمريكية لديها من القوة و التأثير على بعض العرب و غير العرب , بأن تجعلهم يبدأون بالضغط على الرئيس أبو مازن للقبول بصيغة ما تعيده إلى مسار التسوية السياسية و الرعاية الأمريكية , وقد تكون هناك إقتراحات على سبيل المثال , بان القرار الأمريكي يخص القدس الغربية و لا يمس القدس الشرقية ذات الحساسية السياسية و الدينية لدى المسيحيين و المسلمين الفلسطينيين و العرب على حد سواء , و بأن وضع القدس الشرقية ستحدده المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية اللاحقة و برعاية أمريكية , هذا بالطبع إحدى السيناريوهات المحتملة , ذلك لأن هناك وجهة نظر لدى بعض السياسيين , أن الرئيس أبو مازن الذي راهن على التسوية و على الرعاية الأمريكية طيلة حياته , لا يستطيع الإستمرار بذلك القرار الذي إتخذه بعدم العودة للرعاية الأمريكية , و رفضه لقاء الموفدين الامريكيين إلى الأبد , ولكن هذا الخيار لا يمكن أن يعطي الفلسطينيين ضمن موازين القوى الحالية أي شئ يخص القدس الشرقية , حيث تم رفض ذلك في مؤتمر كامب ديفيد الثاني في 11 تموز عام 2000 , فكيف الآن مع تحول إسرائيل إلى دولة إمبريالية صغرى في المنطقة , يقودها إتلاف حكومي هو الأشد تطرفا في تاريخها , إلى جانب ضعف العرب وهزالتهم في دعمهم للفلسطينيين , معادلة تبدو مستحيلة أمام الفلسطينيين , تؤشر بأن القضية الفلسطينية , بدأت بالتموضع في مرحلة جديدة , " ما بعد الرهان على التسوية و على الراعي الأمريكي " , هذه المرحلة وحتى تبقى القضية الفلسطينية حاضرة , وجب على الفلسطينيين تحقيق وحدتهم السياسية كجماعة سياسية واحدة لها برنامجها السياسي الواضح , و مؤسسات تستوعب الجميع , وقبل ذلك , الإقرار و الإعتراف بأن الرهان على التسوية فشل بطريقة مروعة و أن حل الدولتين إبتعد كثيرا , و من جهة أخري فشل أيضا برنامج حركة حماس " المقاومة " ووصل إلى طريق مسدود , و أصبحت غزة محكومة بمعادلة الهدوء مقابل عدم التدمير , " لاحظوا كيف تغيرت المعادلة " , من التهدئة مقابل فك الحصار , و التهدئة مقابل الغذاء , إلى التهدئة مقابل عدم تدمير قطاع غزة , و هذه المعادلة يعززها الوضع العربي الغارق بالفشل , بعد ضرب دول المركز و إشغالها بمشاكلها الداخلية , " سوريا و العراق و مصر " لصالح دول الأطراف السعودية و غيرها .