نشر بتاريخ: 01/01/2018 ( آخر تحديث: 01/01/2018 الساعة: 20:56 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
جاوز الصهاينة المدى ، وأوغلوا في قهر الشعب الفلسطيني وسرقة تاريخه ومدنه وأرضه وهويته ، وبدأوا بتنفيذ مخططات لضمان تحطيم مستقبل الأجيال الفلسطينية القادمة ، وقد استغل اليهود المستعمرون سيطرة الصهيونية العنصرية على البيت الابيض في تحطيم كل القيود الدولية التي منعتهم من نهب خيرات فلسطين وتحويل شعبها الى أسرى داخل غيتوهات تحاصرها المستوطنات . أمّأ قرار الليكود ضم الضفة ( يحاول اليهود استخدام مصطلح الضفة الغربية وغور الاردن باعتبار أن غور الاردن ليس جزء من الضفة ، وكأن القدس ليست جزءا من الضفة الغربية ) . ان قرار الليكود ضم الضفة الغربية يعني أن حكومة المستوطنين قررت فتح بورصة النهب والسيطرة أمام شركات الاستيطان، وأمام الارهابيين اليهود لسرقة ما تبقى من أرض ومياه وجبال وأغوار في الارض الفلسطينية ، وفرض أبارتهايد الحكم العسكري على الفلسطينيين لعشرات السنوات القادمة . ويمكن لنا تشبيه هذه الفترة التي نعيشها الان بفترة انتفاضة 1936-1939 . حين كانت بريطانيا ( أمريكا اليوم ) تحارب وتقهر الشعب الفلسطيني بيد، وتقوم باليد الأخرى بتسليح اليهود وتمكينهم من السيطرة على الأراضي والمدن والمطارات والموانئ .
في اذار 2015 انعقد المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله واتخذ 6 قرارات، نالت اعجاب القوى والفصائل الفلسطينية، القرارات هي : تحميل الاحتلال مسؤولية احتلاله للاراضي الفلسطينية ( ولكن المجلس المركزي لم يعرف كيف يمكن تحميل الاحتلال هذه المسؤولية طالما ان السلطة قائمة وتتحمل المسؤوليات )، ووقف التنسيق الامني مع اسرائيل ( ولكن المجلس المركزي لا يعرف كيف يوقف التنسيق الامني مع اسرائيل لان أداء السلطة مرتبط عضويا بالتنسيق مع الاحتلال ). وقرر المجلس المركزي أيضا تحديد سقف زمني لانهاء الاحتلال من خلال الامم المتحدة والمجتمع الدولي ( ولكن المجلس المركزي لا يعرف كيف يمكن دفع الامم المتحدة لتنفيذ هذا القرار في ظل وجود ترامب وزبانيته ) . وقرر المجلس رفض يهودية الدولة ، والتوجه للمحاكم الدولية ، وقرر ايضا مقاطعة المنتجات الاسرائيلية ( ولكن السلطة لا تزال تشتري الوقود والغذاء والماء والكهرباء والدواء من اسرائيل !!! ) .
لقد مرّت منظمة التحرير بظروف صعبة مشابهة لهذه في العام 1983 بعد خروج الفدائيين من لبنان الى اليمن وليبيا والجزائر وتونس . وقد عانت حينها من شح الدعم وترهل المؤسسات واهتزاز الثقة بالنفس وتناثر القيادات وعبث اجهزة المخابرات العربية والدولية بالبيت الداخلي الفلسطيني من خلال الانقسام والانشقاقات والتشكيك والاحباط و... .
ان الأزمة الراهنة أكبر بكثير من امكانيات اللجنة التنفيذية الحالية، واكبر بكثير من قدرات المجلس المركزي مع الاحترام للتاريخ النضالي لكل عضو من اعضائه ، وان المخططات الصهيونية الراهنة أخطر بكثير من مجرد قرار عابر .
وحتى منتصف الشهر الجاري، موعد إنعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في رام الله . سيقف الرئيس عباس أمام أفكار ومقترحات أخطر من بعضها البعض ، ولن يكون هناك قرارات سهلة، ولن يكفي القول بالذهاب الى المنظمات الدولية ، وسيجد أن كل الخيارات صعبة لدرجة الخطورة . وأن باقي القوى والفصائل والتنظيمات الموالية أو المعارضة تلمس وتعيش نفس الأزمة رغم العناوين الارتجالية التي تطلقها هنا وهناك . وان الإبقاء على السلطة بشكلها الحالي مصيبة ، لكن الذهاب الى حل السلطة مصيبة أكبر . والان يحتاج أبو مازن وتحتاج القضية الى أصدقاء الثورة الفلسطينية في جميع انحاء العالم ، وبحاجة الى تحالفات تاريخية عميقة تقف الى جانبه ولا تبيع ضميرها في لحظات الحسم التاريخي . والان أبو مازن لا يحتاج الى ولاءات ديماغوجية سخيفة . بل يحتاج الى كفاءات صادقة بمستوى فلسطين واهل فلسطين الطيبين .