نشر بتاريخ: 04/01/2018 ( آخر تحديث: 04/01/2018 الساعة: 17:45 )
الكاتب: موفق مطر
اسوأ الانظمة السياسية هي التي تعتقد بقدرتها على اخضاع الشعوب باستخدام سلاح التجويع، أما افسدها وأشدها قسوة وظلما، تلك التي ترفع شعارات الحرية والعدالة والديمقراطية، لكنها تساوم الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله مقابل رغيف خبز مر.
إنها الفرصة الأعظم للشعب الفلسطيني ليبرهن للعالم أن الحرية عقيدة، وروح مقدسة، ومن يفكر بالمساومة عليها فإنه كم يظن بقدرته على شراء عرش الخالق القدير.
انها اللحظة التاريخية ليسمع البزنس السياسي دونالد ترامب، ان القضية الفلسطينية، وقضية حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، وحق الشعب الفلسطيني بانجاز استقلاله وقيام دولته ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، ليست اسهما في بورصة ادارته، ولا هي صفقة تجارية حتى، فهو ان سمح لنفسه بسقوط مريع وهو ينظر لقضية فلسطين واللاجئين من ثقب الكرت الأزرق (بطاقة وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين)، فليس ذنبنا ان جاء مؤرخ او باحث في الغد القريب ليؤشر على (الأعور الدجال).
يهدد رئيس الولايات المتحدة الأميركية بقطع المساعدات عن السلطة الوطنية، وعن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، لارغام قيادتنا – حسب اضغاث احلامه – بالعودة الى خض الماء على طاولة مفاوضات يريدونها، كعملية دوران عبثي حتى نقع بلا وعي فاقدي التوازن، لتملي حكومة الاحتلال الاسرائيلي علينا شروطها، وتخضعنا لمشيئتها، ولكن هيهات أن يحققوا ذلك ما دام قائد حركة التحرر الوطنية ورئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس ابو مازن، يمضي قدما، بهداية ارادة وطموحات واهداف وثوابت ومقدسات الشعب.
يجب ان يقول أحد ما لترامب ان حركة التحرر الوطنية الفلسطينية التي حولت اللاجيء الفلسطيني الى فدائي ومناضل، كان بامكانها ارجاع البطاقات الزرقاء الى الوكالة، لكنها لم تفعل لأن هذه البطاقات هي وثيقة اقرار من الأمم المتحدة تفيد بمسؤولية المجتمع الدولي عن نكبة العام 1948 وقضية اللاجئين المتصاعدة، هو نفسه المجتمع وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية الذي رخص لإنشاء اسرائيل، وتركها حتى الآن بلا معالم ولا حدود، وأنه كرئيس للولايات المتحدة لا يمكنه قانونيا أو اخلاقيا التنصل من المسؤولية، وانه عندما يفعل ذلك سيكون كمن شارك فعلا في جريمة تهجير مليوني فلسطيني من ارض وطنهم فلسطين، وعلى ادارة ترامب أن تعلم أن تهديداتها تعني اعادة تدوير الجريمة التاريخية التي ارتكبها اسلافه الاستعماريون البريطانيون والاسرائيليون قبل سبعين عاما.
اليوم وقبل الغد يجب ان يعلم ترامب كرئيس لدولة عظمى أن اللاجئين من الشعب الفلسطيني لن يقبلوا مقابل حق العودة الولايات المتحدة ذاتها حتى لو طوب لكل لاجئ جبلا من ذهب، وأن الفلسطينيين في الوطن المحتل، في القدس والضفة وعزة، ومعهم اخوتهم في المخيمات في الأقطار العربية، واؤلئك الذين يعيشون في دول العالم لن يستبدلوا الحرية والاستقلال، والقدس، ومدائنهم وقراهم وارضهم المقدسة، برفاهية وبحبوحة او بمشاريع اقتصادية.
قد نعذر دونالد ترامب لأنه لا يدرك معنى الوطن، ولا يراه الا كصك، أو صفقة تجارية، او اوراق استثمارية قابلة للخسارة كما الربح، لكن علينا ان نعلمه درسا لا ينساه أبداً، خلاصته أننا نحن الشعب الفلسطيني نربح انفسنا، ووجودنا، وانسانيتنا عندما نصمد ونصبر ونقاوم ونتجذر في ارضنا وبيوتنا، ونحمي مقدساتنا ونبني دولتنا، ونرفع علمنا في سماء بلادنا ونمارس حريتنا وسيادتنا كما نشاء، وليس كما يشاء اي واحد آخر في هذا العالم لا يتمنى الخير لنا، وأننا لن نخسر ماضينا الحضاري، وحاضرنا المشرف، ومستقبلنا في الأمن والسلام والتقدم والحرية والعدالة والديمقراطية الذي وعدنا به اجيالنا القادمة، فالخسارة عندنا ليست في قاموس مبادئنا الوطنية، لأن الوطن والحرية وقدسنا عندنا خارج لعبة وقذارة البزنس السياسي.