الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل سيحرق ترامب الشرق الأوسط؟

نشر بتاريخ: 06/01/2018 ( آخر تحديث: 06/01/2018 الساعة: 19:23 )

الكاتب: خالد السباتين

هل سيحرق ترامب الشرق الأوسط كما أحرق نيرون روما ...!!!
سمعنا في الماضي عن الإمبراطور الروماني نيرون الذي أحرق روما وهو يجلس في برجه يشاهد ألسنة اللهب وهي تلتهم المدينة وهو يستمع الى أنغام الموسيقى مستمتعاً بذلك المشهد نعم لم يكن نيرون شخصاً طبيعياً بل كان مصاباً بجنون العظمة "ميغالومانيا" تماماً نستطيع القول ما أشبه اليوم بالبارحة فمن لم يسمع عن نيرون لم يفته شيء من درس التاريخ ولم ينقصه من مجانين العظمة أحد فهو بالتأكيد يسمع اليوم عن ترامب الذي يكاد يحرق الشرق الأوسط شيئاً فشيئاً وهو يغرّد على أنغام تويتر مستمتعاً الى ما يفعله ومتفاخراً بذلك وكأنه وصي على هذا العالم بأكمله وكأن العالم قطعة شطرنج يحرّكها كيف يشاء ووقت يشاء ...
الرئيس المغرّد خلق أزمة جديدة لا ندري كيف سيتم حلّها إن لم تزداد تعقيداً فقد كانت الخطوة التي اتخذها بمنحه القدس عاصمة لإسرائيل معتقداً أن نفوذ أميركا وقوّتها يسمح لها ذلك كجنون الخطوة التي اتخذها هتلر بإصراره على مضي جيشه نحو روسيا متجاهلاً بذلك كل المخاطر التي قد تلحق بجيشه نتيجة البرد القارص وظنّاً منه بعدم وجود شيء يثنيه عن ذلك وفي نهاية المطاف سقط الجيش الألماني على أعتاب مدينة ستالينغراد الروسية ...
وصلنا اليوم الى النقطة الأهم في مسار القضية الفلسطينية وهي الإصطدام بالولايات المتحدة ومواجهتها وجهاً لوجه فكم حاولت السلطة الفلسطينية على مرّ العقود تأجيل هذا النزال وتجنّبه لكن بإعتقادي أنهم أخطأوا كثيراً لفعلتهم هذه فكان يجب عليهم الصدام معها مبكراً وعدم الإنتظار 25 عاماً دون وجود أي تقدم فهي من جلبت لنا الخراب والدَمار فكما يعرف الجميع أن من يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل هي أميركا، ومن يدافع عنها في المحافل الدولية هي أميركا، ومن يصدر الفيتو بغير حق هي أميركا، ومن يسمح ببناء المستوطنات هي أميركا ومن سمح بجدار الفصل العنصري هي أميركا، ومن يمنع إقامة دولة فلسطينية هي أيضاً أميركا، اذاً كان لا بدّ من هذا الصراع قبل سقوط الاف الجرحى والأسرى والشهداء، قبل أن تهدم البيوت وتسلب الأراضي، قبل أن يزداد عدد البؤر الإستيطانية وتصبح الضفة سجن بفعل الحواجز، قبل أن تحاصر غزة وتقصف في حروب غير متكافأة، قبل أن يقف الطفل فارس عودة في وجه الميركافا، وقبل أن يسقط محمد الدرة شهيداً في حضن والده، وقبل أن ينتقل أبو ثريا الى جوار ربّه، وقبل أن تعتقل عهد التميمي بصفعتها التي أدمت مقلة ألاسد، وقبل أن تصبح القدس عاصمة لإسرائيل وقبل وقبل وقبل ...
اليوم إسرائيل انسحبت تماماً من معاهدة أوسلو أو حافظت على ما يخدم مصالحها منها فقد تم إلغاء المرحلة الإنتقالية الى دولة فلسطينية كما كانت تنص أما بالنسبة للمبادرة العربية الأرض مقابل السلام فإسرائيل ابتلعت الأرض ورفضت السلام فنحن أصبحنا نقدّم لهم تسهيلات من أجل السّلام لكن دون جدوى حتى بات البعض يقول أن هذا احتلال خمس نجوم ...
لكن السؤال الذي يدور في مخيّلتنا هل سيقضي هدوء الرئيس الفلسطيني أبو مازن على جنون ترامب ونتنياهو ويكبح جماحهما ؟؟
الرئيس الفلسطيني كما عهدناه يرفض كل أشكال العنف فهو متسلّح بشعبه وبمسيراته السلمية وبدبلوماسيته التي سار عليها عقودٌ من الزمن وبقرارات الشرعية الدولية والمجتمع الدولي وبمواقف الدول الصديقة العربية منها وغير العربية الى جانب القضية الفلسطينية لكنه اليوم في مأزق حقيقي بين الإستمرار في هذا النهج أو التخلي عنه بين التمسك بالسّلام والمسيرات السلمية أو تغير الموجة كليّاً نظراً لوجود فصائل رافضة كلياً لهذا النهج وكأنها تقول لأبومازن لو سمعت كلامنا من البداية لما وصلنا الى هذا الطريق ...
لا يستطيع أحد أن ينكر مستوى الإنجاز الذي حققه الرّجل حتى الان فركائز الدولة الفلسطينية أصبحت واضحة من وزارات ومؤسسات وحكومة وأجهزة أمنية وسفارات ومستشفيات وجامعات بالاضافة الى ازدياد عدد الدول المعترفة بفلسطين نضف على ذلك المنظمات الدولية التي أصبحت فلسطين عضواً فيها والجميع يعلم أنه بعد أيام قليلة سيجري عقد المجلس المركزي وسوف يتم مناقشة مواضيع هامة واتخاذ قرارات مصيرية فهل سيتم إلغاء معاهدة أوسلو ؟؟ أو هل سيتم حل السّلطة ؟؟ أو هل سيتم التوافق على المقاومة المسلحة بعد ما سمعنا عن لقاء دار بين وفد من حركة فتح والسيّد حسن نصرالله الذي يعتبر نقطة تحوّل وتطوّر استراتيجي مهم في المشهد إن صحّ الخبر؟؟ وهل سيكون هناك عودة للتنسيق الأمني؟؟ وهل سيتم الإعلان أن فلسطين دولة تحت الاحتلال ؟؟ وكيف سيتم التعامل مع الاحتلال في المرحلة المقبلة ؟؟
كل هذه الاسئلة نستطيع الإجابة عليها بعد الإنتهاء من عقد المجلس المركزي و معرفة القرارات التي ستصدر عنه ...
وأود أن أشير هنا في حال بقيت حكومة المتطرفين وعلى رأسهم نتنياهو بهذا الشكل وفي حال لم تتراجع الولايات المتحدة عن قرارها الذي اتخذته والتوقف عن إنحيازها التام لإسرائيل فلن تهدأ المنطقة والقادم سيكون أعظم فما أكثر المجانين في زماننا هذا وما أقل العقلاء فيجب أن ننتهز هذه الفرصة التاريخية من إلان ترامب للتخلص من أعباء وقيود الولايات المتحدة ولتصحيح الأخطاء الماضية وتوحيد الجبهة الداخلية ومعرفة العدوّ من الصديق ومعرفة من سيقف معنا ومن سيقف ضدنا لمعرفة من سيخذلنا ومن سيؤيدنا فالمواقف الحقيقية هي التي ستحدد المستقبل فلا شيء قبل القدس ولا شيء بعد القدس إن لم تكن القدس عاصمة لدولة فلسطين فلن ينتهي هذا الصراع ولن يعم السلام في المنطقة ...