الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

التحول إلى دولة تحت الإحتلال..

نشر بتاريخ: 07/01/2018 ( آخر تحديث: 07/01/2018 الساعة: 10:23 )

التحول إلى دولة تحت الإحتلال في مرحلة ما بعد التسوية و الرعاية الأمريكية

كان عام 2017 ثقيلا على الفلسطينيين، لم يتم إنجاز المصالحة ووحدتهم كجماعة سياسية واحدة بالرغم من المحاولات العديدة، خلق هذا واقعا مريرا عكس نفسه على كل المجالات، وكان قرار الرئيس ترامب بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها ذروة المأساة الفلسطينية، فالراعي الأمريكي غدر بالفلسطينيين وقدم القدس هدية للإسرائيليين في مشهد سيقف عنده الفلسطينيون طويلا، هذا القرار الأمريكي شجع نتياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية ورئيس حزب الليكود على تبني قرارا بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية  على أن يصبح القرار ملزما لهيئات وممثلي الليكود في الكنيست وفي الحكومة وفي كل لجنة ومؤسسة ومنبر، ولم يقف القرار عند ذلك بل منع أي ليكودي في المستقبل من الحديث عن حل الدولتين، هذا القرار تصعيد غير مسبوق وضرب واضح لحل الدولتين ولكل قرارات الشرعية الدولية.
بدون أدنى شك أن الفلسطينيين يدخلون عام 2018 الذي سيكون بمثابة مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها كثيرا عناوين المرحلة : أن هناك تغيرا جذريا في رؤية الإدارة الأمريكية إزاء الصراع العربي الإسرائيلي من راعي لعملية سلام إلى تبنى كاملة للرؤية الإسرائيلية، والقائم على ركائز عدة لا للدولة الفلسطينية، ولا للقدس ولا لعودة اللاجئين أي أن الضفة الغربية والقدس الكبرى جزءا من إسرائيل، هذه الرؤية مدعومة بالراي العام الإسرائيل الذي ينزاح بغالبيته إلى اليمين واليمين المتطرف إلى جانب أن قرار الرئيس ترامب حول القدس مدعوما وبشكل كبير من قبل مجلسي النواب والشيوخ، وبالتالي الرهان على التسوية بشكلها الحالي "رعاية أمريكية" ضرب من الجنون.
الحديث عن البحث عن رعاية غير الأمريكية إستنادا لموقفها وقراراها من القدس يحتاج إلى تدقيق، إن أي راعي لعملية السلام سواء أوروبا أو الأمم المتحدة تحتاج إلى موافقة إسرائيل، الأمر الذي يحتاج جهدا وضغوطا دولية هائلة على إسرائل للقبول بها وبالطبع من غير المجدي المراهنة على هذه الضغوط، إذا نحن فعلا إزاء مرحلة جديدة، مرحلة مابعد التسوية والرعاية الأمريكية، الذهاب لمجلس الأمن وللجمعية العامة للأمم المتحدة والإنضمام لكافة الإتفاقيات والمعاهدات والمؤسسات الدولية، شيء هام يجب المحافظة عليه حتى تبقى القضية الفلسطينية حاضرة في العالم.
العالم تحكمه حسابات السياسة والمصالح، المعارضة الدولية للقرار الأمريكي شيء مهم أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، ولكن مواقف الدول تتغير مع تغير المصالح والحسابات، فعلى سبيل المثال لو أعدنا طرح عضوية فلسطين الكاملة في مجلس الأمن الدولي ليس من المضمون أن تصوت معك كل دول الإتحاد الأوروبي، التي صوتت معك ضد قرار ترامب حول القدس بمعنى أكثر وضوحا، العالم يتعاطف مع الفلسطينيين ولكن هذا التعاطف والتأييد دائما خاضع لحسابات المصالح والسياسة.
وأمام هذا المشهد والتحديات، وجب على الفلسطينيين أن ينتقلوا هم أيضا إلى مرحلة نضالية جديدة عنوانها الرئيسي التصدي لمخططات العدو الإسرائيلي وإفشالها، وفي مقدمة ذلك القدس العاصمة السياسية للفلسطينيين، وهذا يتطلب إنهاء الإنقسام وإستعادة وحدة مؤسساتنا والإتفاق على برنامج سياسي واضح ومحدد لطبيعة المرحلة التي نمر فيها.
إذا أرادت إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية طمس الدولة الفلسطينية وإزالتها من قاموسها السياسي، وجب على الفلسطينيين إحداث عملية واسعة عنوانها التحول إلى دولة تحت الإحتلال، ونحن كذلك لأن قرارات الشرعية الدولية تحدد ذلك سواء قرارات مجلس الأمن، أو الجمعية العامة تقول ذلك صراحة والعالم يتعامل مع الفلسطينيين على أساس ذلك هذا يتطلب القيام بعملية واسعة في تحول السلطة الفلسطينية وبكل مؤسساتها وأملاكها إلى دولة تحت الإحتلال، وهذا يحتاج أيضا أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية قوية وفاعلة عبر تطوير كل مؤسساتها الفلسطينية بمجلسيها الوطني والمركزي، هذه العملية لها أبعادها السياسية والقانونية، أما بشأن ردود الفعل الإسرائيلية فالحسابات لن تختلف كثيرا فنحن في خضم معركة مفتوحة على كل قرارات الشرعية الدولية مستغلة بذلك حالة الوضع العربي المتهالك في حروبه.
نحن في خضم مرحلة جديدة بعدما خسرنا الكثير، بعدما حدث ما حدث في المنطقة العربية وبعد الإنقسام والإقتتال كل هذا شجع إسرائيل على المضي في مخططات لتصفية القضة الفلسطينية، بداية من محاولات عزل قطاع غزة عن القضية الفلسطينية ولن تنهيها في القدس، نبدأ بإنهاء الإنقسام وإستعادة وحدة مؤسساتنا وتحويل السلطة إلى دولة تحت الإحتلال حسب قرارات الشرعية الدولية والقدس عاصمتها.