السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

إسرائيل لا تريد هدم السلطة والزعماء العرب غاضبون على عباس

نشر بتاريخ: 09/01/2018 ( آخر تحديث: 09/01/2018 الساعة: 22:53 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

يميل الجمهور الفلسطيني الى التصعيد اكثر واكثر ضد الإدارة الامريكية وضد الإحتلال الإسرائيلي . وقد سمعنا مؤخرا ، قادة ومراقبين ونشطاء وكتاب يطالبون الرئيس بالمزيد من التصعيد لدرجة عالية ( أنا واحد منهم ) . ولكن القيادي في حركة فتح، نبيل عمرو دعا إلى عدم اتخاذ قرارات تصعيدية "قد يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني" في جلسة المجلس المركزي المقرر عقدها منتصف الشهر الجاري للرد على إعلان الادارة الامريكية بشأن مدينة القدس المحتلة. وقال عمرو لبرنامج "ستون دقيقة في السياسة" على أثير رايــة "لا اضم صوتي الى التصعيد.. عندما نأخذ قرارا تصعيديا، علينا ان ندرك ان هناك من يدفع ثمن هذا القرار"، مضيفا: "نحن قاطعنا الولايات المتحدة وهذا موقف صحيح". ولكن هذا يكفي الاّن .
ورغم أنني من الصف الاّخر الذي يطالب بالتصعيد السياسي الى أبعد حد ممكن ، إلا أن وجهة نظر الأستاذ الكبير نبيل عمرو جديرة بالدراسة والتفكّر , فهذا التيار له مبرراته وذاك التيار له مبرراته .
كبار الصحفيين الاسرائيليين يعيشون نفس الارتباك ، ويعرفون أن مواصلة نتانياهو الإستهانة بالأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية سوف يقود الى حرب جديدة لا رحمة فيها . ولذلك سارع قادة الامن والاستخبارات واجهزة التجسس لتحذير وزراء اسرائيل من الخطوات الطائشة الأخيرة مثل تنفيذ أحكام الاعدام وزيادة وتيرة الاستيطان . حتى وصل الأمر أن يخرج رئيس وزراء اسرائيل السابق أيهود باراك عن صمته ويقول خلال محاضرة علنية في تل أبيب : إن إسرائيل ذاهبة الى النظام العنصري أبارتهايد وسوف تعادي كل العالم . داعيا ضباط الجيش الى التفكير مرة أخرى قبل تنفيذ الأوامر التي تصدر عن حكومة المستوطنين .

حقل الألغام يتسع أمامنا ، وهو ظاهر للجميع ، ولكن جميع الأطراف تدفع بإتجاهه ، ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا ، وبعيدا عن " عقلانية " الزعماء العرب مع اسرائيل ، وهي عقلانية لا نراها مع شعوبهم . فإن جنون إسرائيل المستمد من جنون ترامب وصل حدا مبالغا فيه .
وفي ملخص لما يقوله كبار المحللين الاسرائيليين ، فقد أشاروا الى عدة نقاط ولكنهم لم يجرؤا على التنبؤ بأية نتيجة ، وإكتفوا بالاشارة إلى عوامل التفجير القادمة على النحو التالي :
- عباس رفع سقف تحدي  الفلسطينيين للإدارة الأمريكية بشكل غير مسبوق ورفض إستقبال مبعوث ترامب وقطع علاقته بأمريكا . وأرسل مبعوثه للقاء السيد حسن نصر الله .
- سلطة عباس في خطر حقيقي وفي حال قامت اسرائيل بأية خطوة جدية ضد السلطة ، فإن السلطة سوف تتهاوى بسرعة ، وحينها ستنقض حماس على الحكم في الضفة فتتدخل اسرائيل وتختلف اللعبة بشكل كامل . ويقول الاسرائيليون إن حماس لا تريد السلطة لانها تريد السلطتين في غزة وفي الضفة .
- حول الرئيس عباس يجلس مجموعة من القيادات الذين وطّدوا علاقاتهم عربيا وأمريكيا ، بعضهم طامع بشكل ظاهر بكرسي الرئاسة ، و يستعد منذ الاّن لعقد تحالفات من أجل استلام مكانه وترتيب صفقات جديدة مع ترامب ومع الزعماء العرب الذين لا يريدون محاربة أمريكا ولا يهمهم سوى البقاء في الحكم ، تماما مثل نتانياهو لا هم له سوى البقاء في الحكم .
- الزعماء العرب غاضبون من عباس لأنه ورّطهم بهذا الموقف الشديد ضد أمريكا . وهم يحاولون الان إنزاله عن شجرة العناد ، بإعتبار أن تصريح ترامب بشأن القدس " ليس كارثة كبيرة ويمكن ابتلاعه بطريقة ما " .
- حماس تدفع فتح للتصعيد وتفجير إنتفاضة مسلحة في الضفة الغربية بينما هي لا تريد حربا في قطاع غزة . والرئيس تفاجئ من تراجع أعداد المتظاهرين في المدن الفلسطينية في الشهر الثاني للانتفاضة ولا أحد يقدّم له تفسيرا لهذا الأمر .
- فتح تريد مقاومة سلمية في الضفة الغربية ولكنها تقتنع اكثر واكثر بضرورة وقف التنسيق الأمني وحينها ستواجه اسرائيل خيارات صعبة ومصيرية تكسر جميع الأدوات القديمة وتدخل المنطقة كلها في مرحلة جديدة .
- خطاب عباس في القمة الاسلامية بإسطنبول منع التحالف الاسرائيلي العربي ضد إيران وأفشل مشروعا إقليميا كاملا إستغرق التحضير له سنوات طويلة .
- فرصة عباس في التراجع ضئيلة ، وفرصته في التصعيد أكثر تبدو " مغامرة مجنونة " .. ولم يبق أمامه سوى تصدير الأزمة عربيا وإقليميا وهو ما يقلق تل أبيب التي بنت كل أحلامها على زواج المتعة مع بعض العواصم العربية التي يحمرّ وجهها خجلا وتسكت قبولا ( السكوت علامة الرضا ) .
- كتبت مجلة فورين بوليسي الأمريكية : ترامب يلتهم فلسطين قطعة قطعة بلا رادع ، وعباس لا يملك إستراتيجية للوقوف في وجهه .
- الخطوات القادمة في المجلس المركزي إجبارية وليست إختيارية .. والطبيعة لا تقبل الفراغ .