نشر بتاريخ: 10/01/2018 ( آخر تحديث: 10/01/2018 الساعة: 12:24 )
الكاتب: عميره هَسْ
بعد غد سيصدر قرار المحكمة على بن داري، المُدان بتسبب موت نديم نواره نتيجة الإهمال. لن نتعامل بالتخمينات حول بساطة الحكم.
هآرتس، 2017/1/7 ترجمة: أمين خير الين
لم يسمع العقيد [ألّوف] يوآب مردخاي عن قضيّة جندي حرس الحدود بن داري. لو سمع عنها وعن بطلها – الذي أدين بتسبب الموت عن إهمال- لما سارع منسّق الأعمال في الأرض المحتلة ليقرر، بأن التقارير الفلسطينية، التقارير التي بموجبها أطلق جندي إسرائيلي النار فقتل فلسطينيا مبتورالرجلين من غزّة، أنها تقارير كاذبة.
يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع سيُصْدِر القاضي دانيئيل تبربرغ، في المحكمة المركزية في أورشليم، قرار الحكم على داري. لن نتعامل مع تخيمنات حول بساطة الحكم على مَن أنهى حياة نديم نوّاره إبن أل 17 سنة.
الجنود والقادة في جيش الدفاع الإسرائيلي وفي حرس الحدود غير مُلْزَمين بالكذب، ستقوم الدولة بالتغطية على الكذبة الأساسيّة - لأن وظيفتهم حماية الشعب، بينما في الواقع عمليّا يقومون بحماية المشروع الاستعماري. وثانيا: أنّه يُعْتبر حقّ جنودنا بقتل وجرح الفلسطينيين حقّا طبيعيّا وبديهيّا، وليس من الضروري أن يقدّموا تقارير عامّة، أو عائليّة أو رسميّة أو شخصيّة.
عند التحقيق الداخلي قد يكذبون مع غمزة بالعين أنهم شعروا بخطر يهدد حياتهم، أو أنهم كانوا متأكدين من أنهم يستعملون رصاصا مطّاطيّا وأنهم صوبوا على الأرجل، فيرد عليهم المسؤولون عنهم بغمزة أيضا: "نحن نعرف الحقيقة. لا تقلقوا. لن يلحق بكم أيّ أذًى". بعضهم على ما يبدو يكذب على بعض ويكذبون على أنفسهم، أن كل شيء يجري وفقا لطهارة السلاح. وعلى ما يبدو يقولون لبعضهم: زائد فلسطيني، ناقص فلسطيني. ما الفرق؟.
أحيانا تختلط الأمور. كوجود كاميرات حراسة غير متوَقَّعّة، كاميرات سي أن أن وآباء عنيدون.هذا ما حدث في بيتونيا يوم 15 أيّار 2014. من بين أصوات الرصاص المعدني المكسو بالمطاط الذي أُطْلِق عليهم، استطاع الشباب المتظاهرون تمييز أربع رصاصات حيّة، قتلتْ نديم نوّاره ومحمد سلامه، وجرحت اثنين آخرين، أحدهما محمد العزه – بجروح خطيرة.
كان العقيد مردخاي متروٍّ قليلا، لو أنه سمع المتكلمين المحترمين، حين تجنّدوا في حينه ليقولوا، أن الفلسطينيين يكذبون، حين قالوا إنه كان إطلاق نار برصاص حيّ وفقط الجنود هم من أطلق النار. لما كتب: " بعد تحقيق جذري وعميق من قِبَل جيش الدفاع الإسرائيلي، أُعْلِن بصورة واضحة، إنه لم يتبيّن من التحقيق معلومات تشير إلى أن، إبراهيم أبو ثريا مات من رصاص جيش الدفاع الإسرائيلي. ليس هناك أي أساس للتقارير الكاذبة عن أن، قناصا أطلق النار لإصابته إصابة مباشرة ومقصودة". بعد مرور أسبوعين على ما كتبه أعلن قسم التحقيقات من الشرطة العسكرية بأنه سيحقق في ظروف مقتل إبراهيم أبو ثريا مقطوع الرجلين.
يُذكّر تصريح مردخاي بلغة المتكلمين المختصين في أيار 2014. بيتر ليرنرـ الناطق بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي للإعلام الأجنبي، قال إنه يتّضح من التحقيق الأولي الذي قام به جيش الدفاع الإسرائيلي أنه "لم تُطْلَق رصاصة حيّة واحدة" باتجاه الفتيان الذين ألقوا الحجارة على القوّة عن بُعد 80 مترا. وقال الناطق العسكري إن الشريط الذي وُجِد في كاميرات الحراسة شريط "منحاز ومفبرك ولا يعكس حقيقة الحادث". وقالت جهة أمنيّة. "ثمّة احتمال كبير للفبركة". وقد لمّح بتلميحات مشابهة كلّ من وزير الدفاع في حينه موشي يعلون، والسفير السابق ميخائيل أورن ونائب وزير الخارجيّة السابق. وفي مقابلة مع يوسف يكوتيئيل في قناة 2، بدا كأنه خبير في مواضيع الأسلحة وأنه مَن أقام جهاز الحبس في شرطة إسرائيل. في حرس الحدود وفي أليمام [الوحدة الخاصة لحرس الحدود - المترجم]. الرصاص كان رصاصا مطاطيا، وقرر بحسم: لا يمكن أن تكون الرصاصة التي وُجِدت في حقيبة القتيل نواره هي التي اخترقت صدره. كان يجب أن تشوّه في مسارها.
كلّهم صدّقوا الجنود – وقد قُوِّضَت كلّ قراراتهم. وقد كُتِب في الإعلان عن اتفاقيّة المرافعة، الموقّعة مع داري في حزيران 2017 : "انتقل إلى إطلاق النار [مباشرة قبل إطلاق النار، الموقع أدناه]، لم يشعر المتهم بإيّ خطر وأنه ليس ثمّة ما يبرر إطلاق النار".وحتى إطلاق الرصاص المطاطي. محامي القمّة الذي مثّل داري، تصيون أمير، اعترض في بادئ الأمر على هذه الجملة. لكنه تراجع فيما بعد. وبدون الانتقاص من إنجازه الكبير. تحويل التهمة من قتل إلى تسبب بالموت نتيجة الإهمال. فرحت النيابة العامة بأطروحة الاتفاق – الاتفاق الذي يثير السخرية لدى كلّ جندي.إنه خطأ ساذج حوّل الرصاصة الحيّة إلى رصاصة مطّاطية. وفي لائحة الاتهام الأصليّة أيضا التي قدمتها تجاهلت حقيقة أخرى ، انه قُتِل فتى آخر وجُرح اثنان من الرصاص الحي، المقصود والممنوع حسب تعليمات إطلاق النار.
بعد غد سيصدر الحكم على داري،لأنه بإهماله الإنساني لم يفحص إذا كانت خرطوشة حيّة واحدة ، تائهة، يتيمة، قد دخلت بندقيته بالصدفة بالضبط قبل ان يصوّب بندقيّته على الفتى الذي خطى على بُعْد 80 مترا منه، ويداه على جانبي جسمه.
دعونا لا نكذب على نفسنا: العقيد مردخاي يعرف عن قضية داري. لكنه يعتمد على الجمهور الإسرائيلي، الجمهور الذي يقول دائما إن الفلسطينيين يكذبون، عندما يقولون ،القتلى مقتولين، وليس هناك خطر يهدد حياة الجنود. الغريب في هذه الحادثة ليس مقتل نوّاره، إنما تقديم داري للمحاكمة. لذلك، هناك ثمة احتمالات كثيرة أن تحقيق الشرطة العسكرية في مقتل المتظاهر مقطوع الرجلين إبراهيم أبو ثريا ستموع من نفسها.