نشر بتاريخ: 12/01/2018 ( آخر تحديث: 12/01/2018 الساعة: 09:26 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
فاطمة لا تحمل بطاقة تعريف لاجئة للإستفادة من الخدمات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" والتي تقدم الرعاية الصحية والعلاج مجاناً للاجئين الفلسطينيين كغيرها من الخدمات، فاطمة زوجها موظف في السلطة الفلسطينية وجراء خصم السلطة 30% من راتب زوجها يتبقى له مبلغ ألف شيكل لا تكفي الحد الأدنى من العيش الكريم، وإضطرت خلال الأيام الماضية عندما أصيبت بمرض الإنفلونزا ان تشتري العلاج من صيدلية مجاورة لمنزلها نصف شريط "برفلو" ونصف شريط "أكمول".
هذا فيض من غيظ وجزء يسير من قصص كثيرة تداريها حيطان البيوت وتفشي ظاهرة الفقراء الجدد، وهم موظفو السلطة، إضافة الى نسب الفقر والبطالة المرتفعة أصلاً، وجاء إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نيتها تقليص الدعم الذي تقدمه لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لتزيد معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة وسوءً على السوء الذي يعاني منه القطاع منذ 11 عاماً، من البؤس والفقر والبطالة والتدهور الخطير في الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية. وارتفاع معدلات الفقر والبطالة حيث بلغ معدل البطالة في قطاع غزة 46.6% في تجاوز عدد العاطلين عن العمل ما يزيد عن 243 ألف شخص, وتفشيهما يؤشر إلى تدني المستوى المعيشي وعدم توفر الحد الادنى للحق في مستوى معيشي لائق، وهو حق من حقوق الانسان الأساسية.
سبق تهديد الولايات المتحدة الأمريكية إتخاذ السلطة الفلسطينية قراراتها العقابية ضد القطاع وتقليص 30% من رواتب موظفي السلطة، والتي تعتبر محرك أساس للإقتصاد في القطاع، حيث أن الجزء الأكبر من الموظفين مدينون للبنوك، ومجمل ما يتقاضوه شهريا لا يتجاوز 40% من إجمالي الراتب، ويعتمد السوق على ما تبقى من هذه المسبة حيث إنخفضت القوة الشرائية.
وفقد السوق 20 مليون دولار شهريا وهي قيمة الخصومات على الموظفين واستمر هذا الخصم من شهر ابريل/ نيسان 2017، وحتى الأن.
كما أن تقليص ساعات الكهرباء إلى أربع ساعات خلال 18 شهراً الماضية أدى إلى إنهيار قطاعات إقتصادية مختلفة وفاقم البطالة حيث لم تعد تلك القطاعات تمتلك القدرة على الإستمرار والإنتاج، وإنعدام القدرة الشرائية. وبين هذا الخصم مدى هشاشة الإقتصاد في قطاع غزة الذي يعتمد على الموظفين إضافة إلى أن موظفي حكومة حماس لم يتلقوا رواتبهم منذ ثلاثة أشهر ما فاقم الأوضاع خطورة وتدهوراً.
منذ سنوات وقطاع غزة يعيش على برميل من البارود المتفجر و11 عاماً من الحصار والإنقسام والاوضاع الإنسانية كارثية وتزداد سوءً والتحذيرات الدولية والمحلية، والأخطر كان عندما فرضت السلطة الفلسطينية عقوبات جائرة على الفلسطينيين في القطاع وربطت تقدم المصالحة بالعقوبات المستمرة حتى اللحظة، وكأن السلطة الفلسطينية لا تتحمل المسؤولية عن الفلسطينيين في القطاع، أو لا تدرك خطورة ذلك على حياة الناس الذين لم يمتلكوا القدرة على توفير الحد الأدنى من العيش الكريم.
والسؤال: كيف ستطالب السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة الأمريكية التراجع عن دعم أونروا؟ وهي لم تتراجع عن إجراءاتها العقابية على القطاع، وكيف سيكون الحال لو تم تقليص الدعم للاونروا والتي يعتمد نحو مليون و300 ألف لاجئ أي 80% من سكان القطاع على المساعدات التي تقدمها أونروا التي تقدم خدمات اغاثية وبحسب مسح للفقر أجرته وكالة الغوث 2017، حيث يعيش أكثر من 363 ألف لاجئ، أي نحو ثلث اللاجئين المسجلين في فقر مطلق، فيما يعيش أكثر من 629 ألف لاجئ منهم ضمن فئة الفقر المدقع يشكلون نحو 119 ألف شخص، فيما بلغ عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية التي تقدمها الأونروا مع نهاية سبتمبر 2017، أكثر من 993 ألف لاجئ، وبلغ مع نهاية العام 2017 مليون لاجئ.
إذا لم تتخذ السلطة الوطنية الفلسطينية إجراءات حقيقية والتراجع فوراً عن العقوبات ستزداد الأمور تعقيداً، حيث يقع على السلطة الفلسطينية واجب تمكين الناس من التمتع بحقوقهم المكفولة بالقانون، خاصة حقهم في مستوى معيشي لائق.