الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وحينَ هَوَتْ مدينة القدسِ تراجع الحُبُّ

نشر بتاريخ: 12/01/2018 ( آخر تحديث: 12/01/2018 الساعة: 10:31 )

الكاتب: د.محمد الجاغوب

لا أستغرب السياسات الإسرائيلية تجاه مدينة القدس ولا أستهجن الفرح الإسرائيلي تجاه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إليها والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، أبدا لا أستغرب المواقف الإسرائيلية منها لأن إسرائيل سلطة احتلال، لكنني أتألم من مواقف الخذلان العربية تجاه المدينة، فحين هوَتْ مدينة القدس تراجع الحبُ وفي قلوب الدنيا استوطنت الحربُ، واستشهد السلام في وطن السلام وسقط العدلُ على المداخل، خمسون عاما مرت على احتلالها ولم تحرك الحكومات العربية ساكنا سوى جعجعة الكلام وهبهبة الشجب والاستنكار، خمسون عاما مرت ولم يضع العرب مرّة خطة لتحريرها بالطريقة التي أدت إلى ضياعها، رغم أن الدول العربية خاضت حروبا طاحنة ضد بعضها بعضاً، بل وأرسلت جيوشها لتدافع عن كل قضايا الكون وكلما طلبت منها أمريكا ذلك، خمسون عاما مرت على التفريط بالقدس ولم يُقدّم العربُ لها غير التصريحات والمراثي والبكائيات والغضب الساطع آت وأسوأ المبادرات، في إشارة لما يسمى بمبادرة السلام العربية، تلك المبادرة التي تعكس ضعفا وهوانًا صدر عن قمة القِمَم العربية في بيروت سنة 2002، ومع ذلك رفضتها إسرائيل وقذفتْ بها في وجه واضعيها وفي وجوه كل دعاة السلام من العرب، وحتى عندما عقد بعض العرب معاهدات الصلح مع دولة الاحتلال لم تتضمن تلك المعاهدات طلبًا واحدا أو شرطا واحدا يطلب من إسرائيل الانسحاب من المدينة، حتى أهلها المقربين تركوا الحديث عنها للمرحلة الأخيرة والتي لا تأتي على الإطلاق، بعد خمسين عاما أعلن العرب عن عجزهم وأقروا للمحتل بحقه فيها سرا أو علانية وتسابقوا للاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها ومصادقتها، ويخططون الآن للتحالف معها، باحثين عن حلول هزيلة تستر خِذلانهم وتفريطهم بالمدينة المقدسة، ومتناسين غضبهم الساطع، ومتجاهلين الطفل الذي يبكي في المغارة وأمَّه مريم، ومتنازلين عن دماء الشهداء الذين نزفت دماؤهم على مداخلها، كان يوما حزينا عندما خسرناها، ويوما أليما نشهده ونحن نتنازل عنها ونطلب منها أن تسكت صَونا للعِرض، فما أشرفنا وما أشرفنا ونحن نعلن من فوق الطاولة عن حبنا للقدس.! وما أقبَحَنا ما أقبَحَنا ما أقبَحَنا ونحن مِن تحت الطاولة نتخلى عن القدس ونبارك للمحتل بها.!