الكاتب: د.ناجي صادق شراب
نعم للرئيس بديل. وهذا ما أكده الرئيس مرارا وتكرارا انه لا يريد أن يرشح نفسه للرئاسة ثانية، ودعوته المتكررة لإجراء الانتخابات وخاصة الرئاسية، ليقوم الشعب الفلسطيني كشعب ديموقراطي اختار الرئيس محمود عباس في أهم انتخابات فلسطينية عام 2006، وفي انتخابات إعترف العالم كله بديموقراطيتها ونزاهتها ومصداقيتها، وبموازاتها قام أيضا بإختيار سلطته التشريعية، لكن لم يراد لهذه الممارسة الديموقراطية ان تستمر وتقوى لأنها أقصر الطرق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فدخل الفلسطينيون في أسوأ مراحل نضالهم السياسي وهي مرحلة الإنقسام التي ما زالت عالقة بين الارض والسماء رغم بعض محاولات المصالحة التي لم تكتمل بعد. وخلال سنوات الإنقسام الذي زاد عن العقد لا يعقل ان يقف الرئيس مكتوف الأيدي ويجلس على كرسي الرئاسة حاله حال بقية الرؤساء في العالم. فالكرسي الحقيقي للرئاسة الفلسطينية هو كرسي القضية الفلسطينية. وهذا ما ينبغي أن يدركه من يريد ان يتولى هذا المنصب. ولم يقتصر المنصب على الرئاسة بل رئاسة المنظمة ورئاسة حركة فتح وكل هذه أحمال، كان بالإنتخابات السياسية أن تتعدد وتنحصر الرئاسة فقط في المنصب الرئاسي وهذا أحد الطموحات السياسية والاصلاح السياسي، وهذا هو الهدف من الانتخابات الرئاسية التي دعا لها الرئيس، ونتيجة إلى الإنقسام تجمدت عروق كل المؤسسات الفلسطينية بسبب توقف ضخ الدم في عروقها، وبقي الحراك السياسي الوحيد الذي تتدفق منه الحركة والحراك للرئاسة التي لم تتوان عن الحراك السياسي، والسفر والترحال بين عواصم العالم لشرح القضية وتطوراتها السياسية المتلاحقة. ولعل الرئيس الوحيد الذي قد يدرك حجم الأخطار المحدقة بالقضية، فقد جاءت فترة الرئاسة في أصعب مراحلها الداخلية والخارجية، فداخليا وبسبب الانقسام كان التشكيك في الرئاسة، وإسرائيليا الضغوطات مستمرة بإجهاض كل الحراك الرئاسي بممارسة الضغط الإقتصادي والمالي والأمني وصولا لحد التهديد. وعربيا وبسبب الإستقطاب العربي والعلاقات العربية المتوترة والمنشغلة بقضاياها الداخلية ومواجهة موجات من الإرهاب والتدخلات الإقليمية غير المسبوقة، خضع منصب الرئاسة لمزيد من الضغط والاستقطاب، وصعوبة تحقيق التوازن والحفاظ على إستقلالية القرار الفلسطيني دون دفع الثمن السياسي، ودوليا الوضع ليس احسن حالا، فالضغوطات الامريكيه متزايدة وخصوصا مع إدارة الرئيس ترامب الذي إنتهى بقراره بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولا احد يدري الخطوة التالية له بالإعتراف بيهودية إسرائيل كدولة يهودية. في هذه البيئة الصعبة التي تعصف بسفينة الرئاسة إما الغرق للكل وإما النجاة الجزئية لشعب يعاني كل ألوان عدم ممارسة حقوقه كأي شعب... كان الحرك الرئاسي والتوجه إلى الامم المتحدة، والدخول في مواجهات سياسيه مع أقوى الرئاسات في العالم، الولايات المتحدة، وبدأ الخطاب الرئاسي الذي لم يتعود سماعه الكثيرون، خطابا إتسم بالشدة والتصلب وخاصة فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية لكنه لم يتخل عن جوهره في التمسك بالسلام والمفاوضات العادلة، وارتفعت وتيرة هذا الخطاب لحد المواجهة والتحدي السياسي مع الولايات المتحدة بالإعلان الصريح أن الولايات المتحدة لم تعد الراعي الأساس والرئيس لعملية السلام، ولن نقبل منها اي خطة للسلام. هذا الخطاب وهذا التحدي له ثمن سياسي كبير اعتقد الرئيس يعرفه ويدركه ومع ذلك مستمر في تصلبه تمسكا بالحقوق الفلسطينية، فلا احد يستطيع المساس بهيبة ومكانة الولايات المتحدة وبصفة خاصة مع شخصية الرئيس الأمريكي ترامب.