الأربعاء: 12/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

هل من بديل للرئيس محمود عباس؟

نشر بتاريخ: 26/01/2018 ( آخر تحديث: 26/01/2018 الساعة: 10:31 )

الكاتب: د.ناجي صادق شراب

نعم للرئيس بديل. وهذا ما أكده الرئيس مرارا وتكرارا انه لا يريد أن يرشح نفسه للرئاسة ثانية، ودعوته المتكررة لإجراء الانتخابات وخاصة الرئاسية، ليقوم الشعب الفلسطيني كشعب ديموقراطي اختار الرئيس محمود عباس في أهم انتخابات فلسطينية عام 2006، وفي انتخابات إعترف العالم كله بديموقراطيتها ونزاهتها ومصداقيتها، وبموازاتها قام أيضا بإختيار سلطته التشريعية، لكن لم يراد لهذه الممارسة الديموقراطية ان تستمر وتقوى لأنها أقصر الطرق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فدخل الفلسطينيون في أسوأ مراحل نضالهم السياسي وهي مرحلة الإنقسام التي ما زالت عالقة بين الارض والسماء رغم بعض محاولات المصالحة التي لم تكتمل بعد. وخلال سنوات الإنقسام الذي زاد عن العقد لا يعقل ان يقف الرئيس مكتوف الأيدي ويجلس على كرسي الرئاسة حاله حال بقية الرؤساء في العالم. فالكرسي الحقيقي للرئاسة الفلسطينية هو كرسي القضية الفلسطينية. وهذا ما ينبغي أن يدركه من يريد ان يتولى هذا المنصب. ولم يقتصر المنصب على الرئاسة بل رئاسة المنظمة ورئاسة حركة فتح وكل هذه أحمال، كان بالإنتخابات السياسية أن تتعدد وتنحصر الرئاسة فقط في المنصب الرئاسي وهذا أحد الطموحات السياسية والاصلاح السياسي، وهذا هو الهدف من الانتخابات الرئاسية التي دعا لها الرئيس، ونتيجة إلى الإنقسام تجمدت عروق كل المؤسسات الفلسطينية بسبب توقف ضخ الدم في عروقها، وبقي الحراك السياسي الوحيد الذي تتدفق منه الحركة والحراك للرئاسة التي لم تتوان عن الحراك السياسي، والسفر والترحال بين عواصم العالم لشرح القضية وتطوراتها السياسية المتلاحقة. ولعل الرئيس الوحيد الذي قد يدرك حجم الأخطار المحدقة بالقضية، فقد جاءت فترة الرئاسة في أصعب مراحلها الداخلية والخارجية، فداخليا وبسبب الانقسام كان التشكيك في الرئاسة، وإسرائيليا الضغوطات مستمرة بإجهاض كل الحراك الرئاسي بممارسة الضغط الإقتصادي والمالي والأمني وصولا لحد التهديد. وعربيا وبسبب الإستقطاب العربي والعلاقات العربية المتوترة والمنشغلة بقضاياها الداخلية ومواجهة موجات من الإرهاب والتدخلات الإقليمية غير المسبوقة، خضع منصب الرئاسة لمزيد من الضغط والاستقطاب، وصعوبة تحقيق التوازن والحفاظ على إستقلالية القرار الفلسطيني دون دفع الثمن السياسي، ودوليا الوضع ليس احسن حالا، فالضغوطات الامريكيه متزايدة وخصوصا مع إدارة الرئيس ترامب الذي إنتهى بقراره بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولا احد يدري الخطوة التالية له بالإعتراف بيهودية إسرائيل كدولة يهودية. في هذه البيئة الصعبة التي تعصف بسفينة الرئاسة إما الغرق للكل وإما النجاة الجزئية لشعب يعاني كل ألوان عدم ممارسة حقوقه كأي شعب... كان الحرك الرئاسي والتوجه إلى الامم المتحدة، والدخول في مواجهات سياسيه مع أقوى الرئاسات في العالم، الولايات المتحدة، وبدأ الخطاب الرئاسي الذي لم يتعود سماعه الكثيرون، خطابا إتسم بالشدة والتصلب وخاصة فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية لكنه لم يتخل عن جوهره في التمسك بالسلام والمفاوضات العادلة، وارتفعت وتيرة هذا الخطاب لحد المواجهة والتحدي السياسي مع الولايات المتحدة بالإعلان الصريح أن الولايات المتحدة لم تعد الراعي الأساس والرئيس لعملية السلام، ولن نقبل منها اي خطة للسلام. هذا الخطاب وهذا التحدي له ثمن سياسي كبير اعتقد الرئيس يعرفه ويدركه ومع ذلك مستمر في تصلبه تمسكا بالحقوق الفلسطينية، فلا احد يستطيع المساس بهيبة ومكانة الولايات المتحدة وبصفة خاصة مع شخصية الرئيس الأمريكي ترامب.
ومن هنا جاء الرد المبدئي ان هناك ضوء أخضر قد أعطي للبحث عن بديل للرئيس عباس، وهذا الإعلان ينبغي أن يؤخذ بجدية فلسطينية، ويحتاج لقرار ورؤية فلسطينية في كيفية التعامل معه. أعود للتاكيد ان الحل يكمن في الانتخابات التي دعا لها الرئيس وفي تجديد كل شرعيات المؤسسات الفلسطينية، وعلى الكل أن يدرك انه بدون هذه الخطوة فإن كل الخيارات والحراك والإنجازات الفلسطينية التي حققتها الرئاسة واهمها الحصول على دولة مراقب في الأمم المتحدة ورفع علم فلسطين بجانب أعلام الدول على منصة الامم المتحدة، وتثبيت هوية الدولة في العديد من المنظمات الدولية ستذهب هباء بسبب الإستمرار في الإنقسام، وعدم التجديد السياسي، وعلى الكل ان يدرك أيضا ان هذا الخيار من أهم الخيارات والاستراتيجيات الفلسطينية التي ينبغي ان يتم تبنيها في هذه المرحلة، واكثر أهمية من اي خيارات أخرى مسلحة، هذا الخيار السياسي الديموقراطي وبموازاة المقاومة السلمية والحراك المدني على المستوى العالمي هو المطلوب في هذه المرحلة. وعلى الجميع ان يدرك ان الرئاسة الفلسطينية ليست مجرد شخص، بل منصب ومسؤولية تعني مسؤولية القضية الفلسطينية. وفي الوقت ذاته ان يدرك ويعترف الجميع وبدون قفل عيون الحقيقة ان الرئيس محمود عباس قد فرض شخصيته ورؤيته السياسية، وحمله السياسي كبير. وفي الوقت ذاته ينبغي أخذ الضغوطات التي تفرض على الرئيس بجدية، فلا شك في أهمية الشرعية الإقليمية والدولية التي يتمتع بها الرئيس، وان هذه الشرعية قد تأتي مناقضة ولاغية للمكون الفلسطيني للرئاسة حتى كانت عبر الإنتخابات، وذلك بسبب الأبعاد والمحددات التي تحكم القضية، فضية بحجم القضية الفلسطينية لا يمكن تجاهل تأثير هذه المحددات. فاليوم الرئيس يتحرك إقليميا ودوليا بفعل هذه الشرعية التي يتمتع بها لما يتمتع به من شرعية تاريخية وثورية وديموقراطية، فهو قد يكون آخر القاده المؤسسون، وهي ورقة خطيرة يمكن أن تمارس على الرئيس في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها القضيه. وقد تكلف الرئيس حياته. وعليه التهديدات والضغوطات تحتم تلاحما بين الرئاسة والشعب، والتفكير الجدي في الحلول والمخارج لهذه الازمة في حياة الرئيس وليس بعده من خلال الانتخابات التي لا تحتمل التأخير وبناء المنظومة السياسية الديموقراطية، وإن تصعب ذلك فعبر التوافق السياسي من خلال تفعيل منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. الحالة الفلسطينية لا تحتل سياسة ولا قرار بدون رئاسة. ومن هنا الحفاظ على الرئيس مصلحة وطنية في هذه المرحلة.