الكاتب: جميل السلحوت
يؤكّد الرّئيس الأمريكي ترامب مرّة تلو أخرى أنّ قدراته العقليّة لا تتناسب وضخامة جسمه، ولا مع كونه رئيسا للدّولة الأعظم في العالم، فالرّجل يتعامل مع الدّول والشّعوب الأخرى كما يتعامل مع شركاته العقاريّة والاستثمارية، وقد عرف عنه جملته المشهورة لمدراء شركاته "أنت مطرود"، ولم يتراجع يوما عن قراراته حتّى لو ثبت له أنّه مخطئ، لكنّ الرّجل يواصل أخطاءه بحقّ الشّعوب الأخرى، وأخطاؤه قد تكون خطايا تقود إلى حروب ونزاعات، وقد تحصد أرواح ملايين البشر، فتصريح الرّجل على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي والذي قال فيه: "لن نستأنف الدعم المالي للفلسطينيين ما لم يعودوا لمفاوضات السلام، ولن نتحدث عن القدس بعد الآن، وقد أزيلت القضية من على الطاولة وقُضي الأمر." يثبت عنجهيّة الرّجل وحماقاته، حيث أنّه يتعامل مع حق تقرير المصير للشّعب الفلسطينيّ كصفقة ماليّة، ولا يعلم أنّ من يفدون القدس بأرواحهم، لا يمكن أن يتنازلوا عنها مقابل المال، وقد يقبل المرء حماقات ترامب بخصوص قطع الدّعم المالي، لكن ما يدعو للعجب أن يقرنها بالعودة إلى المفاوضات التي قبرها هو نفسه باعتراف ادارته بالقدس عاصمة لاسرائيل، وتبلغ الحماقات ذروتها قوله بأنّ قضية القدس قد حسمت لصالح حليفته اسرائيل! وأنّها غير قابلة حتى للتّفاوض الذي يدعو إليه! وكأنّ القدس ضيعة من أملاك ترامب يقدّمها هديّة مجانيّة لحليفته اسرائيل. فهل يعرف ترامب تاريخ القدس؟ وهل يعلم عدد الغزوات والاحتلالات التي تعرّضت لها المدينة؟ وهل يعلم أنّ المدينة بقيت مكانها، أمّا غزاتها ومحتلّوها فلم يجدوا مكانا لهم سوى مزابل التّاريخ؟ وبالتّأكيد فإنّ ترامب ستنتهي رئاسته لأمريكا، وسيجد مكانا له هو الآخر في مزابل التّاريخ.