الأربعاء: 12/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

ادارة محتلة ورؤساء مسلوبي الارادة

نشر بتاريخ: 28/01/2018 ( آخر تحديث: 28/01/2018 الساعة: 19:26 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

نصيحة جون كيري للرئيس ابو مازن عبر وسيط بخصوص موقف الرئيس من العداء الذي اظهره ترمب تجاه فلسطين, طلب فيها من الرئيس الوقوف بوجه ترمب ولكن ليس الادارة الاميركية، هذه النصيحة وللاسف اثارت ردود فعل سخيفة في وسط اللوبي الصهيوني في اميركا متهمة كيري بتدخله فيما لا يعنيه واعتبروا  ان تدخله هذا ضد مصلحة اسرائيل. وقد ذهب البعض ليعتبر النصيحه انتقاما من اسرائيل كونها افشلت وساطة كيري التفاوضية عندما كان وزيرا للخارجية على اعتبار ان هذه النصيحة زودت الرئيس ابو مازن بسلاح رادع لنووية اسرائيل. 
ومن حيث أننا ننتمي الى ثقافة النصيحة بجمل فاني ارى ان نصيحة كيري هذه لا تساوي حتى بعرة جمل خصوصا لرئيس وشعب عانوا من كل من عمل في الادارات الاميركية ديمقراطية كانت ام جمهورية التي لا هم لها سوى خدمة المصالح الاسرائيلية وبأي ثمن لدرجة الاعتقاد ان هذه الادارات مناطق نفوذ اسرائيلية ومحتلة سياسيا من قبل الحركة الصهيونية.
كنا نتمنى لو ان كيري أو رئيسه أوباما أفصحا عندما كانا في الادارة عما تيقنا منه من ممارسات اسرائيلية من جرائم وضرب بعرض الحائط قواعد الشرعية الدولية وقوانينها او افصحا بمن افشل المفاوضات وذلك اضعف الايمان. ولكن وللأسف انهما فشلا حتى في الرد على الاهانات التي وجهها لهما النتن ياهو وهي كثيرة ولا داعي لتعدادها اذ لم يعد ذلك ذو قيمة. بل وعلى العكس من كل التوقعات اتخذت ادارة اوباما في ايامها الاخيرة قرارا بزيادة قيمة المساعدات الاميركية لاسرائيل لتصل الى 38 بليون دولار موزعة على عشر سنوات. بالمقارنة ابقت هذه الادارة على تجميد المساعدات (الرشوه) للفلسطينيين حتى الساعة الاخيرة التي سبقت تبادل الرئاسة بين اوباما وترمب مما مكن ترمب من امكانية ان يحجر عليها او يستخدمها كاداة ابتزاز.
حتى ان الفرحة بآخر قرار لمجلس الامن 2334 بتاريخ 23 ديسمبر على اعتبار انه القرار الاخلاقي الوحيد الذي مررته ادارة أوباما هذه الفرحة لم تكتمل كون هذا القرار ولد يتيما ولم يجد من يحميه من براثن ترمب. ثماني سنوات على عمر ادارة اوباما كانت بمثابة سنوات تخدير ديمقراطي للالم الفلسطيني.
ثماني سنوات اخرى لرئيس ديمقراطي اخر هو كلينتون لم تكن افضل ولا باي حال.
اذ وعلى الرغم من كل التنازلات التي قدمها الرئيس الشهيد لهذا الرئيس الديمقراطي الا انها قوبلت بجحود منقطع النظير . حيث حمل كلينتون وبغير حق مسؤولية فشل كامب ديفيد الثانيه عام 2000 للرئيس الشهيد عرفات بزعم انه رفض عرضا سخيا.
ولكنه بعد عشر سنوات من خروجه من الاداره وتحرره من الوصايه الصهيونيه صرح بعكس ذلك تماما وقال في شهر سبتمبر عام 2011 "بعدهذه السنين ما زلت غير متاكد ان كان فعلا عرفات رفض عرضا قدمته وقبله باراك" وفي نفس المناسبه قال بان "نتياهو غير معني بسلام في الشرق الاوسط ومن ان حل الصراع الاسرئيلي الفلسطيني سيزيل الكثير من محفزات الارهاب حول العالم" .
ألرئيس الديمقراطي الاخر كارتر اصبح (ولكن بعد خروجه من البيت البيض ) المدافع الاول من بين رؤساء اميركا عن الحق الفلسطيني والظلم الذي يعانيه من الاحتلال الاسرائيلي العنصري لدرجه انه طالب بان تعترف اميركا بدوله فلسطينيه اضافه لكتابه المشهور فلسطين سلام وليس فصل عنصري جعل منه شخص غير مرحب به في اسرائيل.
نفس هذا الرئيس كارتر ولكن اثناء فترة رئاسته أقال سفيره في الامم المتحده اندرو يونغ لمجرد انه التقى في بيثه مع ممثل فلسطين في الامم المتحده في حينه زهدي الطرزي . ولا ننسى ان للرئيس كارتر الفضل باعتراف مصر باسرائيل (كامب ديفيد) وتداعيات هذا الاعتراف ومصر هي كل العرب. بهذا الغيض من فيض لممارسات الادارات الديمقراطيه التي ينتمي اليها السكرتير كيري كان من الواجب ان يعكس نصيحته لتكون بتوجيه السهام الفلسطينيه للاداره وليس للرئيس سواء اكان ترمب ام غيره من رؤساء اميركا لانهم جميعا يعملون في اداره محتله سياسيا من قبل الحركه الصهيونيه.هذا الامر اكده شارون عندما صرخ في وجه شيمون بيريز قائلا نحن من يحكم اميركا وليس العكس.
وعليه فانني لا اعتقد ان الرئيس الفلسطيني بحاجة لنصائح من اي ممن عملوا في الادارات الاميركية وهم الذين تسلب ارادتهم طيلة فترة عملهم في منطقة احتلال صهيوني فهو (الرئيس الفلسطيني) الاجدر بتقديم النصيحة لهؤلاء حيث انه وعلى الرغم من كونه رئيسا لدولة محتلة الا انه لم يكن في اي لحظة من حياته مسلوب الارادة او مسلوب القرار وهو الذي يقف متحديا ليس ترمب فقط وانما يتحدى من يديرون ادارته كما سابقيه من تل ابيب.
الرئيس الشهيد عرفات تحدى كلينتون بقوله انه ولد ليكون مشروع شهادة وبالفعل استشهد ثمنا للحفاظ على كرامة شعب نذره ايضا نفسه ليكون كما رئيسه. هذا هو نفس الشعب (الفلسطيني) الذي انتخب الرئيس ابو مازن ليكملا معا شعبا ورئيسا نفس المشوار الذي بدأه الراحل الشهيد عرفات.