السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بسبب ترامب - تتحطم دول عربية كبيرة وتتقدم دول أخرى لتقود الأمّة

نشر بتاريخ: 03/02/2018 ( آخر تحديث: 05/02/2018 الساعة: 13:46 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

لم ينفك أهل تل أبيب يحتفلون بوعد ترامب في 6 ديسمبر الماضي ، ولكن بعد ثمانية أسابيع بدأ بعضهم يتلمس المخاطر التي لحقت بهم جراء هذا الوعد . وأن إقتراب اليهود لهذه الدرجة من رئيس متهور مثل ترامب سيؤدي لا محالة الى نقض وجود اسرائيل وكيانها كله .
- وعد ترامب أعاد الصراع العربي الإسرائيلي إلى صراع وجود . وإنتهت محاولة التعامل معه كصراع حدود يمكن حلّه بالمفاوضات وترسيم الحدود . فإسرائيل تريد كل الأرض وكل المدن وكل السيطرة وكل الموارد وكل المياه وكل المعابر .
- إن القدس برميل المتفجرات الذي لا يجرؤ أي زعيم عربي إو عالمي على العبث فيه ، وإن إستهانة اليهود وحاخاماتهم بهذا الإمر ، والافراط في الإعتداء على الأقصى والحفر تحته وتهويده ، قد لا تكفي لتعلن الجيوش العربية الحرب على إسرائيل لازالتها ، ولكنها ستكفي لاقناع أجيال من العرب والمسلمين لإعتبار الإمر كافيا لذلك . وأن الصراع الراهن سيمتد لمئة عام أخرى على أقل تقدير قبل أن يجرؤ أي يهودي على دخول أية عاصمة عربية أو إسلامية ويتجول في أسواقها بأمان . وأقول يهوديا وليس صهيونيا لأن حاخاماتهم جعلوا الصراع دينيا ولم يعد بالإمكان إخفاء هذه الحقيقة بعد اليهوم .
- تسبب وعد ترامب في إجهاض المخطط الأمريكي الصهيوني بتطبيع العلاقات الاسرائيلية العربية ، ولن يجرؤ أي زعيم عربي ( حتى لو كان يرغب في ذلك ) على التطبيع والاستسلام ، إلا اذا كان يريد إستعداء شعبه وأن يعيش باقي حياته خائنا يطلب الغفران .
- صحيح أن بعض الزعماء العرب يخافون أمريكا أكثر مما يخافون الله عز وجل ، ولكن التجربة أثبت أنهم يخافون من الثورات ومن غضب شعوبهم أكثر مما يخافون من أمريكا . وإن وعد ترامب قد اختصر المسافات وأوصل النتيجة في زمن قياسي سريع .
- لقد أثبت وعد ترامب أن " إسرائيل " لا يمكن أن تكون دولة . فهذا مستحيل من ناحية علم الاجتماع . وأن شلالات المال والسلاح التي تأتيها من أمريكا قد تجعل منها مستعمرة أو حصنا منيعا . لكن لا يمكن أن تجعل منها دولة . فالدولة لها دستور وحدود جغرافيا وعلاقات وثروات وقوانين وأرض وديموغرافيا سكان . و" إسرائيل " لم تملك ذلك ولن تملك من ذلك . هي مستعمرة ولن تكون أكثر من معسكر للجيش الامريكي .
- بسبب وعد ترامب حسمت قيادة منظمة التحرير نفسها مرة واحدة ، وندمت على تجربة المفاوضات برعاية أمريكية . وتثبت جميع الدلائل أنها لن تعود ( ولن تجرؤ ان تعود ) الى هذه التجربة ، مهما فعلت اسرائيل .
- وعد ترامب جعل أمريكا مرة أخرى هي العدو ، ورغم ان فلسطين بلد صغير وفقير وتحت الاحتلال ، الا ان فلسطين ستكون هي الشرارة التي تنهي سيطرة امريكا على العالم . وجميع التجارب التاريخية تؤكد أن الامبراطوريات العظمى تنتهي بهذا الشكل .
- وعد ترامب أفقد بعض الدول العربية الغنية والكبيرة هيبتها ، ولم تعد لها الاّن أية كلمة أمام ترامب . وبالتالي تتقدم دول اخرى كبيرة بمواقفها لتقود العالم العربي . وأن دولا عربية هيمنت على عناوين الصحافة وطمست القرار السياسي خمسين سنة ماضية قد سقطت الاّن وطار غرابها ، لم يعد لها أي هيبة ولا سطوة سلاح أو مال لتقرر نيابة عن العرب وقد ورطت نفسها بحروب وعداوات مع الأشقاء والجيران ولا تعرف كيف تخرج منها . وهي الان تئن تحت وطء ترامب وجواسيسه ، وتعيش الخوف والفقدان والجوع وتستحق الشفقة .