نشر بتاريخ: 05/02/2018 ( آخر تحديث: 05/02/2018 الساعة: 14:02 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
طلبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من الحكومة البدء فورا بإعداد الخطط والمشاريع لخطوات فك ارتباط مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي على المستويات السياسية والادارية والاقتصادية والامنية وعرضها على اللجنة التنفيذية للمصادقة عليها، بدءاً من تحديد العلاقات الأمنية مع الجانب الإسرائيلي، والتحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي بما يلبي متطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني. كما ويشمل القرار تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل.
والحقيقة أن الأمر صعب في ظل الظروف القائمة في الأرض المحتلة، ولكنه ليس مستحيلا. والصعوبة تكمن في أن قيام السلطة ذاتها ارتبط منذ البداية على التنازل عن مفهوم السيطرة واستبداله بمفهوم الإرتباط بإسرائيل التي أصبح إسمها في الوثائق الرسمية (الطرف الآخر). وبعد عدة سنوات قامت السلطة بتكبيل نفسها بحبال التبعية الكاملة للاحتلال من خلال منظومة الاستيراد والتصدير والسجائر والوقود والكهرباء والمياه وسجلات السكان وحتى تراخيص البناء والمخططات الهندسية (حتى أن اقامة أي جسر أو طريق في مناطق الف في السلطة يستلزم تسليم نسخة من المخطط الهندسي الى سلطات الاحتلال). وهذا ينسحب على جميع مقومات الدولة بما فيها تراخيص السيارات ومواصفات مختبرات الجامعات والمستشفيات والدواء.
لذلك فان طلب اللجنة التنفيذية من الحكومة القيام بفك الارتباط، يعتبر قرارا محمودا، ولكنه يطرح أسئلة ساخنة فورا، وأول هذه الأسئلة هل تريد السلطة الانفكاك عن الاحتلال فعلا؟ أم أنه مجرد تهديد تكتيكي لأغراض سياسية؟
اذا كانت فعلا تريد الانفكاك، فالانفكاك يكون من فوق الى تحت وليس من تحت إلى فوق، يكون من رأس الهرم الحكومي والسياسي. وليس أن يبدأ القرار من العمال المساكين وأصحاب الدخل المحدود وذوي الاحتياجات الماسة.
الانفكاك الاداري عن الاحتلال يعني وقف لقاءات الوزراء والمسؤولين مع ضباط ووزراء الاحتلال. وسحب الاعتراف بإسرائيل هنا وفي كل المحافل.
الإنفكاك الاقتصادي عن الاحتلال لا يعني صك عملة جديدة غير مدعومة، وإنما يكون بالاعتماد على سلة عملات تحمي الاقتصاد الفلسطيني من الانهيار. ونقل كافة العقول والكفاءات الاقتصادية من بيروقراطية الوزارات الى وزارات تنموية مثل الزراعة والصناعة والتكنولوجيا. وحين يصبح وزير الزراعة أهم من أي قائد أمني، وحين يصبح وزير الصناعة أهم من اي سكرتيرة في مكاتب القادة، وحين يصبح وزير التكنولوجيا أهم من مرافق أي مسؤول. نكون قد بدأنا الانفكاك الاقتصادي فعلا.
الانفكاك الامني عن الاحتلال هو إعادة تشكيل عقيدة أمنية جديدة لقيام دولة ذات كرامة وطنية عالية وليس فقط وقف اللقاءات الأمنية والتنسيق الامني. وأنما بتغذية الأجهزة الأمنية بالكفاءات التنظيمية والوطنية واستعادة هيبة التوجيه السياسي.
حينها نكون تحررنا من الاحتلال، حتى لو وضع الاحتلال دبابة أمام بيت كل مواطن عربي.