نشر بتاريخ: 07/03/2018 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
في المجتمع العربي قيمة كبيرة للمرأة الكبيرة في العمر يدركها علماء الإجتماع، وأن احترام للمرأة يزداد في المجتمع كلما تقدمت هي في العمر، وليس العكس مثل بعض المجتمعات الاستهلاكية.
كلما ارتفع عمر المرأة في المجتمع العربي الإسلامي تأخذ أدوارا ومناصب أكبر من الناحيتين الإقتصادية والإجتماعية، تشعر هي بالاطمئنان أكثر، زوجها يحترمها أكثر، أولادها يستشيرونها ويحترمون رأيها، وكذلك العائلة الكبيرة والمجتمع يعطيها صلاحيات مالية وإجتماعية أكبر. ويسمح لها بالقرار في معظم شؤون الحياة.
الرجل العربي يتربي منذ الصغر أن يحترم المرأة الكبيرة في العمر، دون أي اعتبار لصراعات الموضة، ولا أحمر الشفاه. ولا يحتاج سوى إلى ابتسامة (في ابتسامة المرأة، عظمة الحياة وجمالها. وفي عينيها، دهاؤها وعمقها).
المرأة التي تبحث دوما عن شاب وسيم وغني تكون صدماتها في الحياة أكثر تعقيدا، لأن الأمور المذكورة نسبية وغير دائمة، والرجل الذي يبحث دائما عن امرأة أصغر سنا وأكثر جمالا. يفقد السعادة ولا يؤسس بيتا صالحا.
في هذه البلاد، يقدّرون الجمال جيدا. ولكنهم يعرفون كيف يوازنون بين الجمال الخارجي والجمال الداخلي بتلقائية طبيعية. ليس الجمال الخارجي، ولا طلاء الأظافر والرموش الاصطناعية و"تاتو" الحواجب هي العامل الحاسم في معركة الإختيار، وانما النجاح في اختيار شريك/ة للمشاركة في الحياة، الحلوة والمرّة، الرضى الداخلي والتصالح مع الذات، تخاف الله في بيته ويكون لها سندا دائما.
غريبة هذه الحياة.. جميع الذين صادفتهم في رحلة العمر وكانوا يبحثون عن إمرأة كاملة. كانوا هم أنفسهم يعانون من علل الدنيا وجميع عيوب الشخصية، قصير جدا ويبحث عن طويلة، بلا ملامح ويبحث عن ملكة جمال، عاطل عن العمل ويبحث عن إمراة عاملة. عاصي ويبحث عن مؤمنة محجبّة,,, وبالمقابل معظم النساء اللواتي يضعن اللحظة الصادقة، ولا يشاهدن في الرجل الّا وحش يريد نهش لحمها، هن أنفسهن ضائعات في دواخلهن، فشلن. ويرغبن في تعميم تجربة الفشل على شكل نظريات إجتماعية حديثة على الموضة. ثم يندمن طوال العمر لأنهن بالغن في السلبية.
الحضور الجميل، هو الجمال الحقيقي. وقيل قديما (تكلّم حتى أراك).. والبحث المريض عن الكمال مجرد فراغ روحي عميق، صداع سيزيفي لا منتهي.. يولّد الغيرة وتبادل الإتهامات..
قال طاغور:
"لما تسمعين الضحكات
ستذكرين دموعي..
ولما ترين الغدر
ستذكرين وفائي..
ولما تشعرين بقسوة البشر
ستذكرين شفقتي
وستبكين
كما بكيت أنا من قبل
وسيغدر بك الزمان
كما غدرت بي
وسيقسو عليك البشر
كما قسوت عليّ
تلك نبوءتي
يا طفلتي المسكينة
فليتها كاذبة
وليتك لا تذكريني
فإن في ذكراي
شقاء وحسرة"