نشر بتاريخ: 18/03/2018 ( آخر تحديث: 18/03/2018 الساعة: 12:05 )
الكاتب: منيب رشيد المصري
لا شك بأن هناك حاجة ماسة إلى إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني كجزء من ترتيب الوضع الداخلي الذي يعزز قدرة الفلسطينيين على مواجهة ما هو قادم وبخاصة "صفقة القرن" التي تهدف بلا شك إلى إنهاء القضية الفلسطينية وعلى رأسها مدينة القدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المستقلة، وتحقيق حلم الحركة الصهيونية في إقامة "الدولة اليهودية" على أرض فلسطين كمرحلة أولى من تحقيق كل الحلم في إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
ليس جديدا القول بأن الحركة الصهيونية ومنذ العام 1800، تخطط لهذا، فموتمر بازل عام 1897، أسس لوطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وبدأت بعدها التحضيرات ضمن خطة واضحة ومتدحرجة، فأخذت وعد بلفور عام1917، الذي مهد لاحتلال 78% من فلسطين التاريخية وإقامة "دولة إسرائيل"، ومن ثم احتلال ما تبقى من فلطسين عام 1967، والآن الحديث عن "دولة يهودية" تتحقق إذا لم نبادر نحن الفلسطينيون في الاعتماد على ذواتنا في وقف هذا المشروع الذي يهدف إلى اقتلاعنا من أرضنا ومحو تاريخنا وجغرافيتنا.
إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني ليس ترفا أو استحقاقا فقط، بل هو حاجة وضرورة، وعلينا العمل على أن يكون اجتماع جامع هدفه الأول توحيد الساحة الفلسطينية والاتفاق على خطة انقاذ وطني من أجل وقف الانهيار الداخلي أولا والوقوف في وجهة مؤامرة "صفقة القرن"، لذلك السعي واجب في أن يكون الكل الفلسطيني ممثلا في هذا الاجتماع بما فيها حركتي حماس والجهاد الإسلامي حتى يتحمل الجميع مسؤولياته وتتوزع المهام وتُنسق الخطوات.
إن التحضيرات لعقد المجلس الوطني يجب أن تبدأ من الاتفاق على كيفية أن يضم الجميع بغض النظر عن مكان الانعقاد التي يمكن تجاوزها إما من خلال التوافق على مكان خارج فلسطين مثل الجزائر، أو غيرها، أو من خلال التقنيات التي تسمح للجميع بالمشاركة، فلا مجال الآن للدخول في منكافات في الوقت الذي نرى بأن العدو يصعد بشكل غير مسبوق من إجراءاته لضم ما تبقى من الضفة الغربية، وضرب مؤسسات السلطة الفلسطينية، وفي ذات الوقت يعزز من حصار غزة ويدفع بإتجاه عزلها في سبيل إقامة كيان فلسطيني منقوص يقضي على المشروع الوطني.
لدينا الكثير من العمل والقليل من الوقت لإنجازه، ونحن الآن نقف أمام مفترق إما أن نكون أو لا نكون، فالمطلوب من الجميع الحفاظ على أسس العمل المشترك وبناء شراكات داخلية وقواسم مشتركة سنامها مقاومة الاحتلال بكل افرازاته على قاعدة أن التناقض الرئيسي مع المحتل وليس مع الآخر المختلف داخل المجتمع الواحد.
الوضع الحالي وصل حد الانفجار الذي لا يعلم أحد متى وبوجه من سينفجر، ولكن على الأغلب سيكون الاحتلال هو المستفيد الوحيد من هذا الانفجار، فالحال الذي نعيشه صنعناه بأيدينا، وساهم الاحتلال،- بسبب ضعفنا الداخلي وتغليب المصالح الشخصية والحزبية-، في تغذية التناقضات الداخلية وصولا إلى حالة من الاحتراب تذهب بما تبقى من أمل.
استباحة الاحتلال لكل ما هو فلسطيني لم يُبقِ من "السيادة" شيئا غير الاسم، وهذا يدفعنا، أردنا أم لم نرد، إلى ضرورة تقييم الوضع برمته، والعودة إلى الجذور، والاعتماد على أنفسنا، وخلق خيارات خارج المألوف بما يحافظ على وحدتنا ووجودنا أولا وأخيرا على أرضنا.
لا أحد يمكن أن يشكك بأن الشعب الفلسطيني دائم التضحية والعطاء وعلى استعداد لبذل الغالي والنفيس في سبيل نيل حريته، فلنعمل على استنهاض مكنوناتنا الداخلية قبل فوات الأوان من خلال تجديد هياكل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والاحزاب والحركات، والاتفاق على برنامج وطني تحرري يتم العمل على تجسيده عبر خطة واضحة المعالم، تخضع لتقيم دوري، وتحوي على بدائل وخيارات وتعتمد على الفعل وليس ردات الفعل، أساسها أننا جميعا في خندق واحد.
وجودنا وايماننا بأننا جميعا في خندق واحد يحتم علينا أن نتحمل مسؤولياتنا التاريخية والوطنية بأن نشارك جميعنا في اجتماع المجلس الوطني كمسؤولية فردية على كل تنظيم أن يتحملها ويبحث عن ايجابيات المشاركة، وأيضا وفي سياق أن هذه المرحلة شديدة التعقيد فلا شك بأن هناك حاجة إلى تشكيل لجنة تحضيرية للمجلس الوطني تضم الجميع وتضع الخطوط العامة لخطة الانقاذ الوطني.