نشر بتاريخ: 22/03/2018 ( آخر تحديث: 22/03/2018 الساعة: 10:14 )
الكاتب: المحامي سمير دويكات
لا شك انه وكما ان الجسد يمرض فان المؤسسة وهي الشخصية الاعتبارية تمرض، ولكن المؤسسات وكونها ذات طبيعة مجتمعية تمثل صالح عام الناس فانها لا تموت وخاصة عندما تكون احدى سلطات الدولة الحاكمة وهي فلسفة قامت عليها ابجديات الحكم الرشيد في مفهوم الدولة الحديثة، وبالاطلاع على نصوص واحكام القانون الاساسي الحاكمة لهذه السلطة، فاننا نجد انه يوجد بها نصوص قادرة على فرض استقلالها وهيبتها واختيار الكفؤ والافضل دائما. ذلك ان القضاء في كافة المعايير والاتفاقيات والقوانين هو سلطة المواطن الاهم والتي يمكن من خلالها وضع حد لكل التجاوزات ان حدثت.
وبالمرور في اروقة المحاكم نجد كذلك ان هناك معظم القضاة اكفاء قادرين على التكوين المستقل والحكم الناجح لهذه المؤسسة وهو ما ينعكس اجمالا على ادارات الدولة جميعها وهذا كله لن يكون بمعزل عن الارادة العامة للناس والسلطات الحاكمة وكون ان النظام القانوني ليس بمعزل عن الترهلات والامراض التي تصيبه في كثير من النواحي، فهذا ينعكس تماما على اهم جهاز في الدولة.
وفي ذلك كل يغني على ليلاه، القضاة ومؤسستهم في جانبها النشط والمستقل والمؤسسات ذات الشأن العام في مجالها المتفق او المتقاطع ومؤسسات الرقابة الاهلية وما يسمى منظمات المجتمع المدني في جانبها وكل يتصيد للبعض في مواجهة الاخرين.
وفي ظل النظام القائم فان تدخلات السلطة التنفيذية موجودة، منها ما يلملم الجراح ومنها ما يفسد بعض الاحكام ولكن انضمام فلسطين لاتفاقيات دولية كان الاولى فيه ان يسلط الضوء على العمل القضائي ويصنع منها تحول تاريخي لم يسبق في منظومة العدالة الفلسطينية، فالابقاء على الانتقاد والاحباط لن يوصلنا الى شىء وسيؤدي الى الابقاء على الوضع دون تقدم او سيزيد الامر سوءا وان اي اخفاق مستمر في منظومة العدالة سيلاقيه اخفاق مستمر في كل المجالات.
فالحكمة ان يتم الالتقاء على نقطة تطوير واصلاح ما يمكن اصلاحه لانك لن تستطيع ان تقول يوما ان القضاء لم يعد يخدم العدالة او انه لم يعد صالحا، بل عليك ان تقاوم ما هو شائب بسوء لهذا العمل الوطني وان تقدم الحلول، فالكل غير معفي او معذور في اسباب التراجع الوطني بشكل عام.
فهناك حتى من بين بعض القضاة من يرغب في تعزيز الانتقاد السلبي ولكن الجزء الاكبر يرغب في اصلاح الوضع وتطويره، وهو ليس ناتج عن تقلقل في السلطة القضائية نفسها انما انعكاس للوضع والازمة السياسية التي عصفت في البلاد منذ اكثر من عشر سنوات وما تزال، والقضاء المستقل والناجز قادر على وضع حد من خلال اعمال السيادة التي يمكن للمحكمة العليا والدستورية التصدي لها وان الامر ليس مرتبط بمؤسسة بقدر ما هو مرتبط باشخاص يمكن الاستغناء عنهم في ظل منظومة القوانين السارية، وبالتالي فرض التقدم في الجهاز القضائي وتشجيع من هم كفؤ لهذا المنصب واشغاله ومن خلال متابعتي يمكن رد سبب ذلك الى اشخاص غير فاهمين لعملهم وغير مدركين لاختصاصهم كونهم اتوا بغير الطرق القانونية.
فالكل يمكن ان يقوم بعمله من منطلقه الحر والغيور على استقلال القضاء وهنا يمكن الوصول الى تجمع نقاط صالحة، اذا ما قام كل فرد يشغل منصب بدوره الريادي والدستوري دون تغليب مصالحه الذاتية والخاصة.
والاهم في ذلك كله هو ان يكون هناك توعية تشمل الجميع في تعزيز ثقافة القضاء واحترام احكامه وكيانه وان يبقى في منظومته الاخلاقية والقانونية دون مجافاة او تغييب لاحكام الدستور التي يجب ان تحميها المحكمة الدستورية من خلال تفعيل دورها في فرض هيمنة القضاء المستقل ورفع شانه بتطبيق المنظومة دون تحيز او اعتبار لاي شخص مهما علا شأنه ومنصبه.