نشر بتاريخ: 25/03/2018 ( آخر تحديث: 25/03/2018 الساعة: 22:49 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
بعد ان نجح اليمين الصهيوني الحاكم في تعطيل عجلة السلام اسرائيليا باغتيال رابين في 4 نوفمبر 1994، قام اليمين بعد ذلك بتوظيف كافة الامكانيات من اجل تعطيله على الجبهة الفلسطينية، وقد كان له ذلك بعد ان تمكن من تسميم الشهيد عرفات في نفس الشهر ولكن بعد عشر سنوات.
دُفِن السلام مع الشهيد عرفات في المقاطعة دون ترك اي بصمات للقاتل، وبذلك تكون قد تملصت اسرائيل من مسؤولية اغتيال هذا السلام وبالتالي من التعرض لضغوط المجتمع الدولي الذي اظهر دعما غير مسبوق لما عرف بسلام الشجعان عندما ظهر في عام 1993 وكأنه خاتمة احزان الحرب الباردة.
عشر سنوات ما بين الاغتيالين وكانت عجاف بكل ما تعنيه الكلمة استخدمت فيها اسرائيل كل ما هو ممكن من اجل افشال الرئيس عرفات دوليا ومحليا وذلك باستخدام فيروس الارهاب تارة واخرى باستخدام فيروس الفساد. كل ذلك بالرغم من كل ما قدمه الشهيد عرفات من اجل انجاح السلام ليس فقط للاسرائيليين وانما ايضا لاميركا راعية هذا السلام، بداية باملاء اميركا للخطاب المتعلق بنبذ الارهاب الذي القاه الشهيد في جنيف ومرورا بمحطة تغيير الميثاق في غزة عام 98 بحضور الرئيس كلينتون، حتى ان محطة واي ريفر كانت مبادرة عرفاتية من اجل تخفيف الضغط الذي كان يرزح تحته هذا الرئيس من جراء فضائحه مع مونيكا لوينسكي وذلك من خلال تحويل انظار العالم من البيت الابيض الى واي ريفر بلانتيشن ومع ذلك وفي نهاية المطاف تواطأ كلينتون مع باراك، قاتل القاده الفلسطينيين، وقام بتحميل مسؤولية افشال كامب ديفيد الثانية للراحل عرفات. ولكن وبعد عدة سنوات وبعد فوات الاوان وكعادة الرؤساء الاميركان الذين يدركون سوء فعلهم بحق الفلسطينيين بعد تحررهم من مخالب الصهيونية، تراجع كلينتون عن اتهامه الباطل وهو ما اكده كذلك الرئيس كارتر بقوله "كان هناك ادعاء ان الفلسطينيين (عرفات) رفضو عرضا سخيا، الحقيقه انه لم يتم تقديم اي عرض".
وعلى الرغم من كل هذه الحقائق المقلقة والمؤلمة جاء من يحمل الامانة بعد ذلك وهو الرئيس ابومازن الذي لم يكل ولم يمل ولو للحظة في مواصلته البحث عن هذا السلام ولكن كمن يبحث عن ابره في تل من القش.
حقق الرئيس ابومازن اثناء ذلك قدرا كبيرا من الاحترام والمصداقية من قادة العالم وهو الذي التقاهم جميعا، وكان ذلك بسبب عدالة القضية وشرعيتها الاخلاقية التي يحملها الرئيس في حله وترحاله وايضا في قوة حجته وابداعه الدبلوماسي وكما اخبرني احد رؤساء الدول الذين التقيتهم انه يُكِن للرئيس الكثير من الاحترام لصدقه ولثقل ما يحمل على كتفيه. لم ينحرف الرئيس اثناء هذه السنين لا وهو في داخل دائرة الحكم ولا خارجها قبل ذلك قيد انمله عن ثوابته التي كونت بمجملها مدرسة جديدة في الواقعية والتي جعلت من غير الممكن للمتربصين ان يوقعوا به مما اضطر احد جهابذة الصهيونية بوصفه بالارهابي الدبلوماسي دون ان يدري ان هذا مديح لرجل سخر حياته لحل النزاع بوسائل غير عنفية.
مصداقية الرئيس هذه شكلت مصدر قوة له على الصعيد الدولي ولكنها اصبحت مصدر قلق بالنسبة للاسرائيليين في ضحد ادعاءاتهم الكاذبة وعليه اصبح يشكل خطرا عليهم وبالتالي لا بد من ازاحته.
السلام الذي يبحث عنه الرئيس ابومازن لن يجده في هذا الزمن لانه كما ذكرت في اكثر من مرة انه الزمن الصهيو- اميركي الذي اصبح فيه السفير الاميركي لدى اسرائيل متحدثا باسم المستوطنين بالرغم من اعتراف كل رؤساء بلاده ورؤساء العالم كذلك بعلاقة الاستيطان العضوية بتدمير السلام.
في هذا الزمن الذي اصبح فيه البلطجي جون بولتون مستشار للامن القومي لاكبر قوة في العالم، في هذا الزمن اصبح مطلوبا من حركة تحرر وطني التخلي عن اشرف ما فيها، "شهدائها واسراها" مقابل حفنة من الدولارات وذلك من قبل مركز رعاية الارهاب العالمي. وعليه فانه في هذا الزمن لن يتمكن الرئيس ابو مازن لأنه لن يُمَكَن من الوصول لغايته في تحقيق السلام وبالتالي لن يورِث سلاما لخلفه وانما سيورثه كرامة زعيم وشرعية قضية اخلاقية وحق شعب لا يسقط بالتقادم.
لذا بات من الضروري الحفاظ على ما حققه الرئيس خلال 14 عاما من مكتسبات على الصعيد الدولي وذلك من خلال تعزيزه لصمود الشعب وثقته التي منحه اياها هذا الشعب الذي انتخبه وذلك باجتثاثه للفساد والفاسدين والمغرضين الذين اصبحوا اداة تدمير للصمود ولهذه الثقة كذلك.
ثقة الشعب تشكل مصدر قوة الرئيس في الداخل الفلسطيني وثباته في اقليم تحول الى رمال متحركة يتم التحكم بها بنفس المعايير التي تحكم هذا الزمن وهي في نفس الوقت سلاح اخلاقي وشرعي بيد الرئيس ضد المحتل الذي وان نجح هذا المحتل في نزع سلطات سلطة الرئيس لخدمة افشال هذه الثقة الا ان هذا الاحتلال فشل بالتأكيد في كسر عزيمة الرئيس التي تتوجت في تحديه ليس للمحتل فقط وانما لاعتى قوه في العالم، اميركا داعمة هذا الاحتلال وضامن استمراره.
ما قاله الرئيس ابومازن من ان السلطة من غير سلطة حقيقة اصبح يدركها كل الناس ويجدون في ذلك تفسيرا لاختطاف قيادي طلابي من جامعة بيرزيت كما هو اختطاف الالاف الاخرين القابعين في سجون الاحتلال الذين تم اختطافهم من بيوتهم وهم نيام وتفسيرا لهدم جدار سجن اريحا في العقد الماضي واختطاف كل من فيه. هذا هو حال دولة تحت الاحتلال بسلطة من غير سلطة ولكن هو قطعا ليس انتقاصا من قدرة وابداع الفلسطينيين الذين يشهد لهم العالم بانهم تمكنوا من بناء دول يفخر بها اهلها ويفخر بها العالم وذلك بالمقارنة مع اسرائيل التي وصلت الى ما وصلت اليه بقدرات غير اسرائيلية.
المطلوب من شعب الجبارين في هذا الوقت من هذا الزمن هو الانتصار لرئيسه في معركة الصمود من اجل كنس الاحتلال ولو بعد حين وذلك بالتصدي لسلاح الافساد والفتنة الذي يصوبه المحتل الصهيوني وبنجاعه لصدور كل الفلسطينيين.