نشر بتاريخ: 28/03/2018 ( آخر تحديث: 28/03/2018 الساعة: 17:25 )
الكاتب: تحسين يقين
وهكذا، كما حدث وما زال يحدث، اصطف القاضي إلى جانب الجلاد، وقد حسبته لبعض حسن الظن أنه سينتصر للإنسانية متمثلة بالطفلة وأسرتها، فإذا هو، لسوء حظه، يرمي بأهم قانون على وجه الأرض عرض الحائط، ويسجن طفلة كان بالأحرى به أن يسجل موقفا شريفا واحدا في حياته، ليطلب منها ومن أمها برفق الأب أن عودي يا عهد إلى المدرسة! عودي يا ناريمان إلى أولادك وزوجك!
لكن القاضي ما زال خائفا من المؤسسة العسكرية التي لا تخجل من غزو الأبرياء!
"انت العهد
وانت المجد
شامخة كزيتون الأرض
منذ العهد وحتى اللحد
لا لا لن يدنس عرض"
وهكذا أبت اللغة إلا أن تتضامن معها ولو على مستوى الصوت، والحروف، فجاء الجناس اللغوي تاما..
جاء تاما يا صديقنا باسم الجميل، باسم وانت المسالم الى اخر مدى، لكنك غاضب و"تكشّر" في وجه الاحتلال..
هكذا كانت ذكريات اسم الطفلة قبل 17 عاما!
صدق المعاهد وصدقت عهد، وليس في هذا بلاغة لغوية فقط..بل هي البلاغة الإنسانية والوطنية.
لم تغز عهد وأسرتها وقريتها أحدا يا "سيادة القاضي الإسرائيلي" ولا سطو على أحد، هلا نظرت قليلا من الذي يغزو الآخر؟ من الذي يسطو على أحلام المدنيين الأبرياء؟ ولعلك لم تتساءل في نفسك فقط مجرد سؤال، ترى ما الذي دفع عهد واسرتها وشعبنا الى هذه الاحتجاجات؟ قلي بربك الذي نعبد جميعا، هل من الطبيعي أن نغزى في عقر بيوتنا، ومعنا اشجارنا، ونظل صامتين وصامتات؟
الجواب فعلا كما قال المغني: شامخة كزيتون الأرض!
يا وطنا مزروعا فينا
مرساة لكل سفينة
نحن الجزر وانت المد
أحببت هذه الكلمات المهداة لعد التميمي، من قبل شباب عرب جميلي القلب، حتى لكأنني لم أتبين الشاعر من المغني، حيث انتشرت الأغنية وإعيد غناؤها على ألسنة الفنانين والفنانات في أرض عروبتنا.
هل هي كلمات بشار حوامدة أم عمار فريج؟ ام كلاهما؟ هل هي الحان محمد بشار أم آخر؟ من غنتها أول مرة غناء تانيا وخالد مصطفى؟ أم آخران وآخرون؟
هم وهن، من هذا الوطن الجميل، المتضامن والذي به نقوى وتقوى عهد وأسرتها ونحن..
ينتصرون لعهد، وينتقدون واقعنا الواقع في الجزر، لكن لا، فالآمل موجود، لدى عهد وهي تصفع الاحتلال، كونها مؤمنة بوطنها وبعروبتها وبأنه لا بدّ أن يطل يوم تنصرنا فيه عروبتنا وقد اقترب..
"يا شقراء الشعر المكسي
طاهر كطهارة قدسي
علمت اجيال منا
كيف يكون الشعب المنسي"
كلمات غنائية ملائمة لهذا الحضور الجميل والجليل، معبرة فعلا عن هذه الشجاعة، التي لو نمتلك جزءا منها لتغير وجهنا وتهلل فرحا واطمئنانا.
هل نسينا؟ هل تركنا؟
إذن لعل عهد توقظنا جميعا هنا وهناك في بلاد العرب الجميلة الواسعة وسع الروح..
في البدء يكون الغناء..
في البدء يكون الأمل..
بشار حوامدة وعمار فريج ومحمد بشار وتانيا وخالد مصطفى وآخرون يغنون، ويعزفون ويكتبون، ويرسمون..
صارت عهد إيقونة..
وصار الاحتلال قزما..
وراح يحاول تغطية عورته والاختفاء عن المشهد..
"عيناك الزرقاء منارة
وطنا يحضن كل حضارة"
تلك العينان..اللتان حاول غاز أن ينفيهما عنها، مدعيا أنها ممثلة أجنبية تقوم بدور تمثيلي هنا..كأن لون العينين مقتصر على أمة دون أخرى. لم يدر أن الأسرة الجميلة انما كانت تقوم بدورها لكن ليس على سبيل التمثيل بل على الحقيقة.
"وحدت القاصي والداني
لا نامت اعين الجبناء"
لعله توحيدا على مستوى الشعور والتضامن أشقاء وأصدقاء..
وسيكون ما بعد عهد، مختلفا عما قبل عهد..
ستزداد الصفعات السياسية للاحتلال.
"أشعلت في القلب شرارة
وجبينك عال في القمة
يشحذ فينا كل الهمة
أشعلت نورا في العتمة"
نور في العتمة يبدد الظلام والخوف..نور عهد وزميلاتها وزملاؤها الأطفال..نور شعب يأبى استبدال الحية بقفص من ذهب!!!!
"ويداك رغم نعومتها
اهتز العالم لبطولتها"
صدقتما يا بشار حوامدة وعمار فريج..
صدقتما.. وصدقت عهد وابنة عمها نور، وصدق باسم وناريمان واقرباؤها واهل قرية النبي صالح..
صدقت يا باسم وناريمان قبل 17 عاما حينما أطل ازرقاق البحر والسماء من عيني مولودتكما الصغيرة التي كبرت في خفية من الزهور..و:
"ردت للغازي صفعته
أعادت للأمة هيبتها"
وتقول القصة:
ان الطفلة خرجت ذات نهار، فصارت الشهور أياما..
وان الام فرحت بالأب والأرض..
وأن القاضي ظل لا يعرف طعم النوم لبقية حياته..
وأن الشمس أشرقت من جديد..
[email protected]