نشر بتاريخ: 01/04/2018 ( آخر تحديث: 01/04/2018 الساعة: 15:54 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
أمثالنا العامية تصيب في معظم الاحيان ولكنها لا تخطيء كونها انعكاس تلقائي لمجموع ما يختزنه الفرد منذ ان جاء للدنيا دون خيار يفرح ويحزن ويُراكم خبرة في قراءة وتفسير كل ما يجري حوله ولكن بمقادير ومعايير مختلفة حيث يكون لكل فرد متعلم، مثقف كان ام جاهل نصيب في حياكة نسيج هذه الامثال وهذا ما يفسر كيف لها ان تصيب أم لا، ولكنها لا تخطئ. اكبر منك بيوم افهم منك بسنة، مثل دارج له ما يبرره ولكنه ليس بالضرورة ان يكون صائب، هناك مثل اخر سمعته مرة واحدة قبل سنين ولم اسمعه بعد ذلك ربما لانه غير معروف لصعوبة مفرداته يقول "فُطَر بتنصب للقُعَد زحاليق" الفطر هي الجمال حديثة العهد والقعد هي الجمال الكبيرة في السن وهو يعني التندر من قليل الخبرة الذي يحاول وضع عراقيل /زحاليق في طريق المحترف صاحب الخبرة، هذا المثل يتردد في ذهني وذاكرتي منذ ان بدأ المد والجزر بين فتح وحماس ومحاولات حماس توظيف كل ادواتها من اجل تبرير استمرارها في حكم غزه دون اعتراف بفشلها بعد كل هذه السنين ووصول الحال هناك الى حافة الهاوية او بالاصح لكارثة انسانية المتضرر منها هو الشعب والمنفذ حركة حماس اما المستفيد فهو الاحتلال الذي خطط لهذه النهاية الكارثية عندما اعاد تموضعه بخروجه من داخل غزة في عام 2005 ليحاصرها من الخارج، والهدف هو اقامة دولة غزة التي رفضتها قيادة فتح وبشدة وهو ما ذكره الشهيد ابواياد في اكثر من مرة قبل سنين من ولادة حماس.
الخوض في هذا الموضوع هو اصرار ودعوه لتوظيف كل ما هو ممكن من اجل ان تعود اللُحمَة للقيادة السياسية الوطنية والاسلامية التاريخية والقائمة والجديدة القادمة على مبدأ تحريم الاقصاء وتحليل الشراكة لقيادات هذا الشعب الذي قرر ان يتلاحم في يوم الارض الخالد تحت علم فلسطين دون اي اعتبار لاي خلاف سياسي لقياداته وكأنه يقول "حِلَو عنا" خصوصا بعد ان ظهرت من بين ظهرانينا عهد التميمي الطفلة التي اصبحت ايقونة فلسطين بمجهود ذاتي لتؤكد على ان الثورة ورفض الظلم شيء فطري وغير مكتسب وبالتالي لم يعد بالامكان ارغام احد على تبني موقف سياسي او فرض قائد وانما هي تراكم ممارسات بالفطرة تشكل في النهاية القادة الحقيقيين وذلك على عكس القادة المتسلقين على أكتاف شعوبهم والذين يتشكلون كاحتياج انتهازي متغير بتغير الظروف التي اوجدتهم.
حركة حماس نشأت في عام 88 بهدف ان تكون بديل لكل ما هو موجود الا انها اعادت انتاج حركة فتح ولكن بعباءة دينية مُأدلجة، وبذلك ارتكبت حماس خطيئة تجاهلها للانجازات التي حققتها حركة فتح على مدار 23 سنة قبل ولادة حماس وعلى كافة الصعد المحليه والاقليميه والدوليه. كان الأَولى بحركة حماس ومنذ ولادتها المشاركه او الاندماج في منظمة التحرير الفلسطينيه، الا انها لم تفعل بحكم ان فتح تشكل العمود الفقري لهذه المنظمه وهو ما يتناقض مع اولوية حماس في الانتصار لحركة الاخوان المسلمين اولا وللامه التي تعتبر فلسطين جزأ صغيرا جدا منها وذلك مقارنه مع فتح التي انطلقت في عام 65 من اجل فلسطين اولا واخيرا.
طبعا هذه القراءة المختصره ليست جديده على الكثيرين وخصوصا النُخَب ولكن لا بد من التذكير بها بين الفتره والاخرى حتى لا نبقى نجلد الابرياء منا رئيسا كان، فصيل كان ام فصائل وذلك في محاوله للهروب من المسؤوليه لما الت اليه الحال من دمار وقتل وكوارث وخصوصا في قطاع ال 360 كيلومتر مربع والذي يسكنه قرابة المليونين بمعنى ان لو حجرا صغيرا سقط من السماء في غزه لاصاب راس انسان ومع ذلك ساحاول ان اكون محضر خير بقدر الممكن.
عودة اللُحمة لهذا الشعب في تماسكه وصموده هي كل ما تبقى لنا من مخزون ادوات الانتصار الممكن عندما تتوفر ظروف الانتصار التي تلاشت بتباعد ذوي القربي من اجل مصالح انيه ان لم تكن شخصيه لخدمة عروش اصبحت ايله للسقوط. عودة اللُحمه بين اطراف وطن او بقايا وطن قبل ان يحرقه عشق الحكم والسلطان .
لم يعد ممكنا لا لي ولا لغيري الصمت عن جريمة محاولة تفجير موكب رئيس الوزراء وبحجج وشهادات غير مقنعة اذ لا يعقل اقناع عاقل او حتى مجنون ان يتم زراعة متفجرات في طريق رئيسي يمر منه الموكب دون اذن او مباركة من الذين يملكون زمام السيطره امنيا واداريا على هذا الطريق. هذه الجريمة بالرغم من انها فشلت الا انها وللاسف حققت نتائجها في ضرب المصالحة وعودتها الى المربع الاول.
ليست المره الاولى (ولكن اتمنى ان تكون الاخيرة) التي ينصب بعض قادة حماس فيها زحاليق لمن هم اكثر منهم دهاء وخبرة في قيادة فتح وهو ما يتطلب وقفة مراجعة تنسجم مع مواقف وطنية افصح عنها مشعل قبل مغادرته للموقع الاول والتي اعتقد انها ما زالت تجد لها صدى لدى البعض من القياده الجديده برئاسة اسماعيل هنيه.
الوضع الفلسطيني في اقليم اصبحت فيه اسرائيل صديقه لمعظم الانظمه يؤكد على ان حماس لم ولن تكون حزب الله في فلسطين وغزه لم ولن تكون هانوي / فيتنام وبالتالي فالاولى بحماس ان تعود الى الحضن الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير حيث لا حاجه للزحاليق وانما هناك حاجه للابداع الجماعي الفلسطيني من اجل تحويل منظمة التحريرالفلسطينيه الى دوله فلسطينيه مستقله ذات سياده عاصمتها القدس.