نشر بتاريخ: 08/04/2018 ( آخر تحديث: 08/04/2018 الساعة: 11:48 )
الكاتب: خالد السباتين
من رحم الظلام يولد الفجرُ ومن قلب المعاناة يصنع الأملُ فاليوم غزة بشعبها تحوّلت الى غرفة عسكرية تقود كافة الفصائل وتقود منظمة التحرير بأكملها اليوم غزة تقف في وجه ترامب ونتنياهو وتوجه رسالة للعالم أن هنالك شعب ما زال يقبع تحت الاحتلال وأن هناك قضية شعب يجب ان يلتفت العالم لها وان هناك ما زال يوجد لاجئين في أوطانهم وأن هنالك أطول وآخر احتلال في العصر الحديث وأن هناك مافيا عسكرية تمارس القتل والجرائم البشعة دون حسيب او رقيب تدعى اسرائيل.
القوة البشرية هي أقوى من اي سلاح صنعته اليد البشرية فالشعوب الهادرة من كل صوب وحدب التي تطالب بحقها وتطالب بعدالة قضيتها ورفع الظلم عنها لا يمكن ايقافها واخافتها بالرصاص والقنابل المسيلة للدموع اليوم اسرائيل تفقد السيطرة عسكريا وتدخل في حالة هستيريا فالعالم بأكمله اليوم يعود بالنظر الى غزة بشعبها وكوشوكها ودخانها المتصاعد ويلتفت الى شهدائها وجرحاها لكن هذه المرة ستكون الموازين مختلفة وستكون النتائج مفاجأة الشعب قرر عدم التراجع وقرر الاستمرار في هذه المسيرات السلمية التي ترعب اسطورة الجيش الذي لا يقهر نعم كوشوك ومرآة وقناع للحماية من الغاز المسيل للدموع هذا كل مايملكه المتظاهرين في غزة نضف الى ذلك الارادة والعزيمة في كسر هيبة وشوكة هذا المحتل الغاصب.
اليوم غزة اقوى من الدوبلوماسيين والسياسيين والعسكريين اليوم غزة اقوى من البيت الأبيض و اقوى من الكنيست الاسرائيلي اليوم غزة بعقلية شبابها تقود مسيرات سلمية وتتجنب استخدام اي نوع من انواع الاسلحة التي قد تنعكس سلبيا على مسيراتها لكننا لاحظنا من وجود تنظيم وانضباط في صفوف هذه المسيرات وهناك وعي تام بعدم الحاق اي ضرر قد يعيق تقدم هذه المسيرات الى الأمام.
ومن هنا يجب أيضا على كافة الفصائل ان تلتقط هذه الفرصة وتنضم الى ركب هذا الشعب العظيم حتى تصبح الجبهة موحدة ويجب استغلال ما يحدث ايجابيا في ملف المصالحة والعمل على انجازة بكل ما أمكن لأنه الثغرة الوحيدة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ عقد من الزمان لذلك ان الاوان لوضع الخلافات جانبا والاتفاق على خطة عمل سياسية مشتركة للخروج بنتائج ايجابية وتوظيف هذه المسيرات بطريقة تخدم عدالة القضية الفلسطينية فالوحدة الوطنية أصبحت مطلب أساسي وليست اختياري وأن الانخراط بشكل موحد في مواجهة هذه الصفقة الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية لا تكون الا من خلال الاسراع في تطويق الأزمة بين حركة فتح وحماس وخفض مستوى التوتر والتشنج في العلاقات بين الطرفين لأن ما قدمته الجماهير اليوم يستحق من كافة المستويات السياسية التقدير حتى تبقى هذه الجماهير محاطة وملتفة بقياداتها ورافضة لسياسة فرض الإملاءات والحلول عليها.
اليوم أثبت الشعب الفلسطيني للعالم أنه شعب محب للسلام وأثبتت اسرائيل كعادتها انها دولة إرهاب همجية عسكرية مافيا حرب يقودها متطرفين لا يعرفون الا لغة الرصاص واراقة الدماء اليوم خرجت فلسطين برجالها و نسائها و اطفالها و شيوخها بمظاهرات سلمية لإحياء مسيرات العودة و خرجت اسرائيل بجنودها و دباباتها و ذخيرتها الحية لتواجه العزّل و الأبرياء لتواجه من يرفع علم و من يحمل غصن زيتون و من يعلق خارطة اليوم ارتبك الكابينيت و فقد السيطرة في القرارات التي سيتخذها فالعالم يرى و يسمع بأم عينه جرائم هذا الأحتلال الغاشم الذي يواجه المظاهرات السلمية بالأسلحة الأوتوماتيكية و القناصة المنتشرين على رؤوس الجبال.
مسيرات العودة الكبرى وجهت عدة رسائل لصاحب البيت الأبيض و حاشيته على وجه الخصوص أن ملف اللاجئين لا يسقط بالتقادم و أن ملف القدس لا يمكن أن يحدد مصيره رئيس أو عشرة أو عشرين و أن قوانين العالم بأكمله ضمنت الحق للشعب الفلسطيني بتقرير مصيره و فق كافة الشرائع الدولية لذلك اذا كان ترامب يعتقد ان المسألة جرة قلم و ينتهي كل شيء يكون بذلك قد أثبت للعالم أنه بعيد كل البعد عن مدى وعيه بهذا الصراع و هو كذلك و مدى جهله بالقضية الفلسطينية فإذا كان الصراع يتعلق بالحدود اليوم الصراع أصبح يتعلق بالوجود و هذه المسألة تتوارثها الأجيال بالفطرة و لا يمكن أن تتنازل عن حقها مها طال الزمان.
ترامب الذي عيّن مؤخرا بولتون مستشاراً للأمن القوي الأمريكي يكون قد أكمل الحلقة و الفريق الذي يعمل لصالح اسرائيل و بهذا بات زراق البيت الأبيض واضحاً و خطة أو كذبة واشنطن للسلام باتت أوضح لكن شعلة هذا الشعب لا تنطفئ و ستبقى المقاومة بكافة اشكالها حق له حتى انهاء هذا الاحتلال فاليوم سقط ترامب و نتنياهو و ايزونكوت و ليبرمان و نفتالي بنت و جرينبلات كوشنير و فريدان اليوم سقطت تل ابيب و واشنطن و سقطت صفقتهما و عشات غزة و الخليل ونابلس والناصرة ويافا وصفد وعاشت المخيمات القابضة على الجرح وعاشت فلسطين كل فلسطين بقدسها وقيامتها بمسلميها ومسيحييها عاشت فلسطين بأسراها و جرحاها و شهداءها عاشت فلسطين التي أفشلت صفقة القرن ووقفت في وجه أميركا العظمى و رئيسها الهائج تاجر البيت الأبيض.
ستبقى غزة عنوان للصمود و التحدي و مدرسة عسكرية يتعلم منها كل جيوش العالم...