نشر بتاريخ: 11/04/2018 ( آخر تحديث: 11/04/2018 الساعة: 11:51 )
الكاتب: محمد حجازي
إندفع الفلسطينيون في مشهد وجداني نحو حدود قطاع غزة مع فلسطين التاريخية، في انسجام فعال لكل أطياف الشعب الفلسطيني، وخاصة بعد محاولات الإدارة الأمريكية إزاحة ملفي القدس واللاجئين عن طاولة الحل والمفاوضات، مسيرة العودة سلطت الضوء على قضية اللاجئين ذات الرمزية العالية لدى الفلسطينيين وتشكل ردا على إدارة ترامب، الشعب لم يخرج لرغيف الخبز وهو بحاجته، ولم يخرج بسبب الفقر والكهرباء ونقص المياه وهي يعاني من ذلك، بل خرج للتأكيد على حق العودة ودعما للأونروا باعتبارها الدليل السياسي والقانوني، لقضية اللاجئين ولوحدة اللاجئين الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم، خرجوا لأن قضيتهم سياسية بامتياز تتعلق بالحرية والاستقلال وحق تقرير المصير، بعدما حاولت إسرائيل عزل القطاع عن القضية الفلسطينية وعن القدس والضفة الفلسطينية، حاول البعض ممن يعيش بين ظهرانينا أن يصور أن قطاع غزة قضية إغاثة دولية فقط متساوقا مع مواقف عربية وعالمية، التي كانت تصور قطاع غزة "المنطقة غير صالحة للسكن" منطقة تسًول وإغاثة، ولكن الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة، الذي حاول البعض تحطيمه وإفقاره وتكسيره ومحاصرته ......... إلخ، ينهض من تحت ركام دمار ثلاثة حروب تدميرية، وانقسام مقيت، ويعيد قضيته إلى وجهها المشرق في مشهد جعل من العالم يقف على قدم واحدة، ويجعل عدوه التاريخي والسياسي يصيبه الذهول والحيرة، حتى الإدارة الامريكية مارست جهدا وقحا لمحاولة الدفاع عن قتلة الأطفال في مجلس الأمن، وإن نجحت ولكنها فشلت في مختلف الميادين، وها هي جرائم الجيش الإسرائيلي على شاشات التلفزة العالمية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، الصورة حولته " أقوى جيوش المنطقة" إلى مهزلة، إرادة الشاب الفلسطيني هزته وانتصرت عليه في الميدان وفي وجدان العالم الحر، وأصبح الخبر الفلسطيني له مكانته بعد أن ضاع في حروب العرب المذهبية لصالح إسرائيل، وأعاد الاعتبار للقضية الوطنية الفلسطينية.
عندما خرج الفلسطينيون المقدسيين في انتفاضة عارمة سلمية ضد ممارسات الاحتلال القمعية "معركة البوابات الإلكترونية"، كانت الصورة حاضرة في وجدان العالم الحر وصدرت إدانات وقرارات دولية دعما لنضال المقدسيين، وهذا لم يكن ليحدث لولا إصرار المقدسيين ووضوح هدفهم المحدد بإزالة البوابات والكاميرات، أديا لنجاحهم وانتصارهم وإجبار العدو على إزالة بواباته الإلكترونية وكاميرات المراقبة، وكان انتصارا فلسطينيا كنا بحاجة إليه قي ذلك الوقت حتى يستعيد شعبنا دوره في المبادرة.
وجب على الفلسطينيين تحديد هدفهم ورؤيتهم في مسيرة العودة، التي ستكون ذروتها يوم 15 أيار القادم الذكرى 70 للنكبة، يشتغل العديد من الناشطين السياسيين والقادة الميدانيين في تحديد استثمار هذا الجهد النضالي، والذي هو بالتأكيد فعل نضالي تحرري، وحتى لا يفكر البعض بتحويل هذا الإنجاز لخدمة أجندته الخاصة، أو أن يتم مقايضة ذلك بالدعم المالي والوعودات الكاذبة، هناك حديث يدور عن محاولة تخفيف الحصار وإدخال المساعدات، أي نرجع للأسطوانة الإغاثة والتسول، هناك مطالب حقيقية للناس لا يحلها إلا إنهاء الانقسام واستعادة الحياة الديمقراطية في فلسطين، التي أضاعها وداس عليها الانقسام ، يجب أن تكون مطالبنا سياسية مرتبطة بحقوقنا، التي يجب ان نحددها وفق معطيات الواقع ومحدداته، أن لا نبالغ لأن معركتنا مع العدو مازالت طويلة، وتحتاج لظهير وعمق عربي فعال، وقبل كل شيء نتوحد سياسيا وفصائليا كجماعة سياسية واحدة، كما توحدنا في ميدان شرق قطاع غزة.
الهدف الأول والذي تحقق ميدانيا هو وحد الفلسطينيين وإنهاء الانقسام، أما الهدف الثاني والآني هو إفشال خطة القرن، ودفع الرئيس الأمريكي للتراجع عن قراره بشأن القدس والمستوطنات وحق العودة ودعم الأونروا، قد يقول البعض هذا هدف بحاجة لجيوش جرارة لتحقيقه، ولكن إرادة شعبنا في ذهابه وتأسيسه لانتفاضة شعبية غير مسلحة وتعم كل المناطق الفلسطينية كفيل بتحقيق ذلك، ولان قطاع غزة هو البداية، سواء في شرارة الثورة الفلسطينية المعاصرة، أو بالانتفاضة الأولى والثانية، لما لا تكون الانتفاضة الثالثة، خاصة وأن الواقع يستدعي ذلك وان مقومات الانتفاضة الثالثة بدأت بالظهور، ولكن يبقى الانقسام هو طعنة بظهر الثوريين المتواجدين في مختلف ميادين المواجهة مع العدو الإسرائيلي.
ظن العدو الإسرائيلي أن الفلسطينيين سوف ينسوا قضيتهم، عبر إشغالهم بخلافاتهم السياسية تارة، وتارة أخرى بإفقارهم وتحطيمهم وتهجيرهم إلى المنافي، ولكنه نسى أن التاريخ الفلسطيني جميل فيه الفدائي يتدثر بالجبال وفيه درويش والأميلين والقاسم وأدوارد سعيد وكنفاني، تاريخ جميل ولكنه صعب ومرير فيه ايضا شهداؤنا وأسرانا نضال جيل يتبعه جيل أكثر إصرارا ومثابرة ومعرفة.