الثلاثاء: 11/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

خياران أمام المجلس الوطني.. لا ثالث لهما

نشر بتاريخ: 28/04/2018 ( آخر تحديث: 28/04/2018 الساعة: 15:28 )

الكاتب: د. عبير عبد الرحمن ثابت

أستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية
بعد أيام قليلة يعقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته الثالثة والعشرين في مدينة رام الله، والتي تدور حوله الكثير من الخلافات والاختلافات خاصة بالمكان والتوقيت أو البرنامج والعضوية؛ علما أنه ثمة دلالة سياسية للمكان ورسالة مهمة بأن الضفة الغربية هي الثقل السياسي للدولة الفلسطينية المحتلة في توقيت حساس تعصف الأحداث المتلاحقة فيه بالمشروع الوطني الفلسطيني وتنذر بضياعه. وبعيدا عن الخوض في كافة تحفظات القوى الفلسطينية الرافضة للمشاركة؛ وخاصة أن الجميع تمنى أن يشارك الكل الفلسطيني بدورة المجلس الوطني الفلسطيني والذي هو البرلمان الرسمي للفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم، والأمل كان أن انتهت حقبة الانقسام البغيض وكل خلافاتنا الداخلية، وذلك ليتفق الفلسطينيون على خارطة طريق موحدة لمواجهة التحديات السياسية التي تعصف بقضيتنا، ولكن وطالما سيتم عقده في الموعد المحدد، فإن على أعضاء المجلس المشاركين اليوم في عقده أن يدركوا أنهم أمام مهمة تاريخية لن يغفر التاريخ لهم إن فشلوا في إنجازها، فبين أيديهم مصير شعب وقضية هي أعدل قضايا الانسانية، وعليهم أن يدركوا أن ما بعد هذا المجلس لا يجب ولن يكون كما كان من قبله، لأن مخرجات المجلس الوطني أيا كانت سترسم معالم مرحلة فلسطينية جديدة بخيارين لا ثالث لهم؛ فالأول إما ضياع المشروع الوطني الفلسطيني والتفتت؛ والثاني تعبيد طريق الوحدة والتوافق والحفاظ على المشروع الوطني وليس أمامهم خيار ثالث.
ولمنع الخيار الأول والبدء في الخيار الثاني؛ فالحل ببساطة يتلخص في كلمة واحدة وهي الديمقراطية؛ وهي طوق النجاة لأي شعب حر، والمطلوب من المجلس الوطني الفلسطيني أن يضع حدا قاطعا لمرحلة ديمقراطية غابة البنادق؛ وأن يضع الأسس للانتقال بالنظام الفلسطيني من مرحلة النظام الثوري العسكرى إلى النظام المدني الديمقراطي الحقيقي؛ والذي تستبدل فيه الشرعية الثورية بشرعية صندوق الاقتراع؛ وهذا يتطلب بالأساس إعادة حصر وتوحيد السلطات المتشعبة فيما هو قائم اليوم في سلطتين تشريعية وأخرى تنفيذية واضحتي المعالم والصلاحيات، وهو ما يتطلب البدء في إعداد دستور حديث للدولة الفلسطينية يحاكي التطور الحضاري لأنظمة الحكم الديمقراطية المتقدمة والناجحة، وكذلك على المجلس الوطني صياغة خارطة طريق للاستبدال السريع لمنظمة التحرير ومؤسساتها بمؤسسات الدولة الفلسطينية؛ خاصة وأن دولة فلسطين أصبحت تمتلك من الشرعية الدولية ما يكفي ويزيد عن شرعية منظمة التحرير بعد حصولها على مكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة، إضافة إلى ذلك إن خطوة من هذا القبيل ستعد قفزة ثورية سياسية نحو ترسيخ مفهوم الدولة كواقع مجسد على الأرض علاوة على أنه تجسيد قانوني مستحق للحق الفلسطيني المدعم بالإرادة الدولية؛ وخطوة هامة وحيوية نحو الخروج من دائرة اتفاق أوسلو إلى دائرة الشرعية الدولية التي تقطع الطريق أمام أي تسويات تصفوية ومجحفة بالحق الفلسطيني.
إن خروج المجلس الوطني بقرارات بهذا المضمون سيحول المشهد السياسي الفلسطيني القائم نحو الاتجاه الصحيح؛ وسيكون بمثابة قارب النجاة للمشروع الوطني الفلسطيني الذي سيشارك فيه الكل الوطني الفلسطيني؛ ويحميه كل أحرار العالم؛ ولن يستطيع أعداء الشعب الفلسطيني عرقلة أو حتى اعتراض طريقه لأنه محصن بإرادة الشعب قبل أن تحصنه الشرعية الدولية.
إضافة إلى ذلك فإن خروج المجلس الوطني بقرارات بهذا المضمون ستنهي الأسباب الحقيقية للانقسام الفلسطيني؛ وستسرع بإنهائه على أسس وطنية صحيحة وبإرادة فلسطينية حقيقية تأسس لعهد جديد مضمونه الانتصار للإرادة الشعبية الفلسطينية؛ والتي هي كل ما تبقى لأي صانع قرار فلسطيني فى ظل انسداد طرق الخيارات الأخرى.
إن أي مخرجات للمجلس الوطني غير ذلك تعني أننا في الطريق إلى الخيار الأول آنف الذكر، فليس ثمة خيار ثالث أمامنا اليوم حتى وإن إدعى البعض غير ذلك، فإما أن نكون أو لا نكون.

[email protected]