نشر بتاريخ: 29/04/2018 ( آخر تحديث: 29/04/2018 الساعة: 13:24 )
الكاتب: سمير عباهره
بعد ان توقف قطار المصالحة وأصبح من الصعب تحريكه لأسباب ليست مدار حديثنا توجهت انظار حماس الى الحدث السياسي الابرز في الساحة الفلسطينية وهو انعقاد المجلس الوطني في الثلاثين من نيسان "ابريل" الحالي في العاصمة المؤقتة رام الله. انظار حماس بالتأكيد ليس ذاهبة باتجاه المشاركة في اجتماعات المجلس بل باتجاه خلط الاوراق في الساحة السياسية الفلسطينية من خلال الدعوة لعقد مؤتمر وطني مواز يهدف لعدم إعطاء الشرعية للمجلس الوطني والعمل على خلق بدائل وكيانات لشرعية منظمة التحرير الفلسطينية حيث تعول حماس على ذلك من خلال دعوة بعض القوى الفلسطينية والشخصيات المعارضة المستنكفين عن المشاركة في اجتماعات المجلس الوطني للاستجابة لتوجهاتها حيث جاءت مقاطعة تلك القوى للمشاركة في جلسات المجلس الوطني تحت مبررات تكاد تخلو من المسئولية في هذا الوقت الذي تواجه فيه القضية الفلسطينية تحديات متشعبة يجب الوقوف امامها ومجابهتها من خلال التأكيد على الوحدة الوطنية وحضور كافة القوى الفلسطينية وكافة الاطياف السياسية لجلسات المجلس الوطني والمشاركة فيها.
بعض قوى اليسار ورغم مقاطعتها لجلسات المجلس الوطني الفلسطيني إلا انها اعلنت رفضها التام لمشروع حماس ورفضها المساس بمنظمة التحرير وأي سياسات أو نشاطات يمكن أن تؤدي إلى تشكيل أطر موازية للمنظمة وأعلنت تمسكها بالممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
حماس لا تريد بأي حال من الاحوال المشاركة في اجتماعات المجلس الوطني حتى لو توافرت لها كافة الظروف ونضجت كافة الشروط لان اهدافها الاستراتيجية تنحصر في نزع الشرعية عن القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية ومشاركتها تعني الاسقاط لإستراتيجيتها ولذلك جاء تحركها سريعا ببدء الاعداد وإجراء الاتصالات لعقد مؤتمر وطني مواز للمؤتمر الشرعي لقناعتها وإدراكها التام ان هذه المرحلة باتت مصيرية في عمر القضية الفلسطينية ونجاح انعقاد المجلس الوطني وخروجه بقرارات لصالح القضية يعني تثبيت شرعيات جديدة بانتخاب لجنة تنفيذية جديدة وتأكيد جديد على شرعية القيادة الفلسطينية وخطها السياسي ومشروعها الوطني وهو ما يعد ضربا لإستراتيجيتها.
فشل تحقيق المصالحة والتي تتحمل حماس الجزء الاكبر من اسباب الفشل حيث لم تكن معنية بالوصول الى توافق لا يعني التوجه لضرب الشرعية الفلسطينية والبحث عن كيانات موازية وخلق بدائل للتمثيل الشرعي الفلسطيني فهذا يصب بعيدا عن الاهداف الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني.
صحيح ان طبيعة المرحلة دائما ما تفرض المواقف السياسية لكن يجب ان تكون هذه المواقف عوامل جذب وليست عوامل طرد. فشروط حماس للمشاركة في المجلس الوطني ليست متعلقة بالزمان والمكان بقدر ما هي متعلقة بأجندتها وفي حساباتها السياسية الساعية للسيطرة على قمة الهرم السياسي الفلسطيني.
ادعاءات حماس ومعها بعض الفصائل الفلسطينية الرافضة للمشاركة بحجة انعقاد المجلس في رام الله دحضتها مجموعة من الوقائع.فهناك دورات للمجلس الوطني الفلسطيني عقدت في عواصم عربية وتم مقاطعتها من قبل بعض الفصائل الفلسطينية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر دورة المجلس الوطني التي عقدت في العاصمة الاردنية عمان 1984 وقاطعتها الجبهة الشعبية اضافة الى ان الجبهة الشعبية شاركت في اجتماعات المجلس الوطني الذي عقد في غزة عام 1996 وهو وضع مشابه لوضعنا اليوم وهنا سقطت تلك المبررات التي تسوقها القوى الرافضة للمشاركة. ثم ان انعقاد المجلس في رام الله وما ينطوي عليه من ابعاد سياسية هو تثبيت للسيادة الفلسطينية على الارض الفلسطينية وما تلك الذرائع التي تسوقها حماس تحديدا بانعقاد المجلس تحت "حراب" الاحتلال الا تعبيرا عن قصور سياسي في فكر هؤلاء لنتساءل .. اين يجري الاعداد لمؤتمر حماس الموازي؟ اليس في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة في الخامس من شهر ايار مايو القادم. اليست الولايات المتحدة من تبنت الاستراتيجية الاسرائيلية بالكامل .
انعقاد المجلس الوطني ليس تفردا من القيادة الفلسطينية التي وجهت الدعوات لكافة القوى والفصائل الفلسطيني لكن حسابات سياسية واضحة حالت دون وصول تلك القوى رغم الصعوبات التي تفرضها طبيعة المرحلة وما احوجنا للوحدة الوطنية في هذا الوقت بالذات. وكان من الاجدر بتلك القوى التأكيد على مشاركاتها دعما للموقف الشرعي الفلسطيني الرافض لصفقة القرن ومشروع ترامب والموقف السياسي الذي اتخذته القيادة الفلسطينية بوقف كافة الاتصالات مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بعملية السلام بل رفض الدور الامريكي المنحاز لإسرائيل . الهموم الوطنية والامال والطموحات دائما حاضرة في الوعي الوطني الفلسطيني وستكون على سلم الاولويات في في اجتماعات المجلس لمناقشتها والخروج بقرات هامة في الانتقال الى مرحلة الدولة.