نشر بتاريخ: 13/05/2018 ( آخر تحديث: 13/05/2018 الساعة: 11:31 )
الكاتب: رامي مهداوي
يقول ابن منظور في لسان العرب: "يقال قدوة لما يقتدى به. قال أيضا: والقدوة ما تسننت به، ويعني الاقتداء في كلام العرب بالرجل، إتباع أثره والأخذ بهديه، فيقال:" فلان يقدو فلاناً" إذا نحا نحوه وسار على دربه واتبع أثره."
استقالة الأخ د.ناصر القدوة من عضوية اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني" فتح"_لأي سبب كان وهو ليس موضوع المقال_ جعلتني أفكر في زوايا مختلفة أهمها بأننا كجيل شاب ينتمي لتراب وسماء الوطن ما أحوجنا لشحن الهمم من خلال قدوة لنا نصنع واياه النصر الفعلي وليس الخطابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
جميعنا يبحث عن الخلاص من مأزق أين هو هذا القدوة الذي سيستطيع جمع كل الأطياف المتشرذمة والمنقسمة على بعضها البعض؟ الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة التاريخية يرفض كل أدوات التلقين في جميع مناحي الحياة وأهمها السياسية، وهنا لا أتحدث بوجه الخصوص عن حركة "فتح" وإنما جميع الفصائل الفلسطينية وجميع مكونات بقايا النظام السياسي الفلسطيني، لهذا نحن بحاجة الى أن نقدم نموذج وطني قدوة لنا لنقل الأفكار وتطبيق أفعالها.
استقالة د. ناصر جعلتني أتأكد من ذاتي أولاً وأخيراً بأن قدوتي الوطنية والفتحاوية بالإتجاه الصحيح، فهذا الرجل لا يعبر فقط عن انتمائه المخلص لحركة "فتح" وإنما لوطنيته وإنسانيته المستمدة من فعل سياسي يومي متراكم على مر السنوات، فمنذ دخوله الجامعة حتى هذه اللحظة وهو يحاول بكل جهد يمتلكه أن يقدم للقضية الفلسطينية ما استطاع من تعزيزات دبلوماسية على سبيل المثال لا الحصر معركة الجدار، فهو الرجل الذي كان خلف الشمس والمحارب الدبلوماسي الشرس الذي حارب من أجل اصدار قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن جدار الفصل العنصري.
إن واقع المجتمع اليوم يشكو الضعف السياسي البنيوي رغم انتشار المؤسسات المختلفة، أصبح أطفالنا وشبابنا يقتدون بلاعبي كرة القدم من ميسي ومحمد صلاح ورونالدو، والأكثر رعباً اذا ما سألناهم عن "القيادات من مختلف القطاعات" التي مازلت على رأس عملهم اليومي سيستهجنون عمّا نحن نسأل؟!
إن غياب القدوة السياسية، الوطنية والمجتمعية من مجتمعنا؛ ساعد في انتشار الكُفر الوطني والتيه السياسي وضياع الأفق الذي على الكل الفلسطيني أن ينظر له، ومن هنا تكمن أهمية القدوة السياسية الوطنية ، فكلما ازدادت القدوات انتشر الفعل السياسي الفعّال كلٌ حسب اختصاصه ومجاله.
المجتمع الفلسطيني اليوم بحاجة إلى القدوات التي تبرز في ميادين الحياة، القدوة التي تدعو إلى حماية الوطن وبناء مؤسساته ، القدوة التي تحافظ على مصلحة الحركة قبل الحفاظ على مصالحه الشخصية، القدوة التي تستخدم لغة العقل والدبلوماسية في البناء والإستقطاب وليس العنجهية المبنية على الغوغائية، القدوة التي تترجم الكلمات إلى أفعال، القدوة التي تحافظ على إرث الشهداء والأسرى والجرحى، القدوة التي تجعلنا ننتصر في جميع المحافل الدولية وخصوصاً في المرحلة القادمة، قدوة متحررة من التبعية والتقليد الأعمى فيكون مؤثراً لا متأثراً.
بكل إيمان أقول بأننا بحاجة شخص يكون ناصر و قدوة لنا في جميع الميادين حتى نستمر في العطاء والصمود، مهما كانت ظروفنا معتمة فلا بد من زراعة الأمل، لهذا من واجبنا أن نبحث عن كل ناصر لنا ونزرعه في التربة الصحيحة حتى يثمر لنا، ونبحث عن كل قدوة نتشارك معه الأفكار والأفعال للوصول الى انجاز الأهداف.