نشر بتاريخ: 13/05/2018 ( آخر تحديث: 13/05/2018 الساعة: 13:13 )
الكاتب: خالد السباتين
قد يسخر البعض حين يقرأ العنوان ويقول ماذا تبقى من فلسطين وقد يدرك البعض الاخر ما الذي أعنيه، سبعون عاماً مضت وتأبى الذاكرة نسيان الكارثة، سبعون عامأً مضت ومازالت أبواب هذا الصراع مفتوحة، سبعون عاماً ومازالت نيران هذا الصراع مشتعلة سبعون عاماً ومازال هذا الشعب صامداً تحت نيران الاحتلال وسطوته، سبعون عاماً وقد تلى هذه النكبة نكبات، سبعون عاماً ولم يعد أصحاب البيوت المهجرة الى بيوتهم، سبعون عاماً ومازال يعيش أصحاب الحق في مخيمات اللجوء، سبعون عاماً ومازالت أعداد الشهداء تتكاثر يوماً بعد يوم، سبعون عاماً وما زالت سجون الاحتلال تمتلىء بالأسرى على مدار الساعة، سبعون عاماً ولم تستطع اسرائيل أن تحبس أصوات المآذن في زهرة المدائن، سبعون عاماً ولم تستطع اسرائيل أن تمنع أجراس الكنائس من أن تقرع، سبعون عاماً وسبعون عاماً ولو بقيوا ألف عامٍ لن يستطيعوا أن يثنوا هذا الشعب عن المطالبة بحقه وأرضه، بقدسه وقيامته، بترابه وزيتونه ورائحة بيّارته، بقراهم المهجرة وقبور شهدائهم المبعثرة، بكل ذرة تراب سلبت وسرقت من قبل مجموعة لصوص منحهم الإنجليز كذبة وصدّقوها بأن هذه الأرض أرضهم فكم أرجو من الله أن تصبح مقابر جماعية لهم.
نعم صحيح انني لم اكن شاهداً على تلك الأحداث الدّامية والمأساوية ولم أكن من الأجيال التي عاشت تلك الحقبة السوداء من التاريخ لكن من ينظر الى حال أمّتنا اليوم وما أصابها من تمزّق وتشرذم يدرك تماماً أن النكبة أصبحت عدوى طالت كل الشعوب وكل ذلك بفضل اسرائيل وأميركا ولا أعتقد أننا سننعم بأمان ما دامت هاتين الدولتين تتقاسمان الشرق الأوسط بالمناصفة كما يحلو لهما.
يحتفل الاسرائيليون بذكرى قيام دولتهم "استقلالهم" التي ما زالت على "كف عفريت" كما يزعمون على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني وآلامه وجراحه في نفس اليوم فلهذه الذكرى وجهان لنفس العملة فرضه التاريخ علينا في كتبنا وتاريخنا نكبة وقتل وتهجير وتطهير عرقي وفي كتبهم استقلال وأرض ميعاد وموطن أصلي كما يزعمون منحهم إيّاه الرب وصادق على ذلك بلفور بوعده المشؤوم، نعم نحن لا ننكر أن اسرائيل أقامت المستوطنات او المستعمرات بعد محو القرى الفلسطينية المتأصلة ولا ننكر على أنها أنشأت المطارات والموانىء أو لنقل احتلتها بقوة السلاح وبطش العصابات التي كانت ملكاً لفلسطين ولا ننكر انها تمتلك احدث انواع الاسلحة وتمتلك الجيوش والطائرات الحربية والصواريخ والقنابل الذرية لكن كل ذلك لم يحمي اسرائيل طيلة السبعين عاماً التي مضت حتى تقول في نهاية المطاف أن طفلة مثل "عهد التميمي" تشكل خطر على أمنها القومي فأي دولة هذه التي تتحدثون عنها !!
فهل أصبحت اسرائيل دولة بعد سبعين عام ؟؟
وهل تغلّب السلاح على العزّل و الأبرياء ؟؟
مرّ سبعون عاماً وما زالت اسرائيل تتباهى وتتفاخر ببناء المستوطنات وقتل الابرياء وحبس الأطفال في معتقلاتها وسجونها البائسة التي لا تزيد هذا الشعب الا اصراراً على مواصلة كفاحه ونضاله وتزامناً مع ذكرى النكبة تقوم الولايات المتحدة بنقل سفارتها الى القدس وتعترف بأنها أصبحت عاصمة لدولة اسرائيل لكن الرد جاء من خلال مسيرات العودة الكبرى التي أربكت اسرائيل وجيشها وأخرجت الأمور عن نصابها وفقدان السيطرة وعدم قدرتها على التعامل مع هذا الطوفان والمد الجماهيري الرافض للاحتلال ولسياسات الفصل العنصري التي تمارسها عصابات اسرائيل ومافياتها، لكن الرد الشعبي غير كافي والغضب الجماهيري لن يفي بالغرض أيضاً إن لم يكن هناك خطة ممنهجة واستراتيجية عربية اسلامية لمنع ذلك فليس هناك ما يجعل الولايات المتحدة تتراجع عن قرارها قنحن لا نريد ان تعقد القمم بعد نقل السفارة لأننا اعتدنا على مناقشة الكارثة بعد حدوثها، لكننا نتمنى ايجاد الحل قبل وقوع الكارثة لذلك يجب ان يكون الموقف العربي اكثر حزماً فأميركا خانت حلفائها وأصدقائها في الشرق الأوسط، فاليوم القدس وغدا القاهرة وثم دمشق وبعدها بغداد وصولاً الى مكة فهذا ما تبحث عنه اسرائيل الا اذا وجدت سدّاً منيعا يقف في وجهها.
بعد سبعون عاماً ما زالت السجون هي نفس السجون وما زال الجلاد هو نفس الجلاد ومازال العالم يسجل الإخفاق والعار في عدم قدرته على انهاء هذا الاحتلال وفرض قراراته التي اتخذه بحق اسرائيل ومازال التواطئ مستمر لتصفية هذه القضية العادلة وفرض الحلول التي تناسب نتنياهو وأعوانه لكننا نقول ان الصراع لم يعد يتعلق بالحدود بل اصبح يتعلق بالوجود وهذه رسالة للعالم الذي أغمض عيناه عن رؤية الحقيقة أن هذا الشعب سيستمر بمقاومته وبتمسكه بأرضه بفلسطين كل فلسطين من النهر الى البحر فالأجيال القادمة لا تعترف بحل الدولتين ولا تعترف باسرائيل من الاساس وهم يرددون سيرحلون ونبقى مهما طال الزمن فيا دهرُ مهما كنت ناراً تضرّمُ فنحن كإبراهيمُ في النّار نسلمُ.
ليعرف العالم ان هناك نكبة عمرها سبعون عاماً على الاقل وان هنالك ملايين المنكوبين واللاجئين في شتى بقاع العالم والمحاصرين خلف جدران الاحتلال والمعابر المغلقة وعشرات الالاف من الاسرى في السجون والزنازين الانفرادية ومئات الالاف من الشهداء الذين قضوا نحبهم دفاعاً عن أرضهم، نعم بدأت النكبة قبل سبعين عام وها هي تدخل عامها الجديد وما زالت هذه القضية تتعقد اكثر فأكثر والحل يبتعد شيئاً فشيئاً والمحتل يزداد عنفاً وشراسة والأشقاء العرب غارقون في دوامات التيه والضياع والسبات العميق فماذا هم فاعلون يا ترى ؟؟