الخميس: 21/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

النكبة والمحرقة جرائم ضد الانسانية

نشر بتاريخ: 13/05/2018 ( آخر تحديث: 13/05/2018 الساعة: 14:26 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

النكبة الفلسطينية التي تحل ذكراها السبعين بكل عذاباتها بعد يوم غد تعتبر جريمة ضد الانسانية وهي غير مسبوقة كونها وعلى عكس كل ما تعرضت له شعوب اخرى في تاريخها من نكبات مماثلة، لم تتجمد في زمن حدوثها بمعنى انها لم تكن مجرد جريمة حصلت في فترة زمنية محددة وتجمدت كما كان الحال في المحرقة، والتي هي ايضا جريمة ضد الانسانية تعرض لها اليهود على يد النازيين الالمان الاوروبيين ابان الحرب العالمية الثانية والتي نقر ببشاعتها ولا انسانيتها علما اننا بعيدين كل البعد عنها زمانا ومكانا الا ان التنكر لها ومن اي كان يعتبر خطأ جسيما وذلك بسبب اعتراف مرتكبيها بها والاعتراف هو سيد الادلة.
الا ان ما حل بالشعب الفلسطيني في سنة 1948 على يد العصابات الصهيونية والذي تجسد بتطهير عرقي وتهجير وهدم البيوت والقتل على يد الناجيين من هذه المحرقة النازية وهو ما اعترف به زعماء ومؤرخين يهود يجعل من نكبه الفلسطينيين ليس اقل بشاعة من المحرقة كونها لم تتوقف في السنة المذكورة، وانما بقيت مستمرة وعلى مدار السنين التي تلت ارتكابها والى يومنا هذا اضافة الى انها تُمارس بنفس الادوات وبنفس الشخوص ولنفس الاسباب وبدون اعتذار وبدون تعويض كما كانت الحال بالنسبة للمحرقة النازية.
مجزرة قبية في سنة 1953 لم تكن وحيدة بعد النكبه حيث دفن الناس وهم نيام على يد شارون بل هناك عشرات مجازر اخرى لم تكن صبرا وشاتيلا اخيرها والتي بسبب مسؤوليته عنها كان قد أُدين اريل شارون وابعد عن دائرة الحكم في حينه، الا انه عاد رئيسا للوزراء في 2001 من اجل ان يرتكب جرائم اخرى كاعادة احتلال التلال الفلسطينية واحتلال مدن الضفة في مارس 2002 وتدمير بنيتها البشرية.
طبعا لا يمكن سرد كل الجرائم التي ارتكبها كل قادة اسرائيل قولا وفعلا ومنذ قيامها في عام النكبة في مقال فهي بحاجة لمجلدات كاجتياحات غزة الثلاثة  وحصارها الخانق والممتد ليومنا هذا.
بيغن رئيس وزراء احتلالي سابق مثلا كان يعتقد ان دم اليهود ليس كدم الاخرين من غير اليهود قال ايضا بتاريخ 25/6/82 "الفلسطينيون وحوش يسيرون على ساقين".
شامير رئيس وزراء سابق وتوأم بيغن في ارتكاب الجرائم نشر على لسانه في ابريل 1988 في جريدة نيويورك تايمز "سيسحق الفلسطينيين مثل الجنادب وسوف نحطم رؤوسهم على الصخور والحيطان".
مسيرات العودة السلمية والاصرار على استمرارها بالرغم من القنص الاسرائيلي غير الانساني للمشاركين فيها من اللاجئين الفلسطينيين الذين يتوقون شوقا وحنينا للمئات من قراهم التي دمرتها العصابات الصهيونية ابان النكبة من اجل قيام اسرائيل كان قد اشار اليها الفيلسوف اليهودي مارتن بوبر في شهر مارس 1949، وذلك في مخاطبة له مع بن غوريون اول رئيس وزراء لاسرائيل حول اخلاقية دولة اسرائيل بخصوص اللاجئين الفلسطينيين قائلا "تسببنا فيما عانينا منه تاريخيا شعب لاجئ في الشتات" وهو يعني مئات الالاف من الفلسطينيين الذين اصبحوا لاجئين بسبب قيام اسرائيل وتوسعها.
صحيفة يهودية (نيويوك اوديانز) 2/6/1958 نشرت على لسان نفس هذا الفيلسوف "عندما عدنا نحن اتباع الديانة اليهودية الى فلسطين اغلبية الشعب اليهودي فضل ان يتعلم من هتلر بدلا منا".
تذكير بحقائق مع انها مطبوعة على ذاكرة شعب فلسطين الذي ما زال حيا ولم ينس كما ادعى في يوم ما اول رئيس وزراء اسرائيلي الذي امر باقتلاع الفلسطينيين من اراضيهم وبيوتهم وهو الذي اكد عليها بقوله "لو كنت زعيم عربي لما تقربت من اسرائيل هذا طبيعي نحن اخذنا بلادهم". 
لا ادري ان كان في هذا التذكير اي عداء للسامية ام انه السامية بعينها التي انحدر منها كل الناطقين بالضاد ومنهم الشعب الفلسطيني الذي عانى ومازال من بشاعة الجرائم التي ترتكب دون وازع من ضمير او اي حس انساني على يد من تقمصوا السامية من اتباع الحركة الصهيونية من امثال مجرمي الحرب في اسرائيل وعلى رأسهم اصحاب قرار الحرب كحارس المواخير القادم من ملدوفا الذي تمنى على اسرائيل ان تفعل بغزة ما فعلته أميركا في اليابان اي بمعني ان تلقي قنبلة نووية على غزة وهو الذي ادعى مؤخرا ان لا ابرياء في غزه لتبرير جرائم قناصته بحقهم.
اما رئيس وزرائه النتن ياهو كان قد خاطب طلاب جامعة بار ايلان في 24/11/1989 في حينه كان نائب لوزير الخارجيه قائلا " كان يجب على اسرائيل ان تستغل المظاهرات في الصين حيث العالم كان يتابعها بتركيز لتقوم بعملية طرد جماعي للعرب في المناطق". 
 استنادا على هكذا ايدولوجية وهي صهيونية اصيلة قامت 40 دبابة باقتحام مخيم جنين وتدميره اول مرة في يوم الانتخابات الاميركية حيث كان العالم يتابعها بتركيز.
الوقاحه في كل هذا هو ادعائهم بما ليس فيهم من اخلاق وانسانية خصوصا عندما يكون الادعاء من قبل كاتساف احد رؤساء اسرائيل وهو المسجون حاليا بسبب الاغتصاب والتحرش الجنسي "هناك فجوه كبيره بيننا وبين اعدائنا ليس فقط بالقدرة ولكن بالثقافة والاخلاق والضمير، هم جيراننا على بعد امتار ولكنهم اناس لا يمتون لهذه القاره حيث انهم في الحقيقة ينتمون لعالم مختلف".
كلام كتساف هذا بتاريخ 10/5/2001 ربما يعبر عن حقيقة ولكنها على عكس ما يعنيه ليس بسبب ما هو فيه ونتانة فضائحه هو شخصيا ولكن بما يعاني منه نسبة كبيرة من امثاله من بني صهيون الذين يقتلون المقعد ويحرقون الاحياء حتى الموت ويدفنون الفلسطينيين احياء كما حصل قديما في قبيه وقريبا في مخيم جنين.
هذا غيض من فيض من جرائم متقمصي السامية الذين لم يقبلوا  اعتذار رئيس الضحايا لكونه ذكرهم بما قاله نظرائهم لعلهم يتعظون ويفيقون من ضلالهم وغيهم حماية للاجيال القادمة الذين لا ذنب لهم وذلك بادراك ان هناك ساميون حقيقيون في المجتمع الاسرائيلي وهم الذين يُعَول عليهم في وقف هذا الانزلاق الصهيوني غير الاخلاقي وغير الانساني.
المؤرخ الاسرائيلي المشهور ايلان بابي يقول " علينا ان نحاول ان نشرح ليس فقط للعالم وانما ايضا للاسرائيليين انفسهم ان الصهيونية ايدولوجية تؤيد التطهير العرقي والاحتلال والمجازر الضخمة".
تأسيسا على كل ما ذكر واعترافا منا في ان الاعتذار سلوك حضاري ومرحب به بين البشر الا ان للاعتذار طقوسه التي تقر ان الشعب الفلسطيني وفي كونه ضحية لهذه الحركة الصهيونية فهو الشعب الوحيد في العالم الذي لا يجب ان يعتذر عن اي فعل او قول بحق هذه الحركه وكل من يتبعها ليس فقط لانهم سلبوا هذا الشعب ارضه ولا لانهم تنكروا لاقترافهم الجرائم بحقه فقط بل لما هو اسوأ من ذلك كون اتباع هذه الحركة تنكروا حتى لحقيقة وجود شعب اسمه الشعب الفلسطيني.
غولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل اقرت في حديث مسجل انها كانت تحمل جواز السفر الفلسطيني لغاية سنة 1948 الا انها وكعادة انكار وتنكر صهيونيه اصيله قالت في 8/3/1969 "لا يوجد شيء اسمه فلسطينيين لم يوجدوا ابدا" .