السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

بدون مؤاخذة- الاثنين الأسود

نشر بتاريخ: 15/05/2018 ( آخر تحديث: 15/05/2018 الساعة: 10:52 )

الكاتب: جميل السلحوت

واضح لمن يراقب السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ وصول ترامب للرئاسة الأمريكية، أن الادارة الأمريكية اليمينية متصهينة أكثر من غلاة الصهيونيّة نفسها، وما اعلان ترامب عن اعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل في ديسمبر الماضي إلا اثبات جديد بأن اسرائيل ولاية أمريكية متقدّمة في الشرق الأوسط، وتوّج هذا الزخم الأمريكي بدعم اليمين الاسرائيلي المتطرف الحاكم في اسرائيل يوم ١٤ مايو الحالي بالاحتفال بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس، وما صاحب ذلك من استهداف قناصة جيش الاحتلال للفلسطينيين العزل في قطاع غزة، مما ادى الى استشهاد اكثر من ٥٥ فلسطينيا وجرح الآلاف، ليأتي بيان الخارجية الامريكية ليقول" من حق اسرائيل أن تدافع عن نفسها"! وهذا يعني اطلاق يد اسرائيل لقتل المدنيين الفلسطينيين، علما أنه لم يصب أي اسرائيلي خلال الأسابيع الثمانية الماضية. فهل جاء هذا التصعيد الأمريكيّ بشكل عفويّ؟
وفي الواقع فان أمريكا تستهدف العرب وطنا وشعوبا وثروات بشكل دائم، وما جرى ويجري في سوريا، العراق، ليبيا، اليمن وغيرها ليس ببعيد عن الأيادي الأمريكية العابثة، وما كانت امريكا لتجرؤ على مواصلة سياساتها المعادية للعرب بدون اعتمادها على كنوزها الاستراتيجية في المنطقة العربية، والتي جل اهتمامها يرتكز على احتفاظهم بكراسي حكم نخرها سوس الفساد، وكلما اقتربت من السقوط كلما ازدادت رضوخا وتبعية للسيد الأمريكي الذي يحميها، وما تمويل احتلال العراق وتدميره وتشريد شعبه، وتمويل وتدريب وتسليح عناصر الارهاب في سوريا وليبيا من قتل وتدمير منذ ثماني سنوات، والحرب الظالمة على اليمن منذ العام ٢٠١٥ إلا حروب بالوكالة عن السيد الأمريكي وحليفته اسرائيل، لتطبيق مشروع الشرق الأوسط الجديد الأمريكي لاعادة تقسيم المنطقة الى دويلات طائفية متناحرة، وتصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني التوسعي، لكن أمريكا لم تعد تكتفي بذلك، بل استولت على أموال البترول العربي وعلى رؤوس الأشهاد وبموافقة طويلي العمر. وبعد أن ضمنت تحالف بعض الدول العربية مع اسرائيل لمحاربة ايران، ضمنت مسبقا موافقة كنوزها الاستراتيجية على ما يسمى صفقة القرن الأمريكية، ومن ضمنها نقل السفارة الامريكية الى القدس. 
لكن المذهل هو سكوت الشعوب العربية التي تسبح في بحور الجهل والتخلف بعد تخديرها باسم الدين حسب تفسيرات شيوخ السلاطين، وشعوبنا العربية التي تعيش في عالم آخر يبدو انها لم ولن تتعلم من كبواتها ونكباتها المتلاحقة، وتسير بفضل قادتها الأشاوس خارج العصر، ويبدو أنها في طريقها الى الانقراض كما انقرضت أمم قبلها، لكن الشعب الفلسطيني الذي يقف في مواجهة الهجمة التي تستهدف وطنه وتستهدف حيوات ابنائه مصمم على الوقوف في وجه قوى الاستعلاء العالمية مهما كانت التضحيات جسيمة، وهو على قناعة تامة بأن القدس باقية مكانها، وما المحتلون إلا كما قال الشاعر الكوني محمود درويش"عابرون في كلام عابر".، وما النصر إلا صبر ساعة.