الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

استحقاق النجاح ١٠٠/١٠٠ ولا اقل

نشر بتاريخ: 16/05/2018 ( آخر تحديث: 16/05/2018 الساعة: 20:12 )

الكاتب: عوني المشني


من المبكر استخلاص العبر من مسيرة العودة ، تحتاج الى دراسة بعمق اكثر ، لكن هناك ما هو واضح وضوح الدم ، ثابت ثبات الحق ، ضروري ضرورة الصمود ، هناك حقائق من الأهمية بمكان التوقف عندها باهمية ، خاصة اننا في غمرة مرحلة تستدعي ضرورة مواصلة الكفاح وبقوة .
ان الإلمام النظري بالمقاومة الشعبية السلمية ضرورة لا تقل اهمية عن ممارستها ، فالنظريات التي تقول ان المقاومة الشعبية تعبير عن ضعف او غياب الشجاعة الكافية للكفاح المسلح يجب ان تدحض بقوة ، لان " الغاية موجودة في الوسيلة كما ان الشجرة موجودة في البذرة " كما يقول الأب الروحي لفلسفة المقاومة السلمية غاندي . لذلك فان المقاومة الشعبية السلمية مشروع يحمل في ذاته هدفه النبيل وليس هناك انفصام بينهما .
اولا .... المقاومة الشعبية ليس اُسلوب المفلسين نضاليا ولا هو تعبير عن عجز ، انها اُسلوب نضالي قادر على احداث تغييرات جوهرية حقيقية ، واذا ما تم ادارته بشكل جدي ومسئول فانه يشكل رافعة حقيقية في مسيرتنا النضالية . يشكل احيانا اللجوء الى العنف اسلوبا يائسا وتعبير عن عدم القدرة على التحمل عكس المقاومة الشعبية والتي هي في جوهرها مثابرة وقوة إرادة وصمود عظيم .
ثانيا .... ان نفاذ الصبر امام عنف قوة الاحتلال وحجم الضحايا تعبير عن عدم فهم عميق للمقاومة الشعبية السلمية ، بل وهي الخدمة الكبرى التي نقدمها للاحتلال عندما نضعف امام الضحايا ونتجه مرة اخيرة الى العنف الذي سيكون اقوى سلاح لدى قوة الاحتلال لإجهاض المقاومة الشعبية السلمية وكما يقول جان ماري مولر في كتابه " معنى اللاعنف " فان " انحراف الوسائل عن طريق استخدام العنف سوف يفضي وبالضرورة الى الانحراف عن الأهداف المنشودة "
ثالثا .... ان الخطر الحقيقي على المقاومة الشعبية يتجسد بخوض هذه المقاومة الشعبية بادوات وقيادات ومفاهيم المقاومة المسلحة ، النضال الشعبي يحتاج الى أدوات وقيادات ومفاهيم مختلفة جذريا ، مؤمنة وبقناعة بالنضال الشعبي السلمي ، لديها طول نفس ، مقدرة فنية وسياسية وسوسيولوجية على العمل الجماهيري ، ان قادة المعارك العسكرية لا يستطيعون ذلك وليس لديهم طول النفس لذلك ، لهذا المقاومة الشعبية تفرز قيادتها من داخلها .
رابعا .... ان مسيرة العودة قبل ايام ليست هي ذروة المقاومة الشعبية ، ويجب ان لا تكون كذلك ، انها يفترض ان تكون البداية وبداية فقط ، وبداية متواضعة ، ان مراكمة الخبرة ، قوة التأثير الذي احدثته ، ستجعل منها بداية ، وسيجعل شعبنا يطورها ، وسنتخلص من اخطاء البدايات ، المهمة طويلة ، وسيأتي اليوم الذي يخرج شعبنا في الوطن والشتات بالملايين الى الشوارع والخدود ، سيحرر المكان والزمان ، وفقط بمقاومة شعبية وسلمية .
خامسا : ان خطورة ان نرتهن بالمقاومة الشعبية السلمية لفضاء الفصائل الضيق وتكتيكاتها هو الخطر الحقيقي على المقاومة الشعبية ، لهذا فاعتبار المقاومة سياق استراتيجي بغض النظر عن رؤى الفصائل هو ضمان نجاحها ، ان هذا الفهم يحرر المقاومة الشعبية من الضغوطات عليها ويحرر الفصائل ايضا ، فالتهديد بقتل واغتيال قادة فصائل اذا لو توقف المقاومة الشعبية منهج سيسقط اذا ما تحررت المقاومة الشعبية من الفصائل وهو أشد الاخطار على المقاومة ذاتها .
سادسا : الخلط الغبي بين المقاومة الشعبية السلمية وكفاح عنيف يجهض المقاومة ، الحفاظ على سلمية المقاومة ضرورة وطنية لألف سبب وسبب ، هذا ليس ضعفا ، القوة تكمن بعدم الانجرار للعنف الذي سيجهض المقاومة الشعبية. القوة الحقيقية امتلاك طول النفس وعدم حرق المراحل واستعجال الإنجاز . والمقدرة على التنظيم ، القوة الحقيقية الثبات الاستراتيجي وعدم الخضوع للتهديدات او الإغراءات او المساومات .
سابعا : تعميم التجربة فلسطينيا مسالة في غاية الأهمية ، لتكن غزة هي الطليعة ، لكن غزة وحدها لا تكفي ، ان المناخ في الضفة اكثر ملائمة للقوة الشعبية ، في الضفة الف نقطة اشتباك سلمي ، كل شارع نقطة اشتباك ، كل حاجز نقطة اشتباك ، كل قرية ، كل مدينة ، كل مفترق طرق ، كلها نقاط اشتباك ، ولكن سلميا وعدم الانجرار للعنف تحت اي مبرر . تعميم التجربة ليس جغرافيا فقط بل تعميقها في الوعي الفلسطيني واخراجها من دائرة العمل الموسمي النخبوي لتصبح عمل جماهيري عام وواسع ، ان ضحايا المقاومة السلمية اقل عددا من ضحايا الاستسلام للاحتلال وأقل عددا من ضحايا العنف .
ثامنا : ان المقدرة على تأطير المقاومة السلمية في لجان عمل هو ذروة النجاح ، لجان ثقافية واعلامية وسياسية وتنظيمية وكل مختلف مناحي العمل ، لجان مناطق ولجان احياء ، ولكن بعيدا عن المنهج الفصائلي المقيت والضيق الأفق والاستخدامي . تأطير المقاومة يتعارض كليا مع احتكارها ، ويتعارض مع تضييق أفقها ، ويتعارض مع تقزيمها الى لتصبح بافقها محدودة بأهداف فصائلية صغيرة .
تاسعا : في نهاية المطاف المقاومة الشعبية يجب ان تنتصر في المجتمع الاسرائيلي ، تنتصر على الابارتهايد اخلاقيا ، ان الانتصار الاخلاقي هنا عملية مهمة وتشكل عامل ضاغط لهذا المقاومة الشعبية تغلق أبواب التطبيع ولكن تفتح أبواب علاقات نضالية اخلاقية مع فئات واسعة في المجتمع الاسرائيلي ، ان المقاومة الشعبية السلمية ستنتصر حتما في تل ابيب قبل ان تنصر في غزة ورام والقدس ورام الله ، هكذا انتصرت جنوب افريقيا في كل العالم قبل ان تتناثر في كيب تاون .
عاشرا : ان العدو الأكبر للمقاومة الشعبية هو اليأس والاحباط ، مسئولية القوى التي تقود تعزيز الأمل ولكن بواقعية وموضوعية ، شحذ الهمم ولكن بدون تهور ومغامرة ، اننا نمتلك من اكثر مما يشيع اليائسون ، إنتا نصف سكان هذه البلاد ، اننا قدرهم الذي لا مهرب منه ، اننا مفتاح الامن والاستقرار ، ان مشروعهم العنصري اصبح بغيضا معزولا يواجه ازمة الشرعية التي لا يمكن ان يحققوها دونما موافقتنا ، ان امريكيا برغم قوتها وهيمنتها ليست ضمانة لوجودهم ولا لاستقارهم ، سبعون عاما من الصراع لم نهزم ولدينا القدرة على الصمود عشرات السنوات ايضا ، سلاحهم قوي ينتصر على دول ولا ينتصر على أطفال رفح والقدس وجنين ، نعم هذه إمكانية واقعية وليس حلما ، بهذه العزيمة والامل تنتصر الشعوب .
هذه النقاط العشر الاساسية تؤخذ جملة واحدة ومعا ، لا يجوز التجزئة ، والنجاح في المقاومة الشعبية يحتاج تحقيق هذه النقاط مجتمعة وبالكامل ، اي قضية منها لا نحققها تفشل المقاومة الشعبية او لنقل تؤخر الانتصار او تعيقه ، ربما يتم تحقيقها تدريجيا ، عبر تراكم الخبرة والمعرفة النظرية ، ولكن في النهاية توجب تحقيقها ، علامة النجاح ١٠٠/١٠٠ . اقل من ذلك فشل ، او تزايدية المعاناة وطول المسافة . لا اقل من مئة بالمائة ، وشعبنا يستطيع ، نعم انه يستطيع وباقتدار .