الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مسيرة العودة والحريات العامة وصحة الرئيس والحق في الحصول على المعلومات

نشر بتاريخ: 22/05/2018 ( آخر تحديث: 22/05/2018 الساعة: 16:45 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

مشكلتنا مستعصية في الحق على الحصول على المعلومات، ومرض الرئيس محمود عباس دليل فاضح على ذلك في غياب المسؤولية الوطنية والاجتماعية والرؤية الواضحة في معرفة حالنا واخبارنا، وتسابق المسؤولين الفلسطينيين للحديث عن صحته والقول انه بخير ويتمتع بصحة شاب عشريني.
وفِي زحمة الأحداث التي تشهدها فلسطين عموما وقطاع غزة خصوصا وما يعيشه منذ اكثر من ٥٠ يوما من الأحداث الدراماتيكية ومسيرة العودة الكبرى والروح الوطنية التي سادت وتماهي غالبية الفلسطينيين معها ودعمها بشكل وجداني وعاطفي، ورفع سقف توقعات الناس بالعودة ورفع الحصار.
وما تلا اليوم الأخير من احداث ولغط عن انتهائها والمؤتمرات الصحافية المحيرة والغموض الذي اكتنفها وسقوط نحو ٦٢ شهيدا والاف الجرحى وحالهم المأساوي والوجع الذي يعانوه، وحالات بتر الأقدام وعددها الكبير وعدم قدرة الأطباء والكوادر الصحية على متابعة الاوضاع الصحية في غياب الحد الادنى للرعاية الصحية، وعدم توفر الأدوية والعلاج المناسب ومنع اسرائيل للجرحى من السفر للخارج وتلقي العلاج في الخارج.
لا يزال قسم كبير من الفلسطينيين يشكك في نوايا الفصائل وسرعة استثمارها لمسيرة العودة وتداخل الشعارات والاهداف ووهم رفع الحصار كنتيجة وثمن للتضحيات التي قدمها الفلسطينيين وحال الفوضى والتيه، وعدم إعطاء اجابات واضحة عما حصل بعد الزيارة المستعجلة لأبو العبد هنية للقاهرة.
وفِي ظل كل ذلك تتسارع الأحداث الداخلية والتصريحات المتناقضة حول هوية الشهداء وانتمائهم الحزبي واستغلال اسرائيل لها، وحال الجدل المثار حول كل ما جرى ويجري.
من دون عقد ورشة علنية للاستفادة من تجربة مسيرات العودة واستخلاص العبر، وقدرة حركة حماس وفصائل المقاومة التي انخرطت في قيادة مسيرة العودة والادعاء ان ما تقوم به هو تحول استراتيجي وانتهاج المقاومة السلمية الشعبية والمخرجات التي حصدها الفلسطينيين من تأييد دولي وعربي، وادانة اسرائيل في مجلس حقوق الانسان وتشكيله لجنة تحقيق في جرائم اسرائيل في غزة.
حتى اللحظة لا يوجد يقين في ادعاء تحول حماس وغيرها من الفصائل في تبني المقاومة السلمية والشعبية كاستراتيجية لمقاومة الاحتلال. ومن دون توفر القناعة ومراجعة حقيقية للتجربة السابقة ليس خلال الخمسين يوما الماضية انما مراجعة ١٢ عاما من حكم حماس لغزة، وعدم قدرتها على الفصل بين كونها حركة مقاومة وسلطة تمارس التفرد والسيطرة على قطاع غزة وقمع الحريات العامة، وارتكاب الاجهزة الامنية الانتهاكات خلال فعاليات مسيرة العودة، وملاحقة الصحافيين والتدخل في عملهم خلال التغطية والقيود التي فرضها افراد الأجهزة الامنية ضد الصحافيين وتوجيههم اين يتواجدوا واين يغطوا ومع من يجروا المقابلات، ومنع الصحافيين والمواطنين من التصوير في يوم النكبة في مستشفى الشفاء، الا بالحصول على إذن مسبق والتذرع بالأسباب الأمنية، وحدث ذلك مع اكثر من مواطن حيث منعوا من التصوير وانتشر افراد الامن بين الناس ومنعوهم من التصوير واجبروهم على حذف ما قاموا بتصويره.
فالحق في الحصول على المعلومات مكفول بالقانون، الا انه في واقعنا غير مكفول وهذا ينطبق على قضية المواطنة والناشطة الفتحاوية سماح ابو غياض الموقوفة مع اثنين من أشقائها منذ اكثر من اسبوع ولم يتم ابلاغ ذويها بالتهم الموجهة لها، او على اي قضية يتم التحقيق معها سواء كانت قضية ما يسمى تخابر مع رام الله او لا سمح الله مع الاحتلال. وقد تبرر الأجهزة الامنية انها تخضع للتحقيق وقد يؤثر الاعلان عن سبب توقيفها على سير التحقيقات.
قضية سماح تحولت لقضية رأي عام تشغل الناس ودخلت على خط المناكفات، وحالات كثيرة مشابهة تم الإفراج عنها بعد فترة زمنية، ولم يثبت اي في قضايا عديدة اتهامات حقيقية والمحاكم العسكرية حكمت في قضايا مشابهة بأحكام مخففة او تم الإفراج بكفالات مالية باستثناء بعض الحالات.
الاوضاع الصعبة التي تعيشها غزة لا تحتمل كل هذا الضغط، وما يشاع وما يقال حول قضايا مصيرية سواء المتعلقة بالحريات العامة أو الاعتداء عليها، او ما يجري على المستوى السياسي وجملة الانفراجات والتسهيلات الانسانية وفتح معبر رفح طوال شهر رمضان كل ذلك غير بريئ. ‏ودخولها على خط المناكفات والاتهامات كما ذكر السيد عزام الاحمد الذي قال: “ان بعض الانظمة متورطة في تقديم تسهيلات انسانية لغزة بثوب سياسي”. ونسي الاحمد ان الانقسام والعقوبات التي فرضها الرئيس عمقت مأساة غزة، ومن متى لم تكن التسهيلات بثوب سياسي؟ تدفق المساعدات الانسانية وما يرافقها من تهكم وغياب الشفافية في توزيع المعونات لشعب اصبح ٨٠٪ منه يتلقى المساعدات الانسانية ومتهم بالجري خلف الكوبونة، وتدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وغياب اي أفق للحل سواء بإتمام المصالحة او إيجاد حلول جذرية وحقيقية لرفع الحصار عن القطاع.