نشر بتاريخ: 25/05/2018 ( آخر تحديث: 25/05/2018 الساعة: 09:30 )
الكاتب: د.فوزي علي السمهوري
قضية فلسطين وقلبها القدس تعرضت ولا زالت تتعرض لهجمة أمريكية تهدف إلى فرض رؤية مجرم الحرب نتنياهو وزمرته فيما يخص إدامة الاحتلال الصهيوني وتمكينه من مصادرة مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية وفرض ما تسمى السيادة "الإسرائيلية" عليها من جهة وتطبيع العلاقات مع دول عربية خاصة الثرية منها.
إذن القدس ومكانتها المقدسة ومحاولة سلخها عن كونها أرض محتلة فرضت نفسها على أجندة القيادات العربية والإسلامية التي تداعت للقاء على مستوى وزراء الخارجية للدول العربية واجتماع قمة لمنظمة التعاون الإسلامي بهدف تدارس كيفية الرد على تنفيذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها عاصمة "لدولة الاحتلال والعدوان والعنصرية".
ولكن كمتابع أرى أن مخرجات اجتماعات الجامعة العربية والقمة الإسلامية لم ترق الى مستويات الحدث وما يشكله من تحديات كما لم ترق للحدود الدنيا من الحد الأدنى لتوقعات وآمال الشعوب العربية والإسلامية.
فالهوة باتساع ما بين التوقعات الشعبية المحقة وما بين البيانات الختامية التي لا تعدوا عن كونها إطار نظري دون أن يرافقها أي آلية لترجمة القرارات إلى خطة عمل تنفيذية بحق الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب مما شجعه وسيشجعه ويدفعه لاتخاذ المزيد من القرارات والسياسات المنحازة للكيان الصهيوني وقيادته العنصرية.
يبدوا أن معظم القيادات العربية والإسلامية "آملا ان اكون مخطئا" لم تأخذ بعين الاعتبار أن سياسة ترامب العدوانية اتجاه القضية الفلسطينية ما هي إلا عنوان وبداية لا سمح الله لما قد يصيب باقي الدول الكبيرة والمهمة تدريجيا وعلى مراحل قد تكون متباعدة وإلا لاسست مخرجات القمة لمرحلة جديدة تعد نقطة تحول مفصلي بين مرحلتين.
الاولى: الحالية وسماتها الضعف والتشرذم والهوان
الثانية: الانتقال الى مرحلة تتسم بالتنسيق والتوافق والتوحد على إجراء محدد "تمهيدا للوصول إلى مرحلة متقدمة وعالية التنسيق" في رسالة واضحة موجهة إلى المجتمع الدولي وقواه العظمى مفادها أن الأمة العربية وإلاسلامية تملك عناصر وأدوات قوة كما تملك الإرادة الجادة لترجمتها إلى خطوات عملية تتفق ومصالح الامة العليا.
نعم يرى العديد من السياسيين والمحللين أن قمة استانبول أضاعت فرصة ذهبية لتثبت للمجتمع الدولي انها قادرة ومؤهلة لتنتقل بواقعها من مربع الضعف إلى مربع الفعل المؤدي إلى الوصول لمربع اللاعب على الساحة العالمية بمختلف قضاياها وشؤونها.
فلو امتلكت غالبية الدول المشاركة رؤية تحديد بوصلة الصراع واستشراف التحديات المستقبلية لاقبلت على اتخاذ قرارا جماعيا كخطوة اولى بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي مع الولايات المتحدة الأمريكية ردا على نقل السفارةوعلى انحيازها الاعمى لدولة الاحتلال ولو حصل ذلك لكان وقعه على الإدارة الأمريكية ورئيسها وقع الزلزال المدمر الذي يهز عمق مطبخ القرار للدولة الأمريكية ويرغمها على مراجعة سياستها وشكل وطبيعة العلاقة مع الكيان السياسي الناشئ "للأمة الإسلامية".
فالادارة الأمريكية معنية أولا وآخرا بالحفاظ وتعزيز مصالحها وهذا سيقودها تلقائيا إلى بلوغ إتفاق وفق معادلة جديدة قائمة على تبادل المصالح والتكافؤ والندية.
إن انقلاب معادلة العلاقة التي ربطت امريكا مع حلفاءها التقليديين لعقود طويلة ابان عهد الرئيس ترامب كفيلة بأن تكون جرس إنذار لكل دولة تعمل منفردة على خطب ود امريكا التي ترى بالعيون الإسرائيلية النتنياهوية ولا تعير بالا أو اهنماما لغيرها.
ولكن السؤال الذي يتبادر إلى أذهان الملايين من المواطنين يتمثل في إلى متى سيستمر السماح لقوى خارجية إقليمية أو دولية وتمكينها بشكل مباشر أو غير مباشر للتحكم أو التأثير على مستقبل اقطارها على المستويات السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية إلخ بالرغم مما تملكه من عناصر قوة ؟
إن أمن واستقرار الدول تعززه وتحميه الجبهة الداخلية بمناعتها ووحدتها مما يتطلب إجراء إصلاحات جادة سياسية واقتصادية قائمة على المواطنة ومحاربة الفساد والاحتكام لصندوق الانتخاب.
إن دعم خيارات القيادة الفلسطينية برئاسة السيد محمود عباس رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دولة فلسطين مشفوعة بدعم عربي وإسلامي ودولي عبر إتخاذ إجراءات عملية بحق الإدارة الأمريكية وحليفها مجرم الحرب نتنياهو كفيلة باجهاض صفقة القرن التي لا تستهدف وتشكل خطرا على فلسطين وحسب وإنما على جميع دول المنطقة المستهدفة واقعة ضمن المخطط الجديد للقرن الحادي والعشرين.
إجهاض مخطط نتنياهو ترامب بغض النظر عن الأسماء التي قد تتغير لأهداف تجميلية كفيل بتعزيز أمن واستقرار العالم العربي والإسلامي وعكس ذلك صحيح. ......؟!