نشر بتاريخ: 27/05/2018 ( آخر تحديث: 27/05/2018 الساعة: 12:21 )
الكاتب: د. ياسر عبد الله
عملت طواقم وفريق المناهج الفلسطينية خلال السنتين الماضيتن على اعادة تصميم مناهج التعليم في فلسطين تحت ظروف سياسية يعيشها الشعب الفلسطيني هي الاكثر صعوبة؛ انقسام بين شقي الوطن الضفة والقطاع، انقسام بين ابناء الشعب الواحد الذي يعيش ويلات الاحتلال وانتهاكاته اليومية، وقد استطاع المشرفون في وزارة التربية ومن خلال دائرة المناهج وفي زمن قياس انجاز مهمة وطنية تستحق التقدير وهي تصميم مناهج جديدة تتواءم مع التطورات التي يشهدها العالم، وهي بحاجة الى اصلاحات في كافة القطاعات الاخرى حتى تحقق نتائج في كافة المجالات؛ التربوية والاقتصادية والبيئة والسياسية.
فقد عمقت المناهج روح الانتماء لدى الطلبة واطفال فلسطين في تضمينها المناهج قصص البطولات التي عاشها الشعب الفلسطيني في تاريخ نضاله ضد الاحتلال وقد كانت قصة دلال المغربي مثالاً على تعزيز الانتماء حين يقرأ الطالب في مطلع عمره "اطبقت دلال يدها على حفنة من تراب وطنها الدامي واشتمتها بشغف" فإن روح الانتماء للوطن تنغرس في صدره وتبقى ذاكرة التاريخ وقصص البطولات هي منار الطريق للاجيال القادمة التي حتماً انها سترفع علم فلسطين على اسوار القدس ومآذن القدس وكنائس القدس.
وبعد ان اصبحت التكنولوجيا جزءا من حياة الشباب والاطفال فقد اصبح رفع وعي الطلبة بالاستخدام الايجابي لتلك المواقع هو مطلب واستحقاق وطني، وهذا ما فكر به القائمون على تصميم المناهج الجديدة وهو دمج الاستخدام لتلك المواقع في مواد تعليمية دون اضافة اعباء ومواد جديدة على الطلبة وكان الابداع حين يقرأ الطالب في كتاب الداراسات الاجتماعية "علينا ان نقوم بتقوية علاقتنا الاجتماعية من خلال التزاور والمشاركة في المناسبات الاجتماعية واستغلال تطور وسائل المواصلات والاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي" هذا يكفي في رفع وعي الطلبة باهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في حياتهم الاجتماعية وتقويتها بشكل ايجابي، ويدل على عمق الوعي لدى مصممي المناهج في دمج تلك الوسائل في العملية التعليمية وتعليمها للطبة بما يخدم تنمية وتمكين قدراتهم وكفائتهم.
وحب الارض والزرع والقمح والنخيل كانت حاضرة في سطور المناهج الجديدة وبشكل يجعل الطفل يدرك اهمية الحفاظ على ارضه وزراعتها وعدم تركها "بور"؛ اي غير مرزوعة وبهذا نفوت على العدو الفرصة في الاستيلاء عليها وكانت عبارة جميلة قد تضمنتها المناهج منها "حملني فلاح بيده، والقاني على وجه الارض وهو يقول : بذرتُ الحب، وتوكلتُ على الرب، ثم حَرَثَ الارض فغطتني طبقة من التراب، فنمت مدة لا اعرف قدرها" وهو حوار رائع فيه العاطفة والحب بين الطفل وحبات القمح وتراب الارض.وكذلك عن شجر النخيل يقرأ الطالب "ذاتُ رُواءٍ وثمر، تعلو على كثير من انواع الشجر، تنصب مستقيمة الساق، وتقف شامخة الرأس" هكذا رسخ المفكر المعلم المشرف بعبارة جميلة كيف يغرس حب الارض والشجر في عقل الطفل الفلسطيني.
وبين التضحيات وتطور مناحي الحياة جاء حب الارض والانتماء في سطور وقصص البطولات بطريقة تعزز الفهم والتحليل لدى الطلبة وتخلق جواً من التفاعل بين الطالب والمعلم في داخل الصف مما يقتل الملل ويحبب الطلبة في دروسهم ويخلق اجيالا تملك الوعي والقدرة على الفهم والتحليل لما يدور في وطنهم على ترابها، يعمق فهمهم للتطورات الحياة وضرورة ان نواكبها ونستخدمها بشكل ايجابي ومنهجي يخدم تطوير التعليم والنهوض بالعملية التربوية فقد كانت المناهج بحلتها الجديدة نقلة نوعية في التعليم وخطوة جريئة خيبت آمال الكثير الذين روجوا لفشلها وكانت تجربة وانجاز يستحق الافتخار والتقدير.
وفي المناهج الجديد لم يكن هناك نصيب للثقافة الامنية فنحن نعيش تحت ظل الاحتلال وتهديدات جمة تواجه الشباب؛ فالاحتلال لم يترك وسيلة الا واستخدمها من اجل الايقاع بالشباب ومحاولة جعلهم ينحرفوا عن القضايا الوطنية بل وسعت اجهزة مخابراته الى اسقاط عدد من الشباب "ذكور واناث" نتيجة غياب الوعي وضعف وسائل التنشئة التى تغيب الثقافة الامنية: سوء الاسرة او المدرسة او الجامعات، لهذا فان اثراء المناهج بمواد للتوعية حول الثقافة الامنية هو مطلب لا يقل اهمية ان موائمة مخراجات الجامعات مع سوف العمل.
وقبل ان نختم يتوجب ان نقف جميعا اباء وابناء، ذكور واناث، شيوخ وشباب احتراما للمعلم الفلسطيني والمشرف التربوي اللذي عمل على مدار الساعة وعلى مدار الاسبوع والسنة ليلاً ونهاراً من اجل انجاز المناهج في زمن قياسي، مستخدمين الانترنت بطريقة رائعة في التواصل فيما بينهم؛ فكانت الثمرة قد نضجت وكان الابداع عنواناً.
نتمنى على قائد العملية التربوية ووزير التربية والتعليم ان يكون هناك انجاز اخر من اجل مستقبل الابناء بما يتعلق بمستقبلهم المهني بعد سنوات من الدارسة وتخرجهم من الجامعات ان يكون لجيل المناهج الجديد خطة مستقبليه توفر لهم فرص العمل، وان يكون هناك خطة لمواءمة مخرجات الجامعات مع سوق العمل، فما نراه الان هو معاناة يعيشها الخريجون في قطاع التعليم وبطالة تجاوزت 70% غالبيتهم من فئة الاناث حيث تقدم لامتحان التوظيف هذا العام اكثر من خمسين الف خريج وبزيادة تصل الى 7000 خريج عن العام الماضي.
فمن ابدع في انجاز اكثر القضايا تعقيدا وهي المناهج يستطيع ان ينجز في اكثر القضايا خطورة على مستقبل ابنائنا: قضية بطالة الخريجين ومواءمتها مع سوق العمل، وقضية الثقافة الامنية ووعي الشباب بالمخاطر التي تحدق بهم، خصوصاً مخاطر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي سوء من قبل الطلبة او الخريجين العاطلين عن العمل والتي يستغلها العدو واجهزته في الايقاع بالشباب في الانحراف باشكالها المخلتفة سواء مخدرات او اسقاط امني او حتى انحراف اخلاقي فتبقى المؤسسة التعليمية هي اهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية.