السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الأردن .. ثلاثة يملكون المال . الخليج وإيران وأمريكا

نشر بتاريخ: 07/06/2018 ( آخر تحديث: 07/06/2018 الساعة: 17:38 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

لست من أتباع نظرية المؤامرة ولو كنت لا أنفي وجودها . فالمؤامرة موجودة عبر كل العصور وهناك من يسعى دائما لتمريرها ، ولكن الإرتهان لها من دون الإعتماد على الذات سيقودنا الى الجنون .
والاردن ليست دولة طفرة كما يروّج الصهاينة ، وإنما هي دولة عميقة متجذرة في الأرض منذ الاف السنين ، ليست دولة عميقة بحكوماتها ولا باللاجئين اليها ( وإن كانوا أضافوا لها كثيرا ) ولكنها عميقة بقبائلها وعشائرها التي يصل عددها الى 146 قبيلة مسلّحة بحب الوطن وتحمل تحت جناحيها الكفاءات العسكرية والاكاديمية والاقتصادية .
وعبر التاريخ لا يمكن الحديث عن وطن عربي من دون الأردن وقبائلها التي تنتشر مثل جيوش صغيرة وذكية تحمي قوافل الحجيج ورحلة الشتاء والصيف من مكة الى الشام ومن بغداد الى افريقيا .

إن الأزمة التي تعيشها الاردن مؤخرا ، أزمة مفتعلة ساهمت فيها أمريكا وإسرائيل وبعض دول الخليج ، لمعرفتهم المباشرة بقوة التأثير الاردني على المجتمع الفلسطيني وعلى القدس تحديدا . ولا يمكن الحديث عن الأزمة الراهنة من دون الإشارة الى موقف الاردن الرافض لصفقة العصر ورفض القبول بنقل السفارة الامريكية الى القدس .

جهل الصهاينة بالتاريخ ، واعتماد الولايات المتحدة على المستشرقين والخلعاء سمح لهم بالظن أن الضغط على الاردن قد يلوي ذراعها وقد يؤدي الى تركيعها ، ولكنهم نسوا أن الأمور في هذه المنطقة لا تسير بشكل ميكانيكي ، وإنما تسير بشكل ديناميكي شديد التعقيد . فبعد الضغط على الاردن سوف تلتهب الحدود جنوب غرب اّسيا ، وسوف تفقد إسرائيل السيطرة على نحو 335 كم حدود شرق النهر كما فقدت في السنوات الماضية السيطرة على حدودها مع سوريا ، وتفقد السعودية السيطرة على نحو 800 كم ، وسرعان ما سنجد تل أبيب تبكي وتتوسل لأمريكا أن العراقيين باتوا يزحفون نحو القدس !!

المؤامرة بدأت مبكرا ضد مصر ، والان وصلت الاردن كما تستهدف جميع الدول المجاورة لفلسطين . ولكن العبث بأمن الاردن جهالة ما بعدها جهالة . وقد يستطيع أي طامع أن يبدأ العبث فيها ولكنه لا يعرف كيف سترتد الأمور عليه بأسرع مما يعتقد .

وبالنسبة للأزمة الإقتصادية هناك . نعلم جميعا ان ثلاث جهات تملك المال الوفير في هذه المنطقة ( الخليج - وإيران - وأمريكا ) . واذا كان حلفاء الاردن القدامى ( يبدو أنهم إنقلبوا ضدها ) يعزّون المساعدات على الشعب الاردني ، لسوف يعلمون قريبا أن المال السياسي قد يصنع لعبة هنا ولعبة هناك ولكنه لن يصنع تاريخا .