السبت: 30/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

غرينبلات: ضرورة التزام صائب عريقات بتوفير البيئة المناسبة للسلام

نشر بتاريخ: 10/06/2018 ( آخر تحديث: 11/06/2018 الساعة: 00:20 )

بقلم: جيسون غرينبلات، مساعد الرئيس والممثل الخاص للمفاوضات الدولية
إنني أكتب هنا حول فورة الغضب التي أبداها الدكتور صائب عريقات في مقاله الذي نشر في صحيفة هآرتس في 17 أيار/مايو 2018، والذي انتقد فيه نقل سفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وعلى الرغم من أنني أتفهم غضب الدكتور عريقات من قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، أعتقد أنه سيكون من المفيد أكثر مناقشة بعض القضايا التي تتطلب الاهتمام الفوري للقادة الفلسطينيين، وأولها المساهمة في خلق جو يؤدي إلى السلام.
وللاسف فإن كلام الدكتور عريقات الطنان ومزاعمه كانت ببساطة من عدة نواح غير دقيقة. لذلك ينبغي علينا جميعا أن نجتمع معا من أجل رفض مثل هذا الكلام غير المفيد والادعاءات الخاطئة إذا كنا نأمل في تحقيق السلام.
لفترة طويلة ظلت الولايات المتحدة تتظاهر بأنها لا تسمع مثل هذه الكلمات، ولكن تجاهل الكلمات البغيضة والخاطئة لم يساعد في إحلال السلام ولن يحقق السلام على الاطلاق. هذا هو الحال عند مناقشة المسيرات في غزة، كما نرى بوضوح من الادلة: ففي حين أن بعض المتظاهرين كانوا مسالمين، لكن الكثير منهم كانوا "عنيفين جًدا". في الحقيقة، وباعتراف حماس، كان أكثر من 80٪ من القتلى نشطاء في حماس. وبالروح ذاتها، من المهم أن نكون واضحين بشأن السلام وخطة السلام: فمن خلال نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس عاصمة إسرائيل، قمنا بتوفير أساس واقعي للمفاوضات المباشرة. لم تكن هذه الخطوة، كما ادعى الدكتور عريقات دون أي أساس، جزًءا من محاولة أميركية لفرض اتفاق إسرائيلي مكتوب على الفلسطينيين. بل على العكس، وكما ذكر الرئيس ترامب في إعلانه الرسمي في كانون اول الماضي، فإنه يدرك أن "الحدود الخاصة للسيادة الاسرائيلية في القدس تخضع لمفاوضات الوضع النهائي بين الطرفين"، وأكد من جديد أن "الولايات المتحدة تواصل دعمها للوضع الراهن في "جبل الهيكل"، المعروف أيضًا باسم الحرم الشريف."
لقد شهدنا في الاسبوع الماضي تصعيًدا كبيرا بإطلاق الصواريخ من قبل حماس وجماعات مسلحة أخرى على إسرائيل، وكان هذا نموذجًا واضحًا للخطر الذي تمثله حماس وهذه الجماعات. ويبدو من الحكمة أن يعترف الدكتور عريقات بذلك. فهذه التصرفات من حركة حماس لم تنجح سوى في تفاقم الوضع الانساني الصعب في غزة. إذ ألحقت الهجمات التي شنتها حماس ضررا بمعبر "كيرم شالوم"، نقطة العبور التجارية الرئيسية في غزة، وكذلك بخطوط النقل والوقود التي تمر عبره. وربما كان الموضوع الاكثر إثارة للحزن أن أحد الصواريخ التي ُأخطأ تصويبها أصابت إحدى محطات توليد الكهرباء القليلة العاملة في غزة، ما أغرق الفلسطينيين في مزيد من الظلام وهم يعانون أصًلا من نقص حاد في الكهرباء. لا تحتاج القيادة الفلسطينية إلى تكبيل نفسها بفشل حماس، بل في الواقع، يجب أن تكون
هذه فرصة السلطة الفلسطينية لفعل الصواب من أجل مصلحة الناس الذين تقودهم. عرض المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة مرارا وتكرارا المساعدة، وآخرها خلال اجتماع البيت الابيض في آذار الذي رفضت السلطة الفلسطينية حضوره. عندما يصبح الدكتور عريقات والسلطة الفلسطينية مستعدين في نهاية المطاف لرفض "عنف وأكاذيب" حماس والعمل معنا لنقل الغوث إلى غزة، نعتقد أنه يمكن إحراز تقدم حقيقي من شأنه أن يرسي لمستقبل أكثر أمًلا. هناك عدد من المشاريع الجيدة الجاهزة للتنفيذ التي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على تحسين المعيشة في غزة، وأن تشكل الاساس لبناء اقتصاد مستدام للفلسطينيين الذين يعيشون هناك
لقد حان الوقت للتوقف عن اللهجة الخطابية المثيرة وإعطاء الشعب الفلسطيني شيًئا يتعدى الكلمات. يتعين على القيادة الفلسطينية أن تخلق حياة أفضل، لا أن تضحي بتلك الارواح في سبيل خطة حماس "الارهابية" المروعة.
حان الوقت لسماع أصوات جميع الفلسطينيين. لقد سمعت أصواتهم على مدى الستة عشر شهرا الماضية ولا يتفق الكثيرون منهم مع الدكتور عريقات أو مع نهجه. لكن الشيء المحزن هو أن معظمهم لا يجتمعون ويتحدثون بصدق وبصراحة سوى على انفراد لانهم يخشون التحدث علًنا. إننا نحاول أن نساعد في خلق مجتمع حر ومزدهر للفلسطينيين، حيث يعتز الناس بحرية التعبير. الدكتور عريقات –لقد سمعنا صوتك منذ عقود ولم يحقق أي شيء قريب من التطلعات الفلسطينية أو أي شيء قريب من اتفاقية سلام شاملة. لربما قد تساعدنا وجهات نظر فلسطينية أخرى في التوصل إلى اتفاق سلام شامل حيث يمكن أن تكون حياة الفلسطينيين والاسرائيليين أفضل.
إن الوقت قد حان للتحلي بروح القيادة وتحمل المسؤولية. لقد انتهى زمن الاجتماع تلو الاخر للمسؤولين الحكوميين الذين يكررون مواضيع النقاش نفسها. الشعب الفلسطيني يريد عمًلا حقيقًيا، ويحتاج إلى حلول صادقة وواقعية وحاسمة. وفكرة زوال إسرائيل- أو أن القدس ليست عاصمتها- هي مجرد سراب. والفكرة القائلة إن الولايات المتحدة ليست الطرف الاساسي في عملية السلام هي سراب أيضًا. الحقيقة هي أن هناك فرصة للسلام، وأن الرئيس ترامب وإدارته يعملان على المساعدة في تسهيل عملية السلام التي ستفتح آفاق المستقبل أمام الشعب الفلسطيني، إذا كانت لديهم ولدى قيادتهم الشجاعة لاغتنام الفرصة.
أقول لكل الفلسطينيين الذين يحتفلون برمضان، رمضان كريم.