نشر بتاريخ: 11/06/2018 ( آخر تحديث: 11/06/2018 الساعة: 12:35 )
الكاتب: علي هويدي
تنشط دبلوماسية ترامب نتنياهو في محاولة للضغط على الدول الأعضاء في اللجنة الإستشارية لـ "الأونروا" التي ستشارك في اللقاء التاريخي المرتقب للّجنة يومي 18 و 19 يونيو/حزيران القادمين في عمّان، في محاولة منها للتأثير على مضمون البيان الختامي والذي من المتوقع أن يصدر ويشكل دعماً قوياً لإستمرار عمل "الأونروا" وأهمية وجودها الإنساني والسياسي والأمني في المنطقة، والدعوة إلى ضرورة سد ما تبقى من العجز المالي للوكالة غير المسبوق منذ تأسيسها سنة 1949 وبدعم من الدول العربية المضيفة للاجئين التي ستلتقي يوم 17 يونيو/حزيران أي قبل يوم من إنعقاد اللقاء بهدف توحيد الموقف، إذ مع مطلع العام 2018 بلغ العجز المالي للوكالة حوالي 446 مليون دولار تم جمع - حتى الآن - ما يقارب من الثلثين.
استطاعت هذه الدبلوماسية أن تؤثر على الموقف السويسري التاريخي الداعم لـ "الأونروا" حيث صرح وزير خارجيتها اينياتسيو كاسيس في 17/5/2018 بأن وكالة "الأونروا" جزء من المشكلة في الشرق الأوسط وأن عمل الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين هو حجرة أمام السلام في المنطقة وأنه طالما يعيش الفلسطينيون في مخيمات اللاجئين فبوسعهم الحلم بالعودة إلى ديارهم، ويدعو إلى دمج اللاجئين في الدول المضيفة وبأنه من غير الواقعي أن يتمكن الجميع من تحقيق هذا الحلم، مع ذلك تحافظ "الأونروا" على هذا الحلم على قيد الحياة، مضيفاً بأنه من خلال دعم "الأونروا" نبقي الصراع على قيد الحياة". ومن غير المستبعد أن يجري التأثير على دول أخرى وفق سياسة المصالح.
بخلاف الغالبية العظمى من دول العالم تعتبر الإدارة الأمريكية بأن وكالة "الأونروا" هي من يعيق عملية التسوية في المنطقة.. وتتبنى نفس الرواية المزيفة التي يتحدث عنها الإحتلال الإسرائيلي بأن الوكالة تدعم الاٍرهاب وتدعو إلى قتل اليهود..
مع مجيئ ترامب إلى سدة الحكم في تشرين الثاني 2017 بدأت حملة تشويه أمريكية إسرائيلية للوكالة، وكانت الإدارة الأمريكية قد أقدمت على خطوة غير مسبوقة في 2/1/2018 بالإعلان عن تجميد مبلغ 65 مليون دولار كان متوقعاً أن تدفع في ميزانية "الأونروا" كدفعة أولى من أصل 125 مليون دولار كجزء من ميزانيتها السنوية للوكالة التي تقدر بحوالي 350 مليون دولار، تبعها مباشرة تصريحات سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة نيكي هيلي بتاريخ 3/1/2018 بدعوة السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات مع العدو الإسرائيلي مقابل دفع المبالغ المالية في صندوق "الأونروا" الخطوة التي وصفت بالإبتزاز السياسي والرخيص.
وكان نتنياهو قد رحب بخطوة الإدارة الأمريكية بتاريخ 7/1/2018 معتبراً أن وكالة "الأونروا" "تديم مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وتديم ما يسمى بحق العودة الذي يهدف إلى تدمير دولة إسرائيل لذا على الأونروا أن تتلاشى وتزول وبأن أحفاد اللاجئين ليسوا بلاجئين"، وجاء الرد المباشر من وكالة "الأونروا" بتاريخ 8/1/2018 بان مهام الوكالة "تحددها فقط الجمعية العامة للامم المتحدة التي يقدم اعضاؤها دعما قويا وواسعا في مجالات التنمية البشرية والمجالات الإنسانية ومساهماتها لا غنىً عنها في السلام والأمن".
وفقاً للبند الثامن من قرار تأسيس وكالة "الأونروا" رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 1949، شكّلت الأمم المتحدة لجنة إستشارية للوكالة ضمت كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وتركيا وشمال إيرلندا، ومنذ ذلك الوقت حتى نهاية العام 2017 كانت أمريكا تعتبر أكبر وأهم داعم مالي في ميزانية الوكالة.
إذا أرادت الإدارة الأمريكية الإستمرار في عضويتها في اللجنة الإستشارية لـ "الأونروا" وأن تبقى "أكبر" دولة مانحة للوكالة، أو أن تساهم مالياً بشكل جزئي أو أن توقف دعمها بالكامل فهذا "خيارها"، أما أن تُمارس سياسة الإبتزاز والبلطجة الدولية والتحريض على الوكالة كما حصل مع وزير خارجية سويسرا.. فهذا مرفوض، وإذا استمر تعاطي الإدارة الامريكية على هذا النحو، فقد أصبح وجودها في اللجنة الإستشارية تماماً كوجود الثمرة الفاسدة في الصندوق والمفسدة لغيرها ويجب التخلص منها، إذ بات ينطبق عليها المثل الفلسطيني الشعبي "قاعد بحضنّا وبينتف بذقنّا.." وليذهب الدعم المالي والعضوية إلى الجحيم، وعلى بقية الدول الأعضاء - والإنفتاح على دول مانحة أخرى - أن تكسر الشوكة، وأن تملأ الفراغ، وليكن درساً تاريخياً لإنهاء سياسة العلو والإستكبار الأمريكي.
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 11/6/2018