نشر بتاريخ: 13/06/2018 ( آخر تحديث: 13/06/2018 الساعة: 22:41 )
الكاتب: أحمد طه الغندور
غزة كعادتها لغز يصعب على التفسير، البعض يحبها والبعض يكرهها بسبب أو بدون سبب، حتى أن المؤرخين -كعادتهم بالنسبة لكثير من المدن القديمة – قد اختلفوا في سبب تسميتها بغزة، فهناك من يقول إنها مشتقة من المنعة والقوة، وهناك من يقول إن معناها (الثروة)، وآخرون يرون أنها تعني (المميزة) أو (المختصة) بصفات هامة تميزها عن غيرها من المدن. وياقوت الحموي يقول في معجمه: " غَزَّ فلان بفلان واغتز به إذا اختصه من بين أصحابه".
وبعيداً عن التسمية ومعناها، وبعيداً عن الحنكة السياسية وحذاقة الكتّاب تدعوني طبيعة الظرف وتميل بي العاطفة للحديث بسليقة الإنسان "الغزاوي" البسيط الذي وقع بين المطرقة والسندان.
فإن هذا اليوم يصادف الذكرى الثانية عشر للانقلاب الأسود في غزة وبداية الانقسام الأسوأ في التاريخ الفلسطيني، هذا اليوم الذي مس الكثير من المحرمات التي ابتعد عنها الفلسطينيون طيلة وجودهم التاريخي والأسطوري على هذه الأرض المباركة.
هذا الانقلاب الذي أضح انقساماً وظيفياً ـ بمعنى أنه يخدم أطرافاً بعينهم ـ في شقي الوطن ولم يتكلف البحث في مجمل هموم المواطنين في فلسطين، على الرغم من الادعاء بمحاولات المصالحة بين هنا أو هناك، والوضع يزداد تدهوراً على القضية الفلسطينية وأيضاً وبشكل فج وفاضح وعلى الأخص على "حنظلة" ذلك المواطن الغزي.
اليوم وصلنا إلى تدمير الحياة الديمقراطية والقانونية في فلسطين، بفرض عقوبات ـ نخجل أن نُسميها بذلك ـ على غزة ومواطنيها، وخاصة من لا علاقة لهم بالانقلاب، هذه العقوبات جريمة توازي جريمة الانقلاب فهي تضرب الأسس القانونية والدستورية للدولة التي نحارب لترسيخها على الأرض.
من يعتاد مخالفة الدستور والقانون والمعاهدات الدولية، لن يخلق دولة قانون، من يخالف مبادئ الشرعية الإسلامية ليس مسلماً وإن طاف مساجد الأرض جميعها، ولا يحق له الحديث عن الخلافة ودولة الخلافة.
أحمد الله تعالى، أنكم ستدخلون البهجة على قلوب عوائلكم ومن تحبون في العيد غداً، بملابس جديدة وحلوى وزيارات وهدايا، وضحكات تملأ جوانب بيتكم العامرة، هنيئاً لكم جميعاً من قلوب أهل غزة الصابرين المحتسبين.
أما نحن البسطاء؛ فرجائي لا تقلقوا علينا، لا نريد أن نكون سبب تنغيص فرحتكم بالعيد، لا تهتموا بأبنائنا لديهم ملابس القديمة يمكنهم تبديلها بين بعضهم البعض، ولا نرغب بالحلوى لأننا أكثر من غيرنا عرضة للضغط والسكر والسرطان، ثم إننا لا نريد إزعاجكم بالتحويلات الطبية المكلفة، كم أن العيدية أمرها سهل، فلو عمل الشباب على تنظيف الشوارع فقد يجدوا بعض شواكل كان أصحابها قد فقدوها أيام الرواتب.
كان الله في عونكم مسؤوليات وموازنات ومعونات لا نفهمها نحن البسطاء.
المهم، من أجمل ما قرأت صباح هذا اليوم في كتاب الصديق السفير/ نبيل الرملاوي أمد الله في عمره وفي كتابه المعنون: "الدبلوماسية الفلسطينية"، يقول: "حروب "إسرائيل" على الشعب الفلسطيني تستهدف الأرض والمجتمع معا، والمجتمع أولا عملا بالنظرية الإسرائيلية القائلة (إذا ذهبت الأرض وبقي المجتمع، يقاتل المجتمع من أجل الأرض، أما إذا ذهب المجتمع فلا تقاتل الأرض من أجل المجتمع).
وهنا السؤال بلسان الغزاوي البسيط؛ لماذا تقاتلون المجتمع؟ وهل تقاتلون بالأصالة عن أنفسكم أم بالوكالة عن الاحتلال؟
يا سادة؛ غزة لا بواكي لها!
ومع ذلك تحرير فلسطين يبدأ حقيقة حين تنهون جرائمكم بحق غزة.
وأعلموا أننا نحن البسطاء فقد تركنا لكم العيد لتحتفلوا، ونُبقي عيدنا ليوم عودتنا ـ فكل عام وأنتم بخير.