نشر بتاريخ: 14/06/2018 ( آخر تحديث: 14/06/2018 الساعة: 01:10 )
الكاتب: هادي زاهر
مما لا شك فيه بان أي عمل يقوم به الانسان له أبعاده والتي قد تكون سلبية او إيجابية، ولكن عمل خير في أي اتجاه كان، لا بد من ان يؤتي ثماره، وقد قامت لجنة المبادرة العربية الدرزية بجمع التبرعات لأهلنا في غزة، ولهذه الخطوة المباركة ابعادها العديدة، ولو اردنا استعراض هذه الابعاد نجدها متشعبة، البُعد طائفي البُعد قومي والبُعد إنساني، ولا تناقض بين الأبعاد الثلاثة، فالبعد الأول:-
البُعد الطائفي: والذي لا يتناقض مع الابعاد الأخرى طالما انه يندرج ضمن الموقف القومي التقدمي والذي يرى فيه شاعر المقاومة الفلسطينية طيب الذكر سميح القاسم موضع فخر حيث يقول في كتابة "لا توقظوا الفتنة" أنا من أبناء العشيرة المعروفية التوحيدية العريقة الباسلة كفاحًا وتاريخًا ( ص 73) إن خطوة المبادرة تأتي لتقول بان لكل عملة وجهان، فالطائفة الدرزية في إسرائيل لا تسير على مسار واحد تماما كما هو الحال لدى كل شريحة، ففيها الوطني وفيها المتملق وفيها اللامبالي بما يجري حوله، وحركة المبادرة هي الوجه الاخر للطائفة الدرزية التي تعادي سياسة السلطات الإسرائيلية وتعمل على تعزيز الانتماء القومي وسط أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل، بعكس التيار الاخر الذي يوالي السلطات ويوافق او يصمت على المظالم، وهي تريد ان تقول للمواطنين العرب الفلسطينيين بكل وضوح باننا الوجه الاخر للطائفة الدرزية المناقض للطرف الذي ترونه من خلال البزة العسكرية، خاصة وان اجهزة السلطة المختلفة تحاول ان تسوق فكرة بان الطائفة الدرزية موالية لها بكل قوة هذا علما بان مؤتمر هرتسليا الإسرائيلي نفسه دحض هذا الادعاء وخلص إلى نتيجة بان المعارضة لسياسة السلطات، بين معارضة مواجهة، ومعارضة صامته بلغ ال 64% بين صفوف الطائفة، وهذا يظهر بوضوح لدى المفكرين الادباء والشعراء، الذين هم بأغلبيتهم الساحقة معادين لسياسة السلطة يشعرون بانهم جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني.
الُبعد القومي: والذي يرتبط بالبعد الأول، فهناك من لا يشعر بالانتماء القومي للطائفة الدرزية ونحن نقول بان السلطات الإسرائيلية نجحت إلى حد ما في زرع العدمية القومية بواسطة برامجها المختلفة وخاصة البرامج التعليمية الخاصة بالطائفة الدرزية والتي تختلف عن البرامج الدراسية المُعدة لبقية المواطنين في الدولة، الامر الذي استطاعت من خلاله تشويه عقلية ومخيلة الطالب الدرزي على حد بعيد، وقد فعلت ذلك لتهيئة الشاب الدرزي كي يملك الجاهزية النفسية للخدمة الاجبارية في الجيش وهنا تأتي خطوة المبادرة كي تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، خاصة ان السلطات الإسرائيلية تدرك بانه لا بد من ان يشعر الشاب الدرزي بالانتماء للامة العربية الامر الذي يجعلها تكثف في عملها لمواصلة ضمان الولاء الاعمى من قبل الشاب المقبل على الخدمة الاجبارية، ومثل هذه الخطوة التي قامت بها المبادرة جاءت صفعة قوية على جبين السلطات، إذ انها قالت باننا أبناء هذا الشعب يؤلمنا ما يؤلمه ويفرحنا ما يفرحه.
البُعد الإنساني: إن من واجب من يملك حسا إنسانيا مرهفا أن يتضامن مع كل مظلوم أينما كان، بغض النظر عن الانتماء، لقد كان هناك تجاوبا سريعا مع المبادرة إذ اسرع أهل الخير بالاستجابة لطلب الإغاثة مما شكل مفاجأة لم يتوقعها الكثير من الناس، أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي يتناقض مع الشرعية الدولية وكل القيم الإنسانية، إذ انها تعمل بشكل اجرامي في مواجهة التظاهر السلمي فبعد حصار استمر 10 سنوات تقوم باصطياد الفتية المسالمين ولا توفر المسعفين والمسعفات، فهناك قناصة تقتل بدم بارد وترقص وتغني على الدماء المسفوكة، وقد ضبطت الكاميرات مشاهد عدة تظهر فاشية الجيش الذي اعتبر الأطفال بمثابة عصافير يصطادها كهواية محببة، وهنا وجب على كل من يملك حسا إنسانيا ان يقف محتجا على الجرائم التي هي بمثابة وصمة عار على اجباه كل الصامتين في العالم قاطبة.
اننا نثمن خطوة لجنة المبادرة العربية الدرزية وندعو إلى الالتفاف حولها لأنها الوجه الناصع للطائفة التي يجب ان تتشبث بالتاريخ النضالي القومي العربي هذا النضال المشرف