السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حين تبيع القيادات الوهم.. يستورد الناس الحقيقة من الخارج

نشر بتاريخ: 19/06/2018 ( آخر تحديث: 19/06/2018 الساعة: 12:35 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

قبل اسبوع فقط. وفي أول محنة داخلية واجهتنا، بدا واضحا وهن المؤسسة الفلسطينية ( المؤسسة الحزبية والمؤسسة التنظيمية والمؤسسة الحكومية والمؤسسة العلمانية والمؤسسة الدينية والمؤسسة النقابية والمؤسسة غير الحكومية). ومع أول تظاهرة داخلية لاحظنا حجم التحريض المشبع بالسم والكراهية والتفاعل السلبي والشتائم والانتهازية والعناد السلبي.
وبرغم وجود مؤسسات حكومية وأمنية ووزارة داخلية عمرها ربع قرن الا أن الشارع انفلت من عقاله في أول يوم، وبرغم من وجود منظمات غير حكومية عمرها ربع قرن عملت ليل نهار على تأسيس نفسها وتحضير المجتمع للحكم الرشيد، الا أنها فقدت رشدها في اول نصف ساعة!! ولم نستطع التمييز بين قائد مؤسسة حقوق إنسان وبين همجي يجر المجتمع نحو الحرب الأهلية!! كما لم نستطع التمييز بين عسكري وبين "أزعر".
التوصيف شمل الجميع، شمل القطاع قبل الضفة، مع الإشارة الى منسوب العنف والقتل الداخلي في المجتمع الفلسطيني داخل الخط الاخضر. ولا يقولن أحد انه نجا من هذا الوباء وأنه محمي من هذا الضعف القاتل.
المؤثر موجود. دائما موجود. ولكن قوة المناعة هي العامل المتغير في هذه المعادلة. وفي اول هزة تصيب المجتمع الفلسطيني (والعربي عموما). ينهار جهاز المناعة لدرجة مخيفة. وسرعان ما نختار أسرع الحلول (أسرع الحلول ليست أفضل الحلول).
قبل ثلاثة أسابيع أصيب الرئيس بمرض ادخله المشفى، ورأينا بام أعيننا كيف فقدت المؤسسة هيبتها وتعلق الجميع بشبكات التواصل الاجتماعي يبحث عن عناوين وسيناريوهات عجيبة. حتى أن المؤسسات التي دفعنا لها القسط الغالب من ميزانيتنا، غابت ولم نجدها في اللحظات التي إحتجناها فيها.
وحين قمعت الشرطة تظاهرة في رام الله، قامت غزة تشفق على حالنا في الضفة الغربية لدرجة محرجة، وفي أول تظاهرة بعدها في غزة وجدنا أنفسنا نشفق على اهلنا في غزة!!
سيمفونية الفشل تتكاثر، وتتوالد وتنجب الذرية الطالحة التي تسيطر على عقولنا وباتت تشكل خطرا على اولادنا. والحاضنة الأخطر لكل هذا السلوك هو بيع الوهم.
قادة يبيعون الوهم للجمهور وأنهم هم وليس غيرهم سيحررون فلسطين ويطهرون القدس من الصهاينة بينما لا يهمهم سوى أنفسهم واموالهم ووظائف اولادهم، منظمات ديموقراطية تبيع الوهم بأنها تعمل من اجل العدل وهم أسوأ انواع الدكتاتوريات داخل مؤسساتهم ، رجال دين يبيعون الوهم للعباد بينما هم على رأس قائمة المستفيدين من الدنيا... 
في كل مجتمع بشري هناك مجلس حكماء يلجأ المجتمع اليه في كل ضيق. والمفروض أنهم من خيرة خبرات المتقاعدين ورجال الصحافة وفقهاء الدين.. امّا في حالتنا هذه فلم أسمع ولم أر ايا من هؤلاء، فامّا أنهم هربوا وامّا انهم يفضلون الصمت خشية من بطش الطامعين.