نشر بتاريخ: 20/06/2018 ( آخر تحديث: 20/06/2018 الساعة: 19:03 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
حالة التردي للكل العربي قياسا مع امم اخرى تطورت وتقدمت من العدم لا أجد لها وصفا افضل مما قاله الشاعر "كالعيس في البيداء يقتلها الظمئ والماء فوق ظهورها محمول". اذ انه وبالرغم من امتلاكنا لكم هائل من الثروات البشرية والطبيعية وادوات الوحدة ما يمكننا من ان نكون على راس هذا العالم، الا اننا وللاسف اثرنا طوعا وقسرا ان نقبع في قعر هذا العالم نتزاحم مع امم حرمها الله مما اعطانا اياه واصبحنا نعيش على ما ناكل من غير ما نزرع ونلبس ونتسلح من غير ما نصنع.
ما حدى بي للدلو في هذا البئر هو تقرير رفعته سفيرة دولة اوروبية لبرلمان دولتها عن التعليم في اليمن وجدت فيه دقة في الوصف وتشخيصا مؤلما لحقيقة نعرفها ولكننا نتجاهلها بالرغم من ادراكنا في اننا لو اعدنا تشكيلها بشكل صحيح لوفرت لنا مخرجا يمكننا كعرب من العودة الى ما كنا عليه في يوم من الايام عندما كانت لنا القدرة على شتم اعدائنا والفوز بابلهم بينما اليوم نشتمهم دون توقف ولكن هم الذين يفوزون بابلنا وكل حلالنا.
يقول التقرير:
"النظام التعليمي في اليمن يؤدي الى مفارقات مدهشة في الخريجين. فطلاب الدرجة الاولى من الاذكياء يذهبون الى كليات الطب والهندسة. بينما خريجو الدرجة الثانية يذهبون الى كليات ادارة الاعمال والاقتصاد وبذلك يصبحون مدراء لخريجي الدرجة الاولى في حين خريجو الدرجة الثالثة يتجهون للسياسة فيصبحون ساسة البلاد ويحكمون خريجي الدرجتين الاولى والثانية. اما الفاشلون في دراستهم فيلتحقون بالجيش والشرطة فيتحكمون في الساسة، يطيحون بهم من مواقعهم او يقتلونهم ان ارادوا. اما المدهش حقا فهو ان الذين لم يدخلوا المدارس اصلا يصبحون شيوخ قبائل يأتمر الجميع بامرهم".
مادة هذا التقرير تضع الاصبع على مكان الالم في الواقع العربي بشكل عام والتي بسببها اصبح الشعار المطبق في كثير من بلاد العرب ان يعيش الحاكم ويموت الوطن لدرجة اننا طوعنا حتى الدستور وليس القانون فقط من اجل خدمة الحاكم الذي ان دخل القصر لا يخرج منه الا الى القبر.
المحزن في هذا كله ان البلد العربي المذكور كان في يوم مضى مضربا للامثال في النمو والتحضر وكان يعرف وعن استحقاق باليمن السعيد ثم اصبح الان مضربا للعويل والبكاء والحزن ليس بسبب موت سيف الاهل الذي استوطنه فقط ولكن سيف الجوع الذي يفتك باطفال هذا البلد الذي ولدت من رحمه الحضاره العربيه واصبح وعن استحقاق يعرف الان باليمن التعيس.
المؤلم اكثر ان اليمن ليس حاله شاذه في المحيط العربي حيث هناك من هو بنفس السوء ان لم يكن اسوأ فالدمار في بلاد العرب اصبح وباء تنقله معادلة الحكم غير الرشيد التي تعتمد الولاء للحاكم دون الكفاءه والتي هي في واقع الامر عباره عن خلطه للمواد البشريه الفاسده نتج عنها ما سمي جزافا بالربيع العربي الذي فجر ينابيع من الدم بدلا من الماء وجماجم بدلا من الزهور.
المضحك المبكي في ذلك كله هو اننا نعيش في عالم فعلا اصبح بفعل تكنولوجيا التواصل والاتصال قريه صغيره نسمع فيها عن حادث سير في اقاصي الدنيا وعن استقالة وزير لانه تاخر عن اجتماع وعن سجن رئيس دوله بسبب تحرش جنسي او بسبب الفساد وفي نفس الوقت تسمع عن بيع بلد مثل فلسطين وعن قتل وصل حد الاباده وتهجير شعب كما حصل في سوريا وربما مايجري في بقية البلدان ينطبق عليه ما خفي كان اعظم.
محاولة بيع فلسطين وقدسها من خلال صفقة القرن او العصر ستكون جريمة القرن او العصر التي لا محالة سَتُسقِط ورقة التوت عن عورات كل من شارك في انتاج واخراج هذه الصفقة/ الجريمة بحق شعب وَكَلَه الله ليكون في رباط الى يوم الدين في ارض الرباط في بيت المقدس واكناف بيت المقدس.
كباقي خلق الله نترقب ما سينتج عن الزيارة الى بعض البلدان العربية الشقيقة من قبل حماة حمى العرب الجدد القدامى من زناة الليل الصهيو اميركان القادمين من اجل اغتصاب القدس. وكعادتنا لا يفوتنا ان نقدر كل الجهود التي بذلتها هذه الدول عبر السنين في محاولاتها لتحرير القدس بالرغم من انها لم تفلح لغاية يومنا هذا ومع ذلك فاننا لن نطلب من الاشقاء ان يطردوا ضيوفهم او ان يبعثوا بفرسانهم مرة اخرى لدحر الاحتلال. الا اننا نتمنى عليهم وهذا حقنا ان لا يطلبوا من القدس اولى القبلتين ان تسكت صونا للعرض طبعا هذا التمني يتطلب الاعتذار من الشاعر مظفر النواب.
هذه الصوره السوداويه المظلمه التي حلت محل اشعاع وصل نوره في ايام خلت الى اقاصي الدنيا عندما اختار الله ان يرسل نوره للعالم بلغة العرب ، هذه الصوره لا يمكن لها ان تطغى على المشهد العربي الى ما لا نهاية خصوصا وان هناك ما يبعث فينا الامل في اصرار البعض من الاشقاء العرب في الانتصار لشعب الرباط على الرغم من قدراتهم التي حددها صغر بلدهم حجما وسكانهم عددا الا انهم واقصد الكويت بشعبها وحكامها زرعو في نفوس الفلسطينيين بذور امل في زمن الظلام الذي يعيشه العرب.
الكويت بلد صغير في حجمه الا ان افعاله على مدار السنين اثبتت انه بلد كبير وعظيم بعروبته واخلاقه وقيمه . في اقتتال الاخوه في الاردن في عام 1970 كان الكويت هو المبادر الاول لاصلاح ذات البين وهنا نترحم على الشيخ سعد العبدالله الذي حضر بنفسه الى عمان وما فعله في حينه يبقي دين في اعناق كل ثوار فلسطين وفي القطيعه الخليجيه كان الكويت المبادر الاول لراب الصدع الخليجي واخيرها وليس اخرها على هذا البلد العروبي المعطاء كان في اصرار الكويت على الانتصار لفلسطين في مجلس الامن وفي مؤتمر اسطنبول الذي ارتفع فيه صوت امير الكويت مدافعا عن القدس ومعوضا بذلك عن صمت القبور الذي حل بالاخرين من اهلنا الذين وان ضنو علينا كرام.
الكويت البلد الصغير في المساحه وعدد السكان اثبت كما اسلفت انه الاكبر اخلاقا وقيما وعروبه فمشروع قرار الكويت الشقيق في مجلس الامن لحماية الشعب الفلسطيني وان لم يمرر الا انه طعن في مقتل مشروع قرار اميركا التي تعرت بفعل الاصرار الكويتي الذي كشف في نفس الوقت عن االفقر الاخلاقي المدقع لاميركا.
كل ذلك بفضل البصيرة والحكمه التي من الله بها على عائلة الصباح التي حكمت فعدلت فباتت لا تخشى في الحق لومة لائم حتى لو كانت اميركا التي ساهمت في تحرير الكويت عندما سيطر الشيطان على عقل صدام حسين.
ختاما نقول مشكور يا كويت