نشر بتاريخ: 22/06/2018 ( آخر تحديث: 22/06/2018 الساعة: 10:27 )
الكاتب: د.حسام الدجني
السؤال الأكثر تداولاً بين الجماهير الفلسطينية، قطاع غزة إلى أين..؟ وهو سؤال جوهري ومهم في ظل الاهتمام العالمي المفاجئ بالمسألة الغزية، وكأن الحصار فرض على القطاع قبل أيام فقط، ولم يكن مفروضاً على القطاع منذ اثني عشر عاماً.
تغليف القضية الفلسطينية ببعد انساني وفقط هو مكمن الخطورة، رغم أن الواقع الانساني بالغ الصعوبة، وهو ما رصدته أربع مؤسسات أممية، إلا أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة والتي جاءت كنتيجة للحصار هي من صنيعة الاحتلال بالدرجة الأولى، وهو المسئول عنها، فصراعنا مع المحتل ليس على راتب، أو معبر، أو ادخال بضائع، وفقط بل هو صراع على الأرض والعرض والمقدسات والحقوق المكفولة بالقانون الدولي وبقرارات الشرعية الدولية.
وللبحث في استشراف المستقبل السياسي لقطاع غزة بحاجة إلى تفكيك وإعادة تركيب للمشهد على النحو التالي:
المشهد الأول: تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتريس بنشوب حرب على غزة.
المشهد الثاني: تحذير مفوض الأونروا بأن وكالة الغوث قد لا تفتتح العام الدراسي الجديد وتوقف صرف رواتب موظفيها بسبب الأزمة المالية الخانقة.
المشهد الثالث: حراك دبلوماسي نشط يقوده مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف، وحراك موازٍ يقوده مبعوثو ترامب للشرق الأوسط كوشنير وجرنبلات لجلب تمويل خليجي يقدر بـمليار دولار لمشاريع إنسانية تخدم قطاع غزة وتقام في سيناء.
المشهد الرابع: تشديد الحصار على غزة عبر الإصرار على العقوبات من طرف الرئيس محمود عباس، وعدم تحرك العالم لإنقاذ قطاع غزة والاكتفاء بالتصريحات فقط.
المشهد الخامس: استمرار مسيرات العودة وكسر الحصار.
المشهد السادس: جولات من القصف والقصف المتبادل بين المقاومة و(إسرائيل).
وفقاً للمشاهد السابقة والتي من خلالها نستطيع استشراف جزئي لمستقبل قطاع غزة من الناحية السياسية فإن ملامح المرحلة المقبلة تؤكد أن غزة تتعرض لمرحلة من التدجين عبر تشديد كافة حلقات الحصار ومن كل الاتجاهات وبكل الوسائل بما فيها العصا (الحرب) لتشكيل رأي عام قابل للتعاطي مع صفقة القرن من خلال سلسلة مشاريع إنسانية يتم تمريرها بعد مرحلة من الجوع والعطش تعرض لها قطاع غزة، حيث ستحل تلك المشاريع مكان الأونروا تدريجياً وبذلك تذوب قضية اللاجئين مقابل تحسين مؤقت لواقع الحياة في قطاع غزة. وبذلك يكون ترامب قد حقق المرحلة الثانية والثالثة من صفقة القرن بعد الانتهاء من ملف القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، وهي انهاء ملف الأونروا كمقدمة لإنهاء حق العودة، وإقامة دولة غزة عبر فصلها عن الضفة الغربية. ثم تبدأ مرحلة تصفية الضفة الغربية وبذلك تطبيق كامل لصفقة القرن والاعلان عن انتهاء المشروع الوطني الفلسطيني من وجهة نظر الولايات المتحدة، والاحتلال الصهيوني، ومن يدور في فلكهم.
ومن أجل مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية فلابد من خطوات عملية لمواجهة صفقة القرن من خلال خمس خطوات:
1. توفير دعم دولي ثابت للأونروا لضمان بقائها وديمومتها واستمراريتها في تقديم الخدمات.
2. إنهاء العقوبات الظالمة على قطاع غزة من طرف الرئيس محمود عباس فالعلاقة طردية بين تمرير صفقة القرن والحصار، فكلما زاد الحصار زادت فرص تدجين الشارع الفلسطيني لدفعه للقبول والتعاطي مع الصفقة، وصولاً لإنهاء الانقسام وتبني استراتيجية وطنية قادرة على انقاذ المشروع الوطني.
3. المواجهة بالصدمة، أي مطلوب مواجهة صفقة القرن بطرق لا يتوقعها أحد من خلال تفعيل المقاومة وتسخين كافة الجبهات بالداخل والخارج.
4. تحفيز الجماهير والدول على دعم فلسطين ماليا وسياسيا واعلامياً مقابل خطة فلسطينية للتقشف لإدارة المرحلة المقبلة على قاعدة مواجهة صفقة القرن.
5. ضرورة التفكير في سبل إدارة المشاريع الانسانية الموجهة لقطاع غزة على قاعدة تحويل التهديد لفرصة.