نشر بتاريخ: 27/06/2018 ( آخر تحديث: 27/06/2018 الساعة: 13:37 )
الكاتب: رضوان أبو جاموس
تعتبر ظاهرة الهجرة من الظواهر القديمة في غالبية دول العالم الثالث، فهي ظاهرة اجتماعية نتيجة ظروف الحياة الإنسانية، والبحث عن فرص أفضل للدراسة أو العمل أو الحياة الكريمة، الا أن ما دفعني لكتابة هذا المقال تداول عدد من النشطاء الفلسطينيين في الآونة الأخيرة قائمة تضم أعداد من الأطباء ذوي الكفاءات والخبرات.
لا يخفى على أحد أن الأمور يوماً بعد يوم تزداد سوءا مع انسداد المستقبل أمام الشباب الفلسطيني وأصحاب الكفاءات والخبرات المهنية خاصة، مما اُضطر بعضهم للهجرة "غير المشروعة" إلي خارج أرض الوطن أملاً بتحقيق الآمال المنشودة في الحصول حياة كريمة في بلاد الغرب.
بغض النظر عن صحة الأرقام المتداولة حول أعداد المهاجرين من ذوي الخبرات والكفاءات المرموقة الذين غادروا قطاع غزة خلال الفترة الماضية، الا أن تلك الظاهرة يجب أن تدق ناقوس خطر حول خطورة هذه الظاهرة على القضية الفلسطينية برمتها.
صحيح أن الأوضاع الصعبة التي يعشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة تُلقى بظلالها المأساوية على كل مناحي الحياة، مما جعل كل الشعب الفلسطيني يفتقر معها لأبسط مقومات الحياة الكريمة خصوصا مع استمرار حالة الانقسام الكارثي وما نتج عنه من فرض عقوبات ظالمة على قطاع غزة تسببت بتفاقم متلازمة الفقر والبطالة.
مما لا شك فيه أن الاحتلال الاسرائيلي سبب رئيس لتفاقم تلك ظاهرة الهجرة بما يمارسه من اعتداءات مباشرة على الشعب الفلسطيني، أو اعتداء غير مباشر كالحصار الذي يعد أكثر بشاعة سواء في دوافعه وأسبابه السياسية والاقتصادية المباشرة أو في دوافعه السياسية البعيدة المدي وفق المخطط الإسرائيلي، الا أن الانقسام المقيت والمناكفات السياسية الحاصلة بين غزة والضفة تعتبر سبب رئيس في تفاقم ظاهرة هجرة الكفاءات والشباب الفلسطيني.
وهنا يجب على الجميع (حكومة وفصائل) تدارك الوضع لأنها تُعد من أخطر الظواهر وخسارة كبيرة للوطن، ولها تبعات وتداعيات على القضية الفلسطينية والصراع الديمغرافي مع الاحتلال باعتبار أن الكفاءات الشبابية هم قادة الغد وأمل المستقبل ولهم دور كبير في مواجهة المؤامرات المحدقة بالشعب الفلسطيني للنيل من صموده وطمس هويته الوطنية.
بلا شك أن الحديث عن مستقبل الشعب الفلسطيني بشكل عام يكتسب طابعاً مميزاً، والشباب بشكل خاص كونه العمود الفقري للشعب والأكثر فاعلية وحضوراً في الدفاع عن مقدساته ووطنه، خصوصا فيما يُحاك بالقضية الفلسطينية من مؤامرات وصفقة القرن المشبوهة والتي نأمل الا يكون ظاهرة الهجرة جزء من تلك المؤامرة.
وكيف لنا أن نمنع تمرير "صفقة القرن" بدون تكريم تلك الطاقات الشبابية والكفاءات العلمية ومعالجة أسباب تفاقم ظاهرة الهجرة لدى الشباب الفلسطيني الذي يتمثل بالدرجة الأولى عدم الشعور بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتفاقم أعداد الخريجين دون توفر أدني متطلبات الحياة الكريمة لهم.
لذلك نرى أن المسؤولية تقع على الجميع سواء على مستوى (الدولة والأحزاب والمؤسسات والعلماء غير ذلك)، فالجميع مطالب بدعم شريحة الشباب والخريجين والكفاءات والعقول الفلسطينية بالوقوف إلى جانبهم وتقديم كل أنواع المساعدات لتوفير حياة كريمة لهم، وتقديم الحوافز المختلفة وخلق فرص عمل متنوعة، وعدم الزج بهم في معترك الخلافات السياسية.
وهذا لن يكون الا بإنجاح المصالحة الفلسطينية، والتطبيق الفوري لتفاهمات القاهرة، والعمل على تسوية الخلافات السياسية، ورفع فوري للعقوبات الاقتصادية المفروضة على قطاع غزة، وفك الحصار وتوفير متطلبات حياة كريمة لسكان القطاع بشكل عام والشباب والكفاءات العلمية والمهنية بشكل خاص .