الأحد: 29/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

كفانا فشلاً مزمناً .. لنبدأ بالفشل المُجدي!

نشر بتاريخ: 27/06/2018 ( آخر تحديث: 27/06/2018 الساعة: 19:07 )

الكاتب: فادي قدري أبو بكر

يعيش الفلسطينيون ظروفاً كابسة لا تستثني أحداً، وتكثر الأسئلة أمامهم في ظل التخبط السياسي وحالة الانقسام المُستعصية. نحن أمام خيارين لا ثالث لهما : إمّا هويتنا ..أو.. الهاوية!. إن مبدأ استمرارية سير العملية النضالية يستوجب مواجهة الظروف الاستثنائية، حيث ما زال أمامنا مشوار طويل وصعب من الصمود والمقاومة.
أجهدنا الانتظار المُحنظل .. أجهدنا بحثهم عن وطن وليس عن الوطن .. أجهدت مسامعنا تلك الشتائم التي تنهال من كل صوب، وأجهدنا هذا التشاجر الصبياني والمكر الوحشي.. أجهدنا اختلافنا.. اختلافٌ كاختلاف ماء زمزم عن باقي المياه .. أجهدتنا الانتقامات السياسية .. أجهدنا غياب النقاش بالمعنى الجدي.. بالمعنى الهام الأساسي.. أجهدنا الانتظار المُحنظل.
ما زالت الأصوات تعلو .. وما زال الخلاف قائم، في حين كل شيء من شأنه أن يكون ضامن ومُحسن لحقوقنا غائب. تغيير النهج يبدأ بعودة الولاية العامة لمصالح الجمهور الفلسطيني وتجديد الخطاب السياسي يكون بتيسيره كي يفهمه الناس، حيث أن تعقيده السائد حالياً يعكس مدى التخبط السياسي وضحالة الأداء السياسي العام.
الجهات التي تتغذى وتستمد ديمومتها من الواقع الاستعماري المفروض، من الطبيعي أن تجدها تنطلق من موقف نقدي ضد فكرة "المقاومة". فلماذا يُركّز الجهد على استمالتها والحرص على إبقاء تحالفها؟!. الجهد مهم، لكن معرفة أين تبذل الجهد هو الفرق.
خير وسيلة للتعلم إنما هي ملاحظة أجيالنا الجديدة الفتية، تلك الأجيال التي تُبهرنا دوماً في أشكال وأدوات نضالية جديدة. إعادة النظر في أشكال المقاومة الحالية، وابتكار أشكال مختلفة على الدوام، مسألة في غاية الأهمية كونها تُبقي المسيرة النضالية على نفس وتيرتها التصاعدية، وتجعل الاحتلال في حالة إرباك، الأمر الذي يعد ضرورة وطنية على طريق تحقيق الحقوق الفلسطينية.
يقول ابراهيم السكران في كتابه "الماجريات" أن :"الحق ليس هدية تُعطى ولا غنيمة تغتصب، وإنما هو نتيجة حتمية للقيام بالواجب، فهما متلازمان، والشعب لا ينشىء دستور حقوقه إلا إذا عدّل وضعه الاجتماعي المرتبط بسلوكه النفسي، وإنها لشرعة السماء: "غير نفسك تُغير التاريخ".
الثورة هي إرادة التغيير وليست بقعة جغرافية، وعلينا أن نعي أن القضية الرئيسية ليست بتغيير ترامب وكوشنر وغيرهم وإنما بتحرير البلاد من كافة أنواع الاستعمار والتبعية.
القطاع العام لا يمثل وحده المحرك الرئيسي للبناء والتطور والابتكار.. في كل واحد فينا روحٌ بطلة، لنعمل كلٌ في موقعه ونكرس طاقاتنا لهذه البلد، فكلنا نمضي وتبقى الذكريات، وهذا البلد يستحق منا الكثير لننتصر به.
يقول روبرت شولر: "أُفضِّل أن أغير رأيي وأنجح على أن أستمر على نفس الطريقة وأفشل". كفانا فشلاً مزمناً ولنبدأ بالفشل المجدي، ولتكن أفعالنا آثاراً حميدة تهتدي بها الأجيال اللاحقة، وكما يردد أمير الشعراء أحمد شوقي : (وآثارُ الرجالِ إِذا تناهَتْ.. إِلى التاريخِ خيرِ الحاكمينا).