الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القضية الفلسطينية والثلاثي الصهيوني كوشنر- جرينبلاط - فريدمان..

نشر بتاريخ: 28/06/2018 ( آخر تحديث: 28/06/2018 الساعة: 12:23 )

الكاتب: ابراهيم عبد الله صرصور

(1)
عندما نتناول القضية الفلسطينية ومستقبلها من المنظور السياسي فقط، فماذا نجد في المشهد؟
نجد امامنا مباشرة تحالفا دوليا داعما لإسرائيل بلا حدود وبلا قيود ابتداء من بريطانيا وفرنسا بداية القرن الماضي وحتى العام 1948، وانتهاء بدعم أمريكا التي ورثت زعامة العالم الكولونيالي من العجوز الشمطاء بريطانيا..
(2)
نرى امامنا الضعف والتمزق وغياب الإرادة والكرامة الوطنية لدى الأغلبية الساحقة من الحكومات والأنظمة العربية، والتي لم يتغير وضعها منذ بداية الصراع الصهيوني - الفلسطيني - العربي، مرورا بالنكبة وحتى الآن..
من اهم ملامح هذا الانحطاط العربي قديما وحديثا، والذي تسبب بالكوارث التي أصابت الأمة داخليا وخارجيا، وضيع فلسطين والقدس والاقصى، غياب مفهوم الامة، والذي أنتج الدكتاتوريات والأنظمة الجبرية والعاضة (الملك العضوض)، وفَرَّخَ العصبيات المذهبية والعشائرية والطائفية والإقليمية، والصراعات الخفية والعلنية، الفكرية والسياسية وحتى العسكرية، وذلك داخل الدولة القطرية الواحدة، وبينها وبين بعضها.. غياب القيم وطغيان الغرائز، وظهور الجماعات الباطنية، وكثرة التحولات السياسية.. الولاء لأعداء الأمة، والارتهان للخارج، والتفريط بقضايا الشعوب ومصالحها الكبرى بهدف البقاء على كرسي السلطة.. غياب الاستقلال الحقيقي واستبداله باستقلال مزيف زاد من حالة الاحتقان، وعَمَّقَ حالة التشرذم، وَغَيَّبَ القرار الوطني، وَسَخَّرَ مقدرات الأمة لخدمة الحاكم ومن يدعمه من القوى الخارجية.. انتشار الفقر والجهل والتخلف والمرض بسبب احتكار السلطة والثروة، وبسبب استفحال الفساد والمحسوبية والرشوة، حتى أصبح الشعب آخر ما يُفكر به الحاكم.. كل هذه الأسباب أدت الى نشوء هذا الوضع غير الطبيعي في امتنا، فضعفت وذلت وانهزمت وتخلفت وتمزقت ونزفت، حتى ما عاد لها ثقل في موازين الحضارة والمدنية او موازين السياسة...
تحملت الدول العربية المستقلة منذ بداية القرن العشرين المنصرم المسؤولية الكبرى عن تطور الاحداث في الصراع مع الصهيونية وصولا الى حرب العام 1948 ووقوع النكبة الفلسطينية. كما هو معروف، فقد انتهت الحرب بهزيمة منكرة لجيوش سبعة دول عربية شاركت في الحرب، مهدت لمرحلة جيوسياسية جديدة ما زالت آثارها مستمرة حتى يومنا هذا.. كان توقيع اتفاقيات الهدنة مع إسرائيل بعد الحرب (24 كانون ثاني 1949 مع مصر، 23 آذار 1949 مع لبنان، 3 نيسان 1949 مع الأردن، و- 20 آب 1949 مع سوريا)، إحدى الخطايا الكبرى التي ارتكبتها الدول العربية الموقِّعة في حق فلسطين، إذ اعترفت هذه الدول بحدودٍ لإسرائيل تجاوزت الحدود المنصوص عليها في قرار التقسيم الظالم (181) بنحو 20%، فأصبح بموجب هذا الاتفاق نحوٌ من 75% من فلسطين تحت السيطرة (السيادة) الإسرائيلية وبموافقة الدول العربية المبكرة..
أحد النماذج لتلك الحقبة السوداء التي ما زالت تصبغ المشهد بالسواد القاتم حتى الان إلا من بقع من نور هنا وهناك، إجابة بتاريخ رئيس الوزراء الاردني (توفيق أبو الهدى) بتاريخ 12.1.1953، على استجواب تقدم به عدد من النواب حول اتفاق رودس، فقال: "الحكومة متفقة مع النواب التسعة على أن اتفاقية رودس حوت كارثة لا يمكن نكرانها وهي كارثة المثلث، ولولا ذلك لكان شأن الاتفاقية شأن أمثالها المعقودة مع البلاد العربية الأخرى".....
في مقال في جريدة الشرق الأوسط في 6 ايلول 2001، كتب ناصر الدين النشاشيبي، والذي كان الناطق الرسمي باسم الملك عبد الله الأول، ومن أهم موظفي الديوان الملكي الأردني قبل أن يهاجر إلى مصر ليشغل وظيفة رئيس تحرير لجريدة الجمهورية، كتب يقول: (...... توفيق أبو الهدى الذي قرر ان يتهرب من مسؤولية تمديد الهدنة الاولى في حرب فلسطين ـ وكان الاجماع العربي بأسره يهدف الى تمديدها بسبب المعونات العسكرية المخيفة التي انهالت على اسرائيل خلال ايام الهدنة مما جعل الموقف برمته ينقلب لصالح اليهود ـ ولكن ابو الهدى الذي كان رئيسا للوزراء قدم استقالته الى الملك عبد الله ـ فجأة ـ تهربا من مسؤولية الهدنة وخوفا على شعبيته في الشارع العربي! وحسب علمي، ومعلوماتي، فانه اراد الحصول من الملك عبد الله الاول على اجازة قصيرة يسافر خلالها الى لبنان للراحة والاستجمام بينما كان قصده الحقيقي ان يبقى بعيدا عن المسؤولية عندما بدأ لقاء الوفد الاردني مع الوفد الاسرائيلي في فبراير عام 1949 في جزيرة رودس للتوقيع على اتفاق هدنة دائمة! ولكن اليهود أصروا على ان يكون توفيق ابو الهدى بالذات على رأس الموقعين الاردنيين مما أرغمه على البقاء في الاردن، وان يتحمل المسؤولية! وعندما ارادت بعض الشخصيات الفلسطينية المشاركة في الوفد الاردني الى "رودس" للمساعدة في رصد المواقع والحدود والمدن والقرى خلال المفاوضات.. اقول عند ذلك، اوعز الى العسكريين الاردنيين برفض الطلب الفلسطيني لان المفاوضات "حسب قولهم" كانت محصورة في النطاق العسكري فقط! وبسبب كل ذلك، جرت المفاوضات حسب اهواء اليهود، وضاع المثلث العربي من قلب ارض فلسطين الى اليهود. وسمعت ـ بأذني ـ الدكتور رالف بانش الوسيط الدولي يقول معلقا: ان اليهود طلبوا من العرب اعطاءهم البنطلون فقط، ولكن العرب اعطوهم ـ عن طيب خاطر ـ البنطلون والجاكيت والقميص!!).. انتهى..
كما كانت اتفاقات رودس اعترافا عربيا من نوع ما بسلطة إسرائيل على فلسطين في حدودها التي سيطرت عليها بقوة السلاح وطردها للشعب الفلسطيني، مقدمة لاحتلال فلسطين ولانهيار عربي تلى كان من أبرز سماته توقيع اتفاقيات جديدة شكلت غطاء لمخططات إسرائيل التوسعية على حساب الحقوق الفلسطينية والعربية، فقد جاء اعتراف الولايات المتحدة بحكومة إسرائيل المؤقتة (اعتراف قانوني غير نهائي، باعتبار الحكومة المؤقتة السلطة الشرعية بحكم الأمر الواقع، غيرته ليصبح اعترافاً قطعياً بعد عقد الانتخابات الإسرائيلية الأولى، بتاريخ 31 كانون ثاني عام 1949.)، واعتراف الاتحاد السوفييتي (اعترافا قطعيا منذ البداية بعكس امريكا، والذي يعني اعترافا واضحا وحاسما وغير قابل للرجوع فيه، وينتج عنه كافة آثار الاعتراف، على عكس "دي فاكتو"، والذي هو اعتراف وقتي وغير واضح ويقبل الرجـوع فيه، لذا لا ينتج كافة الآثار)، جاء اعترافهما بإسرائيل بعد اعلان استقلالها بتاريخ 15 أيار عام 1948، الهدية التي أرادتها حكومة بن غوريون لتسهيل قبول طلبها الذي تقدمت به للاعتراف بها عضوا كامل العضوية في الأمم المتحدة..
فشلت إسرائيل في تمرير طلبها الانضمام إلى الأمم المتحدة في خريف 1948، فعادت وقدمت طلباً آخر في ربيع 1949، انتهى بصدور قرار الجمعية العمومية رقم 273 بتاريخ 11 مايو 1949، بقبول عضوية إسرائيل بناءً على إعلان إسرائيل بأنها "تقبل بدون تحفظ الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة وتتعهد بتطبيقها من اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة"، وبأنها تتعهد بتطبيق قرارا الجمعية الصادر 29 نوفمبر 1947 (قرار تقسيم فلسطين 181) و 11 ديسمبر 1948 (قرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين 194)، الامر الذي لم يتحقق حتى الآن.
بعد التوقيع على اتفاقيات رودس (الهدنة)، وقرار الأمم المتحدة الاعتراف بإسرائيل، وفي ظل ذات الضعف والتمزق العربي المستمر حتى اليوم، أصبحت الطريق قصيرة بعد اقل من عشرين سنة تلت، لأن تحتل إسرائيل بقية فلسطين بما في ذلك مدينة القدس والاقصى المبارك خلال حربها العدوانية عام 1967، بدأت بعدها بسنين قليلة معركة سياسية فاشلة ابتدأت باتفاق السلام المنفرد مع مصر عام 1979، تلاه اتفاق (أوسلو) مع منظمة التحرير الفلسطينية، واتفاق السلام مع الأردن 1994، وهي الاتفاقيات التي هيأت لإسرائيل وحكوماتها المتعاقبة وخصوصا حكومة نتنياهو الحالية، الأجواء المثالية لإنهاء القضية الفلسطينية تدريجيا تمهيدا لإقامة إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر..
(3)
نشاهد امامنا أيضا مشهد التمزق والخلافات الفلسطينية – الفلسطينية التي لا تنتهي، والذي يتكرر بعناد غير مفهوم منذ النكبة وحتى اليوم، حيث وصلت ذروته أن أصبحت سلطة رام الله جزءا من حصار الشعب الفلسطيني في غزة، منسجمة في ذلك مع مخطط عربي – امريكي – صهيوني يسعى لتركيع كل القوى الحية في الأمة وبالذات الإسلامية منها.. كما وباتت الاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل منذ العام 1993 (أوسلو)، غطاء نفذت حكومات إسرائيل المتعاقبة في ظل ضبابها الكثيف، أوسع مشاريعها الاستيطانية التي ابتلعت الأرض الفلسطينية والقدس الشريف، وابتلعت معهما الحلم الفلسطيني في الاستقلال وكنس الاحتلال..
ما أعنيه بالصراعات الفلسطينية – الفلسطينية في تاريخ الشعب الفلسطيني القريب، تلك النزاعات التي كانت السمة البارزة للعلاقة بين القوى الفلسطينية التي قادت دفة الصراع مع الحركة الصهيونية والانتداب البريطاني ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر وحتى النكبة، والتي صبغت المشهد الفلسطيني بالسواد في ظروف لم تكن أقل سوءا من الظروف التي تحيط بالقضية الفلسطينية في مرحلة ما بعد النكبة وحتى الآن.
صراعات القيادة الفلسطينية منذ بداية القرن العشرين وحتى النكبة (عائلات الحسيني والنشاشيبي والخالدي والبرغوثي والعلمي وعبد الهادي وغيرها، حيث تصدرت عائلتا الحسيني والنشاشيبي مشهد المنافسات العائلية في فلسطين)، والصراعات التي رافقت فترة تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1964، والتي شهدت خلافات في المواقف بين مؤيد ومعارض ومتشكك، حيث كانت حركة (فتح) أعلى التنظيمات الفدائية صوتًا في معارضة المنظمة حتى هزيمة 1967، والانشقاقات التي شهدتها المنظمات الفلسطينية في مرحلة ما بعد هزيمة عام 1967، والخلاف/الشقاق الأول من نوعه الذي نشب منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 1987، مع منظمة التحرير من خارجها على أساس أيديولوجي ورؤيوي، حين تشكلت حركتا حماس والجهاد الإسلامي، اللتان طرحتا رؤية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي على أساس ديني – باعتباره صراعًا إسلاميًا صهيونياً – في تمايز واضح تمامًا مع الرؤية القومية الوطنية السائدة في منظمة التحرير، وما زال الفصيلان الإسلاميان الرئيسيان يرفضان الانضمام للمنظمة ما لم يتم إعادة بنائها على أسس وطنية جديدة تزاوج بين الآراء وتضع برنامجا وطنيا جامعا بعد فشل مشروع المفاوضات مع إسرائيل، وانتهاء اتفاق أوسلو بسبب سياسات إسرائيل التوسعية والرافضة للاعتراف بالحق الفلسطيني الكامل في الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وكنس الاحتلال وعدوة اللاجئين، كلها صراعات تدل على ان الشعب الفلسطيني لم يتعلم بعد كيف يحول تنوعه إلى رافعة للنهوض بالقضية الفلسطينية بدل تحويله إلى معول هدم لصرح القصية!
(4)
نجد امامنا بريطانيا التي تتحمل كامل المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية عن نكبة فلسطين، ترفض الطلب الفلسطيني: أولا، بالاعتذار عن "وعد بلفور" على اعتباره جريمة بريطانية في حق الشعب الفلسطيني، ما زالت نتائجها المَرَّةَ والمدمرة مستمرة حتى هذه اللحظة. وثانيا، عمل اللازم من اجل إزالة آثار هذه الكارثة التي تسببت بها حين أعطت ما لا تملك: (فلسطين)، لمن لا يستحق، فخلقت أكبر قضية معاصرة ما زالت مفاعيلها تؤتي ثمارها النكدة على مستوى الشرق الأوسط والعالم حتى يومنا هذا.. رفضت بريطانيا هذا الطلب الفلسطيني بكل وقاحة، وزادت عليه أنْ تفاخرت بأنها كانت من وراء ذلك الوعد المشؤوم، وأنها ستدعم إسرائيل التي وُلِدَتْ من رحم ذلك الوعد، بكل قوة في مواجهة من يطلب المساس "بأمنها الوطني!!"... صحيح ان بريطانيا تتحمل الحصة الأكبر من المسؤولية عن ميلاد النكبة الفلسطينية، إلا أن أوروبا كلها تقريبا وبالذات الغربية منها تتحمل هي أيضا المسؤولية عن استمرار هذه النكبة من خلال دعهما اللامحدود لإسرائيل، وتغاضيها عن جرائمها ضد الشعب الفلسطيني وانتهاكها لحقوقه المشروعة والمنصوص عليها في العشرات من القرارات الدولية، وعجزها عن اتخاذ او دعم أي إجراء فعلي عقابي ضد إسرائيل، يمكن ان يضع حدا لمعاناة الشعب الفلسطيني من جهة، ويفتح الباب امام فرصة تحقيقه لأمانيه الوطنية في الاستقلال الناجز وانهاء الاحتلال الكامل..
(5)
نجد امامنا مباشرة "وعودا" جديدة تُضاف إلى "وعد بلفور"، بَشَّرَ بها الرئيس الأمريكي ترامب حكومة نتنياهو، كان نتائجها الأولى (وأوَّلْ الرّقِيص حجلان) كما نقول في امثلتنا العامية، اعترافه بمدينة القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ومن ثم تنفيذه لنقل سفارته فعلا من تل ابيب إلى القدس في الذكرى السبعين لنكبة فلسطين، في إشارة واضحة لإنكار ترامب والغرب للنكبة الفلسطينية، والذي يعدل في نظرنا إنكار الهولوكوست، ليس أقل من ذلك.. هذا الانكار للنكبة الفلسطينية وآثارها الكارثية على الشعب الفلسطيني، وانتهاكها الفاضح لكل المواثيق والأعراف الدولية ذات العلاقة بحقوق الشعوب في الحرية والاستقلال والتخلص من كل أشكال الاحتلال، هذا الانكار يعني استمرار الغرب في غض النظر عن جرائم إسرائيل المستمرة ضد فلسطين وطنا وشعبا ومقدسات ومقدرات، واستمرار استهتارها بالقوانين والقرارات الدولية ذات العلاقة، وتهديدها بذلك للاستقرار والأمن الدوليين..
نجد امامنا وضعا استرخى فيه نتنياهو وترامب إلى أبعد الحدود، فأخذا يرسمان – بكل أريحية - الصورة التي يريدان ل – (الشرق الأوسط الجديد) الذي يتحول فيه العالم العربي بكل إمكاناته وتاريخه إلى مجرد خادم مطيع للإمبراطورية الصهيو – أمريكية الجديدة.. عنوان هذه المرحلة "صفقة القرن" التي يعكف على صياغتها دهاقنة الفكر والسياسية في أوساط المسيحية – الصهيونية، وكُلِّفَ بتنفيذها الثلاثي اليهودي الصهيوني: صهر ترامب جاريد كوشنر، ومبعوثه إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، وسفيره في إسرائيل ديفيد فريدمان، الذين انطلقوا في أداء مهمتهم بكل حماسة واندفاع لا يبالون بشيء من الجهود المتراكمة للرباعية الدولية والأمم المتحدة وحلفاءهم الأوروبيين، او حتى لمبادرة السلام العربية، والتي تصب كلها في مصلحة إسرائيل وتفرط بشكل كبير في الحقوق الدينية والتاريخية والسياسية الثابتة للشعب الفلسطيني في استقلال وطنه فلسطين وإنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين..
(6)
ما زالت ذات اعراض المرض تبدو واضحة على الجسد الفلسطيني النازف، وعلى جميع المستويات. الأول، الدولي المصر على انحيازه لإسرائيل وتأييده لها بلا تحفظ رغم جرائمها وانتهاكها للقانون الدولي في كل ما يتعلق بفلسطين وشعبها، وتجاهله عمليا لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.. الثاني، الإسلامي – العربي الذي ما يزال منذ النكبة وحتى اليوم يعاني من نفس امراضه التي زادت من آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني. وثالثا، الفلسطيني الذي يحتدم فيه الصراع بين الشركاء في المسير والمصير، فتزداد إسرائيل بذلك شراهة في تنفيذ خططها للقضاء على الحق الفلسطيني كاملا، بينما يزداد الشعب الفلسطيني في مقابل ذلك ضعفا وعجزا عن مقارعة الاحتلال الإسرائيلي وهزيمة مشروعه التوسعي..
الوضع دوليا، وعربيا – إسلاميا، وفلسطينيا، يؤكد مجددا انه لا جديد تحت الشمس، فالفلسطينيون هم الفلسطينيون خلافا ونزاعا وصراعا، والإسرائيليون هم الإسرائيليون استفادة من هذا الوضع الفلسطيني لتحقيق المزيد من المكتسبات على حساب فلسطين وشعبها. اما الأنظمة العربية في اغلبها الساحق فتعيش أوضاعا أكثر انحطاطا مما كانت عليه قبل النكبة.. إذا كانت هذه هي الحقيقية، فماذا بقي للشعب الفلسطيني حتى يفهم انه لا بديل امامه إلا الوحدة والاصطفاف والاتفاق على مؤسسات وطنية جامعة، وبرنامج وطني مانع؟! 
 
**** الرئيس السابق للحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني