نشر بتاريخ: 01/07/2018 ( آخر تحديث: 01/07/2018 الساعة: 10:46 )
الكاتب: د. هاني العقاد
رفضت القيادة الفلسطينية اقتراحا امريكا بعقد لقاء يضم الرئيس ابو مازن وكوشنر وعدد من القادة العرب لبحث عملية السلام ...! لكن كل من جاريد كوشنر وجيسون غريمبلات عقدا اجتماعات متتالية واستقبلا بحفاوة في بعض العواصم العربية وجلس القادة العرب معهم لكن ما خرج به فريق ترامب هو رفض القادة العرب للصفقة على الاقل لان الفلسطينيين لم يقبلوا بأي من بنودها ولم يوافقوا على بحث بنودها طالما بدأت بإعلان ترامب بشأن القدس.... المهم ان العرب اكدوا ان الصراع يحل فقط عبر تطبيق مبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية والاممية كمرجعية لحل الدولتين واكد الجميع ان الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية هي الحل الممكن قبوله عربيا، هذا اذا ما كان حقيقة قد حدث يعزز الموقف الفلسطيني الرافض للخطة ويجعله قويا ويغلق الطريق امام أي من الذي يفكرون انهم وكلاء عن الفلسطينيين وكما ويغلق الطريق امام من تحاول واشنطن الوصول اليهم للجلوس على طاولة المفاوضات الصورية التي تفكر واشنطن في عقدها في أي عاصمة قريبا بعد الاعلان عن صفقة القرن.
صفقة القرن باتت مرفوضة عربيا وفلسطينيا ولم تقبلها الامم المتحدة ولا الاتحاد الاوروبي وتواجه عقبات كبيرة وهذا الظاهر اما اسفل الطاولة فالله وحده اعلم وما نخشاه اليوم ان موقف العرب هو موقف هش وموقف تكتيكي اعلامي فقط وبالتالي اخشى ان يستمر الموقف العربي في تعريب صفقة القرن من خلال تحسين بعض بنودها كمحاولة لتجميلها وتقديمها على طبق مفروش بمليارات الدولارات للفلسطينيين على اعتبار ان هذا يفتت الموقف الفلسطيني وهذا ما ستكشفه الايام القادمة... بالرغم من ذلك لا اعتقد ان الموقف العربي قوي وصلب بل واخشى ان رفضهم لصفقة القرن تكتيك او خطة مبنية على اساس ازدواجية في الموقف الى ان يتم تذويب جدار الصد الفلسطيني وبالتالي نجاح واشنطن في اختراق جبهة الرفض الفلسطينية، وما يجعلني اتشكك في ذلك ان موقف واشنطن من العرب لم يتغير ولم تغضب واشنطن من العرب وسوف يستمر استقبال فريق ترامب وكبار الادارة الامريكية، في ذات الوقت فان موقف واشنطن هو موقف عقابي للسلطة الفلسطينية لرفضها الصفقة وتمثل ذلك بوقف المساعدات الامريكية للفلسطينيين واغلاق مكب م. ت. ف في واشنطن. في هذا الخضم اعتقد ان سيناريو واشنطن بعد هذا التركيز للعمل مع العرب وبمساعدتهم لحل ازمات غزة الانسانية بعيدا عن السلطة وبالتالي الوصول لقيادات فلسطينية حتى لو لم تكن في المشهد لتستخدم كسلم للمرور فوق حائط الصد الفلسطيني الكبير وعندها سيتغير الموقف العربي ويعلن الموقف الرسمي من الصفقة.
لنفترض ان كوشنر وغرينبلات والعرب نجحوا الى حد ما في البحث عن شخصيات فلسطينية ما اعتقدت من خلالها واشنطن انها اليوم تستطيع ان تضع يدها في أيدهم للقفز عن الشرعية الفلسطينية واعتقدت واشنطن انها ستحقق الايام القادمة نجاحا كبيرا في طريق تمهيد الاجواء لتطبيق صفقة القرن وحل الصراع على هذا الاساس لان تاريخ المخابرات الامريكية حافل بمثل هذه الخطط في كثير من القضايا المشابهة.
لنفترض ان واشنطن وظفت ملايين الدولارات للالتفاف على الشرعية الفلسطينية فلا اعتقد ان احدا ما من الفلسطينيين يمكن ان يضع كفنه على راحته ويظهر للملء على انه الزعيم الموعود الذي صنعته واشنطن بمكرها وحمته اسرائيل واغناه العرب بأموالهم في المقابل لا اعتقد ان يتجرأ أي فصيل او حزب سياسي العمل مع اي دمى وطنية صنعتها واشنطن لان الصفقة اصبحت في عداد الصفقات المشبوهة والتآمرية والتصفوية ولا يمكن ان يحدث هذا في ظل نجاح الدبلوماسية الفلسطينية والاعلام الرسمي وغير الرسمي في فضحها واسقاطها قبل ان تعلن بنودها لكونها ولدت ميتة بسبب ما سبق ان اعلنه ترامب فيما يتعلق بالقدس لكونه اعتقد انه سيمرر اعلانه بسهولة ودون عقبات تذكر، وما يبقى من الصفقة هو ان يجلس العرب والإسرائيليون على طاولة المفاوضات ليتم تدشين التطبيع الرسمي بينهم بعلاقات دبلوماسية كاملة ووضع الفلسطينيين امام سياسة الامر الواقع.
قد يمضي العرب في التطبيع سراً ويمكن ان يقطعوا شوطا طويلا وهذا لا يفسر الا انه شكل من اشكال التآمر والعمالة ولن يتجرأ العرب للتطبيع علنا طالما لم يحصل الفلسطينيون على حق تقرير المصير ولم تعترف واشنطن بحقهم في اقامة دولتهم على حدود العام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها وليس ابو ديس كما يروج الان، وقد يمضي العرب في العمل بوجهين واحد مع امريكا للتجهز للصفقة والاخر خجلا من شعوبهم واستحياء لعروبتهم ولا اعتقد ان العرب لديهم الجرأة اليوم ليجلسوا مع اسرائيل على طاولة واحدة امام الفضائيات والفلسطينيين مصرون على رفض تلك الصفقة.... نعم قد تحدث لقاءات امريكية مع شخصيات فلسطينية سرا وقد يبرمج شيئا ما من تحت الطاولة لكن اقول ان الفلسطينيين حددوا موقفهم وقرروا مواجهة الصفقة ومواجهة عرابيها وتعرية كل من يعمل مع الامريكان من وراء الستار وهذا سيبقي الامريكان كبقرة الساقية تدور في ذات المكان دون ان تشرب ماء، صفقتهم سقطت ومبادراتهم التصفوية فقط تقبلها اسرائيل علنا وسيمضي الامريكان زمنا اخر وهم يتحينوا الفرصة للإعلان عن الصفقة حتى تتمكن اسرائيل على الارض من تطبيقها فعليا في سياق خطة لإشغال العالم بالصفقة لتستغل اسرائيل الوقت الكاف لإنجاز الصفقة من طرف واحد.