نشر بتاريخ: 19/07/2018 ( آخر تحديث: 19/07/2018 الساعة: 11:49 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
لا تحتاج اللغة العربية إلى قرار من الكنيست الإسرائيلي ومن مجموعة مهاجرين تعلّموا اللغة العبرية حديثا، لكي تكون لغة رسمية. لان معظم الذين صوّتوا على قانون القومية الصهيونية العنصري هم مهاجرون على مراحل ولا تعتبر اللغة العبرية هي اللغة الأم عندهم، وانما جاؤوا من قارات مختلفة وتعلّموا اللغة العبرية في معاهد المهاجرين.فيما لا يحتاج الفلسطينيون الى معاهد لتعلم اللغة العربية فهم يرضعونها من الطبيعة .
الخطر الحقيقي هو أن تندثر اللغة العبرية في أية مرحلة قادمة، وهو خطر غير مستبعد أبدا. لان اللغة العبرية التي تعتبر من اللغات القديمة لا يستخدمها سوى مئات الاف رجال الدين، وهي لغة لا تملك مقوّمات البقاء في الأجيال القادمة، لا من ناحية لغوية ولا من ناحية سكانية. بل إن اسرائيل صرفت مليارات الدولارات لإعادتها الى الحياة دون جدوى، فهي غير مستخدمة سوى في عشرات الأميال غرب نهر الاردن. وقياسا مع اللغات الأقوى في التاريخ مثل الانجليزية والفرنسية والاسبانية والعربية والتركية والفارسية والاوردية، فان اللغة العبرية لا تختلف عن اللغة الهيروغليفية القديمة التي يستفيد منها علماء الاّثار أحيانا في أبحاثهم.
نتانياهو أخذ الصهيونية إلى حتفها. أخذها الى ركن مظلم من أركان العنصرية التي لن يقبلها التاريخ ولن يقبلها ركب الحضارة. وإنما يعزز قناعات الصقور في المنطقة أن اسرائيل لا يمكن الاتفاق معها ولا يمكن توقيع أي اتفاق سلام مع أركانها. ومن خلال إقرار الكنيست قانون القومية العنصرية تدخل المنطقة مرحلة الأبارتهايد، وتفشل محاولات الحمائم اقامة دويلة فلسطينية الى جانب الكيان الصهيوني.
على الصعيد الرسمي هناك غضب كبير في أوساط منظمة التحرير وربما الحكومات العربية. أما على الصعيد الشعبي فلم يكترث الجمهور بهذه القرارات. بل أن تيارا كبيرا من المثقفين سينتهزون الفرصة للدعوة الى عدم المشاركة العربية في انتخابات الكنيست باعتبارها لم تعد ذات جدوى.
كما أن الشعب الفلسطيني واثق من لغته العربية ومن أرضه المرسومة على الخارطة في عقل ووجدان كل طفل يولد. ولن يتأثر الجمهور بهذا القرار، بل سيكون هو الوقود لانتصار الصقور على الحمائم في السنوات المقبلة.
تخيّلوا لو ان مجموعة مهاجرين عرب في إنجلترا تدخل برلمان لندن وتطرح مشروع إعتبار اللغة الانجليزية غير رسمية في بريطانيا!! أو أن المهاجرين في ألمانيا او ايطاليا أو فرنسا أو اسبانيا يعتبرون اللغات الالمانية والايطالية والفرنسية والاسبانية غير رسمية في روما وباريس ومدريد!! هذا ما تفعله اسرائيل حين جاءت تستعمر في قلب الوطن العربي وتعتبر اللغة العربية غير رسمية.
قرار يدعو للضحك والسخرية.