نشر بتاريخ: 14/08/2018 ( آخر تحديث: 14/08/2018 الساعة: 14:15 )
الكاتب: رامي مهداوي
اختتم الصديق الكاتب د.سفيان أبو زايدة احدى مقالاته بالقول "ان الجدال والخلاف فيما بيننا هو اشبه بالاختلاف بين الفصائل الفلسطينية في السجون الاسرائيلية على من يمثل المعتقلين امام سلطات السجن او الخلاف على من يجلس بالقرب من شباك الزنزانه". هذ التشبيه البليغ المؤلم لواقعنا الفلسطيني يلخص العديد من الإنقسامات المختلفة على صعيد الفصائل فيما بينها وبين الفصيل الواحد وبين الإنقسام الجغرافي فيما بيننا كشعب فلسطيني.
غزة تعاني آلام وجراح كثيرة على كافة الأصعدة، ومجدداً أقول علينا التمييز بين غزة وحركة "حماس" وما تقوم به من أفعال على الصعيدين التكتيكي والإستراتيجي، وعلينا أن لا نكون رومانسيين _وساذجيين في بعض الأحيان_ عند النظر لما تقوم به "حماس" من خطوات مدروسة؛ فهي تتقن تحريك الشارع ليس فقط الفلسطيني وإنما العربي، وأيضاً هي تمتلك أوراق لا تمتلكها دول عربية، والأهم من وجهة نظرها العقائدية لا يوجد شيئ تخسره وإنما العكس مطلقاً حتى لو أقامت الصلح مع اسرائيل.
"حماس" تستطيع أن تضع يدها بيد الشيطان وتبرر ذلك بسهولة، بطبيعة الحال أدخلها ذلك المعادلات الدولية أكثر من مرة وعلى أصعدة مختلفة، حتى لو لم تكن"حماس" المعادلة لكنها الجزء الأهم من المعادلة، وعلى سبيل المثال المعادلة الحالية القطرية والتركية.
وهنا علينا الإنتباه، الإنتباه على الضحية الفلسطينية بأشكالها المختلفة على صعيد القضية والواقع الإنساني في قطاع غزة وعلى صعيد بقايا الدولة المتناثرة بالضفة والواقع الإقتصادي، هذه الضحية هي المعادلة غير المرئية بشكل واضح بسبب انعدام الرؤية التي يعاني منها بقايا النظام السياسي الفلسطيني. لهذا غزة تعاني من واقع إنساني لا مثيل له عبر تاريخ النضال الفلسطيني والضفة تعاني بواقع اقتصادي واستيطاني مُدمر؛ بالتالي حال الشارع الفلسطيني بإنتظار حالة الخلاص لأنه تعب وتعب كثيراً جداً...
جمهورية "حماس" الإسلامية ستكون المُخلص للواقع المّر الذي يعاني منه القطاع، هذه الجمهورية ليست دولة بالمفهوم التقليدي والكلاسيكي بالعلوم السياسية، وإنما جمهورية تستند استناد تام على دولة الإحتلال بشكل أساسي وعدد من الدول متمثلة بمصر، قطر، تركيا.
هذه الجمهورية هدفها ادارة الحياة اليومية للقطاع وتحسين ظروف الواقع الإنساني من خلال عدد من المشاريع الإقتصادية وأهمها ميناء برقابة أمنية دولية إسرائيلية وصولاً للسماح للعمال في قطاع غزة للعمل داخل إسرائيل، وما يحدث في الكواليس الأمريكية و اسناد عدد من المؤسسات الدولية من حشد الأموال لهذه الرؤية الذي سيمهد بالفصل التام من الدولة المتناثرة بالضفة لكن على خطوات.
الآن حركة "حماس" تلعب مع إسرائيل "لعبة عض الإصبع" من يصرخ أولا من الوجع يخسر …ليس لأنه صرخ …بل لأنه بطبيعة الحال حرر أصبع خصمه من فمه عندما صرخ فيما بقيت يده في فم خصمه ينهشها كما يشاء. فهل ستتذكر "حماس" بأن فلسطين ليست مجرد غزة؟! وأن غزة ليست مستقلة ومحررة بل تخضع للاحتلال الاسرائيلي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن فلسطين مازالت بين أنياب بني اسرائيل!!