نشر بتاريخ: 17/08/2018 ( آخر تحديث: 17/08/2018 الساعة: 14:37 )
الكاتب: د. هاني العقاد
وصلت المعاناة الفلسطينية في غزة الى الذروة التي معها لم يعد الانسان العادي يستطيع توفير لقمة العيش ولم يعد يستطيع الصبر اكثر من ذلك ولا يطلب حقوقا سياسية ولا وطنية لأنه وصل لمرحلة اكل الخبز اليابس والماء الملوث.. لا يستطيع ان يرفع وجهه في وجه أبنائه المحرومين من المصروف اليومي للمدرسة، ولا يستطيع ان يستمر في الثورة والنضال والمقاومة اكثر من ذلك، فلا جائع يقاوم وينتصر ولا محروم من مساواة في بلده يعتقد ان النصر قادم. حماس لا تريد ان تتدحرج الامور لمواجهة كبيرة تخسر فيها الكثير وتجبر في النهاية على توقيع هدنة طويلة الامد تحت ضربات الاحتلال وتدمير ما تملكه من قوة استراتيجية تحفظ كيانها بين الفصائل الفلسطينية والتفوق الاستراتيجي، لهذا فان حماس تريد ان تنهي ازمات غزة كاملة وتحقق من خلال ذلك مكاسب سياسية واستراتيجية لتبرهن لأبناء الشعب الفلسطيني المناصرين والخصوم انها حققت لهم الكثير اخيراً وصبرهم على الحصار والفقر والجوع والعطش والحرمان كان وقودا لهذا النصر.
مع وصول كل الفصائل الفلسطينية القاهرة ودخول الراعي المصري لمرحلة تجهيز الاتفاق فان الهدنة طويلة الامد باتت قريبة وخاصة ان رئيس المخابرات المصري وصل امس الى تل ابيب ورام الله لوضع اللمسات الاخيرة على اتفاق الهدنة والمصالحة الفلسطينية وبدء مفاوضات بين حماس واسرائيل لصفقة تبادل، ومع هذا التقدم في الحراك من اجل التهدئة طويلة الامد تبرز امامنا اسئلة مشروعة من سيوقع على اتفاق الهدنة والفلسطينيين باتوا طرفين يحشد كل منهما ضد الاخر....؟ وهل ستشمل الهدنة مسيرات العودة والمقاومة الشعبية بغزة ويمنع بعد ذلك حتى التجمهر على الحدود والاحتجاج ...؟ ولا بد من سؤال مشروع اخر هل تكون الهدنة التي يخطط التوصل اليها مقابل تخفيف الحصار ام رفعه بالكامل...؟ واذا كان المعنيون بالأمر يقولون ان رفع الحصار كاملا وتحقيق مكاسب كبيرة لشعبنا... فلماذا نوافق على ربط غزة بميناء الاسماعيلية ومطار العريش..؟ والى متى..؟ ولماذا لا يكون لغزة مطار وميناء تديرهما السلطة الفلسطينية التي ستعود للقطاع ...؟ هل بتنا في الحضن المصري وضمن الاحتلال الإسرائيلي الهدوء لأكثر من 10 سنوات ونفض يديه من ازمات غزة ومسؤوليته عما وصلت اليه والجرائم التي ارتكبها ..؟ . اذا كانت مصر تسعى للوصول الى اتفاق يضمن عودة السلطة الفلسطينية الى غزة دون معارضة من حماس او دون بقاء حماس متنفذة في مقاليد الحياة الادارية والسياسية في القطاع... فلماذا يتم طرح ربط ميناء غزة بالإسماعيلية واعتماد مطار العريش بديلا عن مطار غزة الدولي؟ الا اذا كان هذا اجراء مؤقت على ان تبدأ عمليات اعادة اعمار مطار غزة الدولي وتطوير ميناء غزة فورا ليكون صالحا لاستقبال البضائع والسفر ولا اعتقد ان هذا مطروح في الاتفاق.
ثمن الهدنة طويلة الامد قد لا يكون كبيرا لان ما يدور هو تخفيف الحصار وليس رفعه تماما وربط الاقتصاد الغزي بمصر واعادة الحكومة الفلسطينية لغزة كمرحلة اولى للتهيئة لإعادة اعمار غزة وإدخال البضائع وتنسيق المشاريع الانسانية لغزة وضخ الاموال اللازمة لتحريك العملية الاقتصادية وانشاء المشاريع الضرورية لخفض ازمات غزة فيما يتعلق بالمياه الكهرباء وثمن تلك المشاريع والبحبحة الاقتصادية وادخال الاموال،، قد لا يكون الهدوء ونزع فتيل الانفجار الذي حذر من الكثيرون في غزة الثمن.. واخشى ان يكون ذلك ممرا اوليا واجباريا رسمته كل من امريكا والامم المتحدة واشرفت عليه اسرائيل ومصر كمدخل لصفقة القرن التي هي الان في مرحلة التطبيق الاجرائي بعد ان ضمنت واشنطن اخراج كبري القضايا عن طاولة الصراع وهي القدس واللاجئين التي لن تطرح في أي مفاوضات قادمة.
اذا كانت مصر تركز الان على صفقة رزمة اولوياتها المصالحة الحقيقية كضامن لوقف تهديد اسرائيل بحرب قاسية تهدد على غزة فأنها ستنجح، وهذا ما بات واضحا لان مصر تسعى الى رزمة صفقة متدرجة تتحقق عبر مراحل قسمتها الى اربع مراحل تبدأ بمرحلة المصالحة الفلسطينية والهدنة طويلة الامد وصفقة التبادل والمشاريع الانسانية ولعل المخابرات المصرية لا تعمل لوحدها في هذا الملف الامم المتحدة حاضرة من خلال ميلادينوف وامريكا اعطت الضوء الاخضر لتسيير مركبة المصالحة وتستقر المنطقة وتنتهي ازمات غزة....
وهنا يظهر سؤال كبير ومشروع، هل لهذا علاقة بالمبادرة الامريكية التي تعمل امريكا اليوم على تحسينها ووضع اللمسات الاخيرة لتعلن عنها في القريب العاجل ....؟. مهما كانت العلاقة فلا احد يستطيع استدراج الفلسطينيين للصفقة بهذه الطريقة اذا ما كانت غزة في حضن الشرعية ومن يتحدث في مستقبلها منظمة التحرير وليس حماس او غيرها وبالتالي يكون القول الفصل بيد منظمة التحرير واعتقد ان كافة الاطراف التي تطبخ اليوم تعتقد ان الهدنة طويلة الامد والمصالحة الفلسطينية ورفع الحصار وليس تخفيفه بات المتطلب الرئيس لتعمل أي افكار لأنهاء الصراع، اما الاسس المرجعيات لأي افكار واي حلول لاي مبادرات لن يحددها الا الفلسطينيين وليس غيرهم لان اي مبادرات لا تستند للشرعية الدولية وقرارات الامم والمتحدة ومبادرة السلام العربية غير المعدلة والحقوق المتساوية والدولة المستقلة وعاصمتها القدس على كامل الارض الفلسطينية من ضمنها غزة وحل كامل وشرعي لقضية اللاجئين فان هذا يعني استمرار الصراع ومعه استمرار المقاومة الشعبية التي يجب ان تستمر وتتطور على كافة الاصعدة وبكافة الاشكال في كل الجغرافيا الفلسطينية المحتلة بدءا من غزة حتى جنين مرورا بالقدس ونابلس ورام الله وبيت لحم وطولكرم والخليل وكل المدن والقري الفلسطينية المحاذية للتجمعات الاستيطانية.
[email protected]